يوميات معركة الحواسم ( اليوم الأول 19 آذار - مارس 2003 )

لكي لا ننسى:- لماذا ضربت قوات العلوج بستان الدورة ومن هم الخونة الذين ابلغوا عن مكان  الرئيس صدام وولديه وماذا جرى في اليوم الأول من معارك؟

المحامي علاء الاعظمي / العراق العظيم – الاعظمية الباسلة

قليل من العراقيين والعرب الشرفاء الذين لا يزالون يذكرون اسم (الحواسم)  وهو الاسم الذي أطلق على أكبر مواجهة عسكرية على مر التاريخ، كان للعراقيين شرف المنازلة بها ضد 38 جيشاً من كل دول العالم، ورغم محولة الإعلام الغربي طمس هذه التسمية وإطلاقها على السراق واللصوص بعد الغزو الصليبي – اليهودي – الفارسي، إلا أن اسم (الحواسم) بقي يقلق الإمبريالية والصهيونية وعملائهم في كل بقاع الأرض، حيث يشير إلى شعب من (شعوب العالم الثالث) وبعد حصار دام 13 عاماً منع عنه أي مادة بسيطة من مستلزمات الإنتاج والقتال، وبعد حربين ضروسين كانت إحداها حرباً بالنيابة خاضها الفرس ضد العراق، إلا أن هذا البلد استطