في ذكرى انفصال المحافظة 19 الكويت عن الوطن..
موسى الكاظم حرر الكويت والدليمي أنقذ جابر وسعد بعد أن تركهم أولادهم وحاشيتهم، وأين قائد الثورة الكويتية الآن؟
المحامي علاء الأعظمي - العراق العظيم – الأعظمية الباسلة
تمر الآن علينا ذكرى أليمة ألا وهي تحالف قوى الشر والعدوان من المعسكر الباغي الصهيوني والأمريكي والأطلسي والرجعي لاقتطاع جزء عزيز علينا وهو الكويت من جسد العراق حيث أن الشعب العراقي واحد من زاخو حتى ميناء الاحمدي.
وكاظمة وهو الاسم الحقيقي للكويت، ليست هينة على أبناء العراق بفراقها، لكن عزاءنا أن كل طفل عراقي أيقن وآمن أن كاظمة والجهراء والفحيحيل هي مدن عراقية رغم أنف دهاقنة ما يسمى بمجلس الأمن ومن الأعراب الذين ساقوا جيوشهم تنفيذا للمخطط الامبريالي والصهيوني لتفتيت العراق.
نستذكر في هذا اليوم ما قام به أبناء الجيش العراقي الغيارى من أبطال الفرقة الأولى التابعة للفيلق الرابع البطل وخاصة الفوج الأول من اللواء الأول الذي سمي على اسم الإمام موسى الكاظم الإمام الثامن لدى الجعفرية من الشيعة وهو أول فوج أسس في الجيش العراقي في 6-1-1921، هذا الفوج هو الذي كان رأس الحربة لتحرير الكويت من براثن آل الصباح في 2-8-1990 حيث أن أغلب منتسبيه من محافظة القادسية ومدينة الديوانية والسماوة والنجف لأنه كان يعسكر في مدينة الديوانية وعندما يساق الجنود للخدمة العسكرية فإن الخطة التعبوية تقضي بأن يخدموا في وحدات قريبة من سكناهم لأسباب اجتماعية ونفسية واقتصادية.
هذه الفرقة الأولى تقدمت من اتجاه الرميلة الجنوبي إلى الكويت تحت نظر دوريات طائرات التجسس "الأواكس" الأمريكية التي كانت تنطلق من قاعدة الظهران في "السعودية" ولم تستطع اكتشاف حركة الأبطال العراقيين إلا وهم يحاصرون قصر السيف في الكويت لإلقاء القبض على حاكم الكويت جابر، ونائبه سعد الذي شتم الماجدات العراقيات، استطاع أحد الخونة ويدعى "ياسر الدليمي" واستبدل اسمه إلى "ياسر الصبيح" أن يهربهم حيث وضعهم في صندوق سيارة خلفي وهرب بهم إلى جنوب الكويت ومن ثم أوصلهم إلى الرياض عاصمة نجد والحجاز بعد أن تركهم أبناؤهم وأحفادهم وحاشيتهم وجنودهم وكتائب المرتزقة إذ كل واحد آنذاك هرب بجلده خوفا من العراقيين أولاد الملحة الأشاوس.
وعندما وصل جابر وسعد إلى الرياض حاولوا التخلص من هذا العميل الذي توارى عن الأنظار لأنه يذكرهم لا بل شاهد عيان على جبنهم وخوفهم إلى أن ظهر أخيرا ومنحته السلطة الكويتية الجنسية الكويتية بعد 17 عاما على فعلته الخيانية فلولاه كما يقول العراقيون لما كان الذي أصبح الآن!!!
هذا العميل منح بعد 17 عاما الجنسية الكويتية وقد لاقى اعتراضات كثيرة هناك ضد منحه الجنسية حتى دافع جابر الخالد وهو وزير داخلية كاظمة عنه فقال "تجنيس المواطن ياسر أحمد براك الصبيح لا شبهة فيه، وهو المشهود له بالوطنية".
وتساءل الخالد رداً على الأخبار التي تحدثت عن عمل الصبيح وشقيقه مع الجيش الشعبي إبان "الغزو العراقي للكويت": "كيف يصح ذلك وهو الذي أخرج بسيارتي الخاصة سمو الأمير الوالد الشيخ سعد العبد الله الصباح ليلة الغزو من مركز القيادة في جيوان إلى نقطة التقاء مع الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد رحمه الله حيث تم التوجه جنوباً".
وأضاف: "عندما كان الصبيح في طريق العودة تعرض لإطلاق نار وأسر وعُذب وسُجن 7 أشهر في السجون العراقية لأنه كان يعمل في الاستخبارات، فهل هذا هو من يعمل مع الجيش الشعبي؟!".
أما الخائن ياسر فيتحدث عن كيفية اعتقاله فيقول "بعد ان قمت بتوصيل سمو الأمير الوالد الشيخ سعد العبد الله أطال الله في عمره عندما كان ولياً للعهد ورئيسا لمجلس الوزراء من مقر القيادة في جيوان إلى قصر دسمان وبسيارة سيدي الشيخ جابر الخالد، عدت إليه مجددا إلى مقر القيادة لأصطحبه ونخرج منها، فتعرضت لإطلاق نار ووجدت أن العراقيين احتلوا القيادة وتم أسري بعد ضربي على وجهي بقاعدة سلاح كلاشنيكوف حيث أغمي علي".
ولنعد إلى الوثائق التاريخية عن ما حدث في 2-8-1990 والذي يسمى يوم النداء وهو يوم تحرير الكويت من براثن آل الصباح ونأخذ هذه المرة من مما يسمى بمجلس الأمة الذي شكل لجنة بعد عام من احتلالها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية،
فقد ذكر تقرير ما تسمى بلجنة تقصي الحقائق البرلمانية مكونة من سبعة أعضاء التي شكلت عام 1995 سرداً تفصيلياً بعدما أحال رئيس مجلس الأمة إلى هذه اللجنة الكتاب المؤرخ 22/11/1992م المقدم من بعض الأعضاء، الذي تضمن أنه نظراً للظروف العصيبة التي مرت بها البلاد منذ الثاني من أغسطس 1990م وما صاحبها من آثار وما خلفته من انعكاسات سلبية واضحة الأثر على المجتمع الكويتي، وتناولت على وجه الخصوص:
1 - الأسباب التي أدت إلى الثاني من أغسطس 1990م.
2 - تحديد مواطن الخلل في مختلف الأجهزة السياسية والعسكرية.
3 - حقيقة الإجراءات التي تم اتخاذها صبيحة ذلك اليوم إزاء الهجوم العراقي على الكويت.
4 - استظهار وجه القصور ومواطن المسؤولية عن أحداث الثاني من أغسطس 1990م.
5 - الخطوات الوقائية التي تم اتخاذها بعد "التحرير" لتفادي تكرار مثل هذه الكارثة.
وعقدت 96 جلسة، تمثل عدد 226.25 ساعة عمل، وتناولت الموضوعات المكلفة بتقصي الحقيقة فيها من ثلاثة جوانب:
1 - الجانب السياسي.
2 - الجانب العسكري.
3 - الجانب المالي.
الجانب السياسي
تدارست اللجنة الوثائق السياسية المتعلقة بيوم النداء، التي قدمتها وزارة الخارجية، كما استمعت الى كل من له صلة بالأحداث من مسؤولين وغير مسؤولين بالإضافة إلى استشارتها للمستشارين السياسيين في المجلس.
