العراق: بعقوبة تفقد الحياة.. والأمل!

ترجمة: د. عبد الوهاب حميد رشيد

أصبحت الحياة مزرية بدرجة عالية في محافظة ديالى- شمال بغداد - بعد فترة ممتدة من العنف المتواصل، البطالة وفقدان كافة أشكال الحياة الاعتيادية، وما هو الأسوأ حالياً يتمثل في غياب الأمل بأي قدر من التحسن.

في بعقوبة - عاصمة محافظة ديالى (40 كم شمال شرق بغداد) - فالمسألة كلها محصورة بكيفية البقاء على قيد الحياة، أغلبية الناس تركوا مشروعاتهم وفعالياتهم وأصبحوا سجناء منازلهم في محاولة لضمان سلامتهم، "لم تحقق الحكومة العراقية شيئاً، سوى الموت لهذه المحافظة المنكوبة،" قالها لوكالة IPS هادي عبيد (تاجر عاطل)، وأضاف "إذا بحثت عن الحقوق والعدل فلن تجد سوى الموت."

ذكر أحد المقيمين - لؤي أمير - حيث عاد إلى العراق العام 2004 بعد قضائه ستة عشر عاماً في استراليا - بقوله: لا توجد علامة على الحياة يمكن ملاحظتها: الوجوه شاحبة خالية من ملامح الحياة، والمدينة بائسة خربة ومهجورة." وأضاف: الناس في المدينة "ليس عندهم طموح ولا أحلام، عندما يتقابلون يتبادلون التحية قائلين "ليحفظك الله سالماً."

النقص الحاد للكهرباء، المياه النقية، وفرص العمل، مطالب حياتية ضرورية تقرع ناقوس الخطر، "الناس محرومون من كافة وسائل الحياة في هذه المحافظة، وأنه لأعجوبة أن تستمر حياتهم وسط هذا البحر من الحرمان،" قالها للوكالة عبد الرحمن نعمان - مستخدم في الإدارة العامة للإحصاء، وأضاف: "الناس هنا لا هدف لهم سوى التحرك اليوم لغاية الغد، لكنهم خائفون من الغد لأنهم لا يأملون منه سوى أن يجلب لهم الموت أو الخسارة."

الكثيرون من الناس هربوا من العنف، ولكن أيضاً هربوا من وضع ميئوس منه، حسب المفوضية العليا لشئون اللاجئين - الأمم المتحدة، هرب على الأقل 1.5 مليون عراقي إلى سورية لغايته، ومنهم كثيرون ينتمون إلى محافظة ديالى، "باعوا ممتلكاتهم لضمان حياتهم بعيداً عن الرعب، وأنفقوا مدخراتهم هناك للحفاظ على سلامة أطفالهم،" قالها للوكالة عبد الله محجوب (51 عام) - مدرس ثانوية في بعقوبة.

مع قيادة الولايات المتحدة غزو/ احتلال البلاد في آذار/مارس العام 2003، حلم الناس في هذه المدينة بمستقبل أفضل لهم ولأطفالهم، أما الآن فقد تحولت آمالهم إلى أضغاث أحلام، "حياتهم دُمّرتْ من قبل الاحتلال وحكومتهم الفاسدة، وبلغ الناس نقطة (الصفر)، لم يعد أي شيء يعني أي شيء لحياتهم،" قالها طبيب الأسنان المحلي مظفر الجنابي للوكالة.

"الناس قلقون من انقطاع التيار الكهربائي لأنهم يرون حاجة أطفالهم للإضاءة بغية أداء امتحاناتهم، يبحثون عن الوقود في الشتاء القارص لتشغيل المدفآت التي تعمل بالكيروسين ولسياراتهم،" قالها المزارع المحلي إيمان منصور للوكالة.

"إنهم ضجرون من صعوبة العثور على الأدوية لمرضاهم، وبحاجة ملحّة لإيجاد فرص عمل والحصول عليها، لكن هناك معضلة منع التجول وانتشار المليشيات في كل مكان، كيف يمكن للمواطن أن يخطط لمستقبله في حين أنه محاصر بكافة هذه المشاكل؟"

وبدلاً من الادخار للمستقبل، الناس يبيعون ما متاح لديهم للبقاء آنياً أحياء، بدأ الكثيرون منهم بناء محلات في جزء من منازلهم لتأجيرها وتحقيق دخول بسيطة منها لمعيشتهم، "وهذه المحلات البسيطة جداً هي البديل للمحلات/ الأسواق الكبيرة في مدينة بعقوبة، بعض الناس تركوا محلاتهم في السوق المركزي واستعادوا نشاطهم في هذه المحلات الصغيرة بسبب المليشيات وغياب الأمن،" قالها المقيم المحلي عبد اللطيف فرحان.

البعض ممن يقيمون في منازل واسعة يقومون بتجزئتها إلى قسمين أو ثلاثة للحصول على دخول من الإيجار، الناس يبذلون، بطريقة أو أخرى، كل ما باستطاعتهم للاستفادة من مواردهم لأن العالم خارج مدينتهم لديه القليل مما يمكن عرضه عليهم.

والأغلبية تضع اللوم على حكومة بغداد دُميّة الاحتلال الأمريكي، "تستطيع الحكومة بسهولة أن تحد من معاناة الناس بتوفير الوقود والضروريات الأخرى،" قالها البقال فاضل عبد الله لوكالة IPS، وأضاف: "ولكن بدلاً من ذلك نحن جميعاً مستمرون في معاناتنا. لا يوجد مستقبل لنا."

IRAQ: Baquba Losing Life – And Hope,(Ahmed Ali and Dahr Jamail*) ,urukndt.info, BAQUBA, Feb 27,2008 (IPS).