أولاً: هل كان العدوان العراقي متوقعاً؟
هل كان بإمكان القيادة السياسية الكويتية توقع ذلك في ضوء المعطيات التالية:
1 - عبارات التحذير التي تضمنتها الخطب والرسائل والبيانات الصادرة عن الحكومة العراقية خلال الأشهر القليلة التي سبقت الثاني من آب مباشرة، وعلى وجه التحديد منذ انعقاد مؤتمر قمة بغداد في أواخر شهر مايو 1990م، وحتى مؤتمر جدة في أواخر شهر يوليو 1990م فبدت التلميحات في كلمة الشهيد صدام حسين في الجلسة المغلقة التي انعقدت بتاريخ 30/5/1990م إذ ذكر: "أنه فمنذ عام 1986م، إن نوعا من الإرباك ساد السوق النفطي، وحصل فيه نوع من عدم الالتزام في قرارات الأوبك، إن سبب هذا الارتباك هو عدم التزام بعض أشقائنا العرب بالذات في مقررات الأوبك عندما أغرق السوق النفطي بما هو فائض عن الحاجة، ولو في الجلد ما فيه يحتمل لتحملنا، ولكنني أقول بأننا وصلنا إلى حال لا نتحمل الضغط، إن المعركة تدار بالجنود، إلا أن الضرر الأكبر يأتي من الانفجارات والقتل ومحاولات الانقلاب، وقد يكون أيضاً بالوسائل الاقتصادية، إنني أقول لمن لا يريد أن يشن حربا على العراق، هذه هي نوع من الحرب على العراق". وقد ذكر راشد عبد العزيز الراشد وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء آنذاك، أمام هذه اللجنة، أنه من خلال مشاركته في قمة بغداد في شهر مايو 1990م، شعر أن هناك فعلاً (مؤامرة) تحاك ضد الكويت وسائر الدول الخليجية، وأن هناك تجنيا على دولة الكويت بالذات، وأضاف أنه لم يكتب بذلك إلى المسؤولين في الكويت، باعتبار أن أصحاب الاختصاص كانوا من المشاركين في اجتماعات القمة، ومن بينهم وزير الخارجية الكويتي، أما هو فقد شارك فيها بصفته وزيراً للدولة لشؤون مجلس الوزراء.
وفي ذكرى ثورة 17-30 تموز المجيدة عام 1990، قال الرئيس الشهيد في خطابه إن السياسة التي يتبعها بعض الحكام العرب هي سياسة أميركية، "إن هذه السياسة خطيرة إلى الحد الذي لا يمكن السكوت عليها، ولقد ألحقت بنا ضررا جسيماً، ولأن العراقيين الذين أصابهم هذا الظلم المتعمد مؤمنون بما فيه الكفاية بحق الدفاع عن حقوقهم وعن النفس، فإنهم لن ينسوا القول المأثور (قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق).
وإذا ما عجز الكلام عن أن يقدمه لأهله ما يحميهم فلا بد من فعل مؤثر يعيد الأمور إلى مجاريها الطبيعية ويعيد الحقوق المغتصبة الى أهلها، ولكن أصحاب السوء هم وحدهم الذين يتحملون أمام الله وأمام الأمة نتائج سيئاتهم، فهم بدلا من أن يكافئوا العراق، غرزوا الخنجر المسموم في الظهر، اللهم ألهمنا الصبر إلى الحد الذي ليس أمام الصابرين غير ما تعتبره مشروعا وصحيحا، يوم يفقد الصبر قدرة التأثير، واللهم اقتل بذور الشر داخل نفوس حامليها، اللهم اشهد إنني قد بلغت".
وكذلك الرسالة التي وجهها السيد طارق عزيز وزير خارجية العراق آنذاك (فك الله أسره) إلى الشاذلي القليبي الأمين العام لجامعة الدول العربية بتاريخ 15/7/1990م، والتي اتهم فيها الكويت بالزحف التدريجي المبرمج باتجاه أرض العراق، وأنها نفذت بالاشتراك مع دولة الإمارات العربية المتحدة عملية مدبرة لإغراق سوق النفط بمزيد من الإنتاج خارج حصتها المقررة في (الأوبك)، مما أدى إلى تدهور أسعار النفط وأنها نصبت منذ عام 1980م منشآت نفطية على الجزء الجنوبي من حقل الرميلة العراقي وصارت تسحب النفط منه، وبعد ذلك تضيف الرسالة: إننا ندين ما فعلته حكومتا الكويت والإمارات بالعدوان المباشر على العراق، أما بالنسبة لحكومة الكويت فإن اعتداءها على العراق هو اعتداء مزدوج، فمن ناحية تعتدي عليه وعلى حقوقه بالتجاوز على أراضينا وحقولنا النفطية وسرقة ثروتنا الوطنية، وأن مثل هذا التصرف هو بمثابة عدوان عسكري، ومن ناحية أخرى تتعمد حكومة الكويت تحقيق انهيار في الاقتصاد العراقي في هذا المرحلة التي يتعرض فيها إلى التهديد الامبريالي الصهيوني الشرس وهو عدوان لا يقل في تأثيره عن العدوان العسكري".
وفي هذه الأثناء حضر الأستاذ الأسير طارق عزيز إلى القاهرة في 16/7/1990م، لتمثيل بلاده في اجتماع وزراء خارجية دول الجامعة العربية وألقى كلمته التي قال فيها (إن بلادنا لن تركع أمامكم، ونساء العراق لن يتحولن إلى بائعات هوى، وأطفالنا لن يحرموا من الحليب).
وفي 19/7/1990م أصدر المجلس الوطني العراقي بيانا دعا فيه ممثلي الشعب العربي وبرلمانات الأمة العربية ليأخذوا دورهم الكامل لإعلاء كلمة الأمة واجتثاث كل المواقف الضعيفة من بعض الحكام الخليجيين الذين دخلوا اللعبة المؤذية للعراق وللأمة العربية.
كما رد العراق 21/7/1990م على مذكرة الحكومة الكويتية المؤرخة 18/7/1990م، وأعاد في هذا الرد المطالب العراقية التي وردت في الرسالة المؤرخة 15/7/1990م، وقالت الحكومة العراقية إن المسؤولين في الحكومة الكويتية، يندهشون اليوم، لأنهم اعتادوا على استغلال سكوتنا وصبرنا طيلة سنوات وسنوات، ونحن نكتم الجرح حرصا منا على الحفاظ على علاقات الأخوة التي لم يحترموها وعلى المصالح القومية العليا التي استهتزأوا بها عمداً، غير أن المسؤولين في حكومة الكويت هم الذين أساءوا إلى هذه المبادئ عندما تعمدوا بأسلوب مخطط ومبرمج وطيلة سنوات الحرب (العراقية-الإيرانية) وبعدها إلحاق الأذى بالعراق والتجاوز على أرضه وحقوقه، ويؤكد ما أثبتناه في رسالتنا في 15/7، من أن السياسة التي اتبعتها حكومة الكويت إنما كانت سياسة أميركية، فالتصريحات الأميركية الأخيرة التي تقول بصراحة أن باستطاعة حكومة الكويت أن تستظل بالقوة الأميركية، وهذا تشجيع لا لبس فيه لحكومة الكويت لكي تمضي في سياستها التي تتعمد العدوان على العراق والأمة العربية.
خالد البحوة سفير دولة الكويت السابق لدى العراق قال من خلال عملية رصد التحرك العسكري على مناطق جنوب العراق باتجاه حدودنا، كانت المعلومات تكاد تكون شبه معلنه بالنسبة للمراقبين في الساحة داخل العراق في تحرك القوات ونقلها من الشمال للجنوب وتكثيفها ثم عملية الدعم اللوجستيكي الضخم جداً للجيش العراقي في هذه المنطقة التي خرجت عن دائرة المناورات، وكانت الدبابات على خط سكة الحديد النازلة من الشمال إلى الجنوب وترى بالعين المجردة ولا تريد عملية استنتاج، وقالت له اللجنة أكدوا لك الأميركان في عمل عسكري، فهل قمت بتبليغ هذا التأكيد، هل وجهت برقية بذلك، وفي البرقيات كان تأكيد أن العراق مقدم على عمل عسكري، أجاب: أنا لم استدع ولم يطلب مني الحضور للكويت، ونعم في برقياتي أكدت على العمل العسكري وخاصة في آخر برقية التي نقلتها عن السفيرة الأميركية "جلاسبي" أن هناك عملا عسكريا.
وعندما سئل (آخر اتصال لك مع القيادة السياسية، الخارجية الكويتية، متى؟) أجاب: آخر برقية يوم الأربعاء، معلومات وردت عن زيادة التحرك العسكري، وكثير من الإشاعات التي كانت تتردد في الأوساط الدبلوماسية عن احتمالات الضربة العسكرية، وكنت أعقب على ربط الموضوع من برقياتي السابقة كتأكيد لما أثارته مثل الأميركية أو ما وصلهم سابقاً من المصادر، كنت اربط الموضوع دعم تصعيد في عملية الإحساس باقتراب العملية العسكرية كان يوم الاربعاء ظهرا ثم بعد التأكد بعثنا بالبرقيات للوزارة حول التحرك العسكري في اتجاه الجنوب في اليوم الفلاني تمرصد القطار الساعة كذا آخر برقية بعثتها يوم الاثنين (وهو 28/7) حول العملية العسكرية، هي السفيرة قابلت الرئيس يوم 25 يوم الجمعة، السبت حاولت أشوفها ما قدرت كان في اتصال تليفوني معها، وقالت لي أنا أمر عليك بالبيت وجاءتني يوم الأحد.
في منتصف شهر يوليو 1990م زار بغداد عدد من الكويتيين بدعوة من وزير الإعلام العراقي الأستاذ الأسير لطيف نصيف جاسم (فك الله أسره) للمشاركة في عيد الثورة وكان من بينهم فيصل بندر الدويش، الذي قال للجنة أنه في لقاء مع وزير الإعلام العراقي ذكر بما يلي: يؤسفنا إخوتي الكويتيين ندخل في حرب مع الكويت، والحرب هذه ليست موجهة لكم يا الشعب الكويتي بقدر ما هي موجهة إلى الحكومة الاستعمارية عندكم، واستخدم الوزير العراقي عبارات تكاد تتفق مع عبارات مذكرة العراق المؤرخة 15/7/1990م الموجهة إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية فقال: "والكويت مع الأسف نتيجة انشغالنا في الحرب زحفت علينا زحفا مبرمجا واحتلت جزءا من أراضينا وأقامت منشآت نفطية وزراعية وعسكرية"، وأن الدويش فور عودته من بغداد، وفي يوم الجمعة الموافق 20/7/1990م، اتصل به ناصر محمد الأحمد وزير الدولة للشؤون الخارجية آنذاك، وذهب فيصل الدويش لمقابلته في منزله في نفس اليوم الساعة السابعة مساءً، وأبلغه بما سمعه في بغداد، وفي يوم السبت 21/7/1990م نقل هذه الأخبار إلى جابر وصباح الأحمد كان آنذاك وزيرا للخارجية، كما نقلها في اليوم ذاته إلى سعد ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء بحضور وزير الداخلية، وكان مما قاله فيصل الدويش في هذه اللقاءات عن تقييمه للوضع:
والله تقييمي احتمالين، الاحتمال الأول.. من الأرض ما استطاع، لأنه شخص.. ما له خط رجعه لكم، والاحتمال الثاني وعندي الاحتمال الأول أرجح ابتزاز، لكن طال عمرك الوضع في منتهى الخطورة، وأنا أفضل أنك تستعين بأصدقائك ما استطعت.. والكويت ترى إذا عرف صدام أنها ما هي بلقمة سايغة، يبي يحسب ألف حساب، كما ذكر جزءا من حديثه مع صباح الأحمد في يوم الأربعاء 1/8/1990م: يا صباح، البلد سوف يضيع، قال لي ليه؟ قلت، يا طويل العمر!!! على حدودك حسب وكالة الأنباء واللي جايين ما بين 35 ومائة ألف عسكري يتأهبون لدخول البلد، وكان رد وزير الخارجية: ما فيه أمر مقلق، وأن السفارة الكويتية لدى العراق، استدعت عدنان الراشد عضو جمعية الصحافيين الكويتية، والذي كان مرافقا للكويتيين إلى بغداد، وحصلت منه على جميع المعلومات التي تدور حول موقف العراق تجاه الكويت في هذه الفترة، وأن السفارة نقلت بدورها هذه المعلومات إلى ناصر محمد الأحمد وزير الدولة للشؤون الخارجية، وتم ذلك قبل عودتهم إلى الكويت.
كما أفاد مشاري العصيمي أنه عند عودته إلى الكويت (وكان من بين من سافر إلى بغداد) نقل هذه الأنباء إلى سعد ولي العهد، وكان مما ذكره له: "إن هذه التهديدات يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار لسبب رئيسي لأن الوضع الاقتصادي في العراق سيء جداً، كما أفاد أحمد البزيع أنه فور عودته إلى الكويت، سعى إلى لقاء سعد ونقل إليه تلك الأنباء، وقال له: "أنا علمتك والواحد برأ ذمته!!!". وأفاد عبد الرحمن سالم العتيقي، مستشار جابر، أنه خرج من الكويت يوم 22/6/1990م وأنه عند التهديد الذي أعلنه صدام حسين في خطابه بتاريخ 17/7/1990م كان في الأردن، وعاد إلى الكويت وقابل جابر، وعندما استفسر منه سموه بما عنده، أجاب: والله طويل العمر أنا أعتقد أن صدام جاي لنا، الكلام ماله تهديد للكويت، وأنا كمواطن عادي بغض النظر عن منصبي، الخطاب واضح وصريح، الرجل جاي، يقول قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق.
وأفاد طارق رزوقي سفير الكويت في باريس أن المخابرات الفرنسية أخبرته في يوم الاثنين 30/7/1990م، أن الحشود العراقية يزداد عددها وأنه من المحتمل أن تقوم بعملية، وأنه لا يمكن تركها في مواقعها الحالية فإما أن تتحرك وترجع إلى الوراء وإما أن تتقدم إلى الأمام، وأضاف السفير أنه حضر إلى الكويت ونقل هذه المعلومات إلى سعد، كما ذكر سعود الصباح سفير الكويت السابق لدى الولايات المتحدة الأميركية (أبو نيرة، صاحبة كذبة الحاضنات في الكونغرس الامريكي): كنت على اتصال دائم مع وزارة الخارجية الأميركية، مع وكالة الاستخبارات الأميركية، مع البيت الأبيض ومع وزارة الدفاع حول هذه الأمور وأقولها بكل أمانة بأن جميع هذه الاجهزة كانوا يطلعوني أولاً بأول بكل ما يحدث من تصعيد ومن حشود عراقية على الحدود التي تلت تقديم هذه المذكرة، وكنت على اتصال دائم مع حكومتي في هذا الموضوع. ويضيف عبد الله يوسف الغنيم الذي كان آنذاك وزيرا للتربية: وفي نفس الفترة – يوليو 1990م – توالت البرقيات من سفارات الكويت بالخارج وكان هناك إشارات لوجود حشود واحتمال قيام العراق بعمل عسكري وذكر سليمان ماجد الشاهين وكيل وزارة الخارجية انه: في آخر زيارة صباح الأحمد وزير الخارجية لبغداد في 18 فبراير 1990م وأثناء غداء دعا إليه الأستاذ طارق عزيز، كان بجانبه (أي بجانب وزير الخارجية الكويتي) الأستاذ سمير الشيخلي وزير الداخلية العراقي آنذاك، وجرى الحديث حول موضوع الحدود، فقال الأستاذ سمير: ما بيننا وبين الكويت إلا كل خير، لكن نأخذ على البكر أبو الجيش وأبو الثورة، نأخذ عليه نقطة سوداء في تاريخه، هو أن وقع معاكم اتفاقية.
مجمل العلاقات الكويتية العراقية:
تقول اللجنة أنه يمكن القول أن مشكلة ترسيم الحدود هي التي كانت تحكم العلاقات بين الكويت والعراق، فتصريح المرحوم مرتضى سعيد عبد الباقي، وزير خارجية العراق في 1973م بأن: كل الكويت أرض متنازع عليها، هناك وثيقة تقول أن الكويت أرض عراقية، ولكن لا توجد هناك أي وثيقة تقول أنها ليست أرضا عراقية، نحن لا نأخذهما (جزيرتي وربة وبوبيان) من الكويت، ولكننا نتخلى عن الكويت من أجل الجزيرتين.
في أواخر نوفمبر سنة 1922م وجه "السير بيرسي كوكس" المندوب السامي البريطاني في العراق الدعوة إلى العراق والكويت ونجد لعقد مؤتمر في العقير، ومثل الكويت في هذا المؤتمر المعتمد البريطاني "السير مور"، وكان الموضوع الأساسي للمؤتمر تحديد الحدود بين الدول الثلاث، وبدأت لأول مرة مطالبة العراق بالكويت عام 1937م، فقد بدأت في ذلك العام إذاعة موجهة من القصر الملكي في بغداد (قصور الزهور) تشن حملة دعائية ضد الكويت، كما أوردت بعض الصحف العراقية نبأ عزم العراق على ضم الكويت، وأن الملك غازي أصدر أوامره بهذا الخصوص.
وفي سنة 1961م، أعلن الرئيس العراقي عبد الكريم قاسم في مؤتمر صحافي في بغداد بتاريخ 25/6/1961م أن الكويت جزء من العراق، وهدد باستخدام القوة، لذلك استعان حاكم الكويت (الشيخ عبد الله السالم) ببريطانيا لتنفيذ بنود معاهدة الصداقة المبرمة بين البلدين، واستجابة لهذا الطلب، التزاما ببنود معاهدتها ووعودها للكويت، وأعلنت الحكومة البريطانية في 30/6/1961م أنها في طريقها لاتخاذ بعض التدابير الوقائية، وبناء على ذلك تحركت عدة سفن بريطانية وحاملات القوات والطيران الجوي تجاه الكويت، وفي 1/7/1961م نزل 600 جندي بريطاني في الكويت، وانتشروا على طول الحدود مع العراق، وقد بلغ أقصى عدد للقوات البريطانية المرابطة في الكويت ما يقارب 5000 جندي بالإضافة إلى 2000 جندي "سعودي".
ورغم تحديد الحدود بموجب الاتفاقيات المذكورة، فقد ظل ترسيم الحدود عالقا بين الدولتين، مع مطالبة العراق تارة بجزيرة (وربة) (1951م) وتارة بجزيرتي (وربة وبوبيان) (1952م)، وتارة بجزيرة (وربة) ومنطقة ساحلية بعمق أربعة كيلومترات مقابل مد الكويت بالمياه العذبة من شط العرب (1954م)، ومع قرب مغادرة بريطانيا منطقة الخليج العربي في نهاية الستينات ازدادت العلاقات العراقية الإيرانية سوءا حول قضية شط العرب، واستخدم العراق مزيجا من الاقناع والضغط على الكويت لوضع قواته في المناطق الكويتية كجزء من قوة عسكرية لحماية ميناء أم قصر من هجوم إيراني وشيك، وخلال زيارة وزيري الداخلية والدفاع العراقيين للكويت في شهر أبريل سنة1969م أذن الكويتيون ضمنا بوضع القوات العراقية داخل الأراضي الكويتية، ومنذ ذلك الحين أكد العراق بأنه قد تم التوصل إلى اتفاق غير مدون والذي كان في جوهره أسلوبا تنفيذيا أو أمرا واقعا، واستمر هذا الوجود المؤقت للقوات العراقية حتى بعدما هدأت التهديدات الإيرانية، ورفض العراق الاعتراف بأن (وربة) جزيرة كويتية، وطلب أن تتقاسم الكويت والعراق جزيرة (بوبيان)، وأن يكون للعراق قواعد وتسهيلات في الخليج وبالذات في جزيرة (فيلكا).
وفي زيارة لصباح الاحمد وزير الخارجية لبغداد في 18-2-1990، عرض عليه المرحوم سعدون حمادي نائب رئيس الوزراء العراقي مقترحين، أحدهما باسم (المقترح التعاوني) حيث تنص المادة السادسة منه على أن قرارات مجلس الدفاع المشترك (الذي يتكون من وزراء الخارجية والدفاع للدولتين) يكون ملزما لهما، و الثاني باسم (المقترح الأمني) وتعهد وزير الخارجية الكويتي أنه بعد الانتهاء من ترسيم الحدود، بالبحث في كل ما يسهل للعراق أمره فيما يتعلق بالبحر.
وعندما سئل عبد الرحمن العوضي وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء آنذاك عما إذا كان مجلس الوزراء قد عقد جلسة تساءل فيها الأعضاء عن مبررات الحشود العسكرية، أجاب: "تساءلنا، وتناقشنا بشكل تفصيلي يوم الأحد لدرجة ما كنا نعتقد أن هذا سوف يهاجم، هناك تساؤل لكن أستبعد أنه يهاجم، إن هذا من ضمن تهديدات صدام العادية لنا، بدأها بخطاب، وبالتالي ما كان نتوقع اأه يهجم، للضغط عليها".
وأكد سعد أمام اللجنة: "أنا راح اقول لك الانطباع اللي كان عندي أنا، أنه إذا حصل هجوم عراقي فقط فيكون محدود في أماكن معينة بأحد حقول نفط في الرتقة، يزيد ويحتل جزيرة (بوبيان) إنما ما تصورت في بالي بأنه سيحتل الكويت، وأنا قلت أكثر شيء هو بيعمله أنه يعسكر هناك ويساوم"، "احنا كل الانطباع عندنا انه نوع من حرب الاعصاب والنرفزة للكويت".
ويضيف سموه أنه عندما بلغه نبأ اختراق القوات العراقية الحدود الكويتية من قبل وزير الدفاع (الشيخ نواف)، اتجه إلى غرفة العمليات، وظل الحاضرون في هذا الاجتماع يتابعون (عن طريق الأجهزة سير القوات العراقية، سرعة دخول القوات العراقية تعدت النقاط التي كنت أنا أتوقع أن يتوقفوا عندها، وعندما وصلت قالوا أن القوات العراقية متجهة إلى الجهراء، قلت ترى المكان هذا ساقط، ننتقل الآن إلى مقر الدفاع الجوي أو نروح قصر الشعب).
وقد تأسست حكومة كويتية مؤقتة برئاسة العقيد علاء حسين جبر الخفاجي الذي حكمت عليه المحاكم الكويتية بالمؤيد بعد مؤامرة شاركت بها الحكومة النرويجية من خلال زوجته النرويجية لاستدراجه الكويت وضمت كل من يعقوب الشلال وزيرا للكهرباء ومشعل سعد الهدب وزيرا للصحة والإسكان (توفي في بغداد بسبب إصابته بمرض عضال) ووليد سعود وزيرا للخارجية وفؤاد حسين وزيرا للنفط والمالية وفاضل حيدر الوثيقي وزيرا للإعلام والمواصلات وحسين الشمري وزيرا للشؤون الاجتماعية وناصر المنديل وزيرا للتربية وعصام عبد المجيد حسين وزيرا للعدل.
وللحديث بقية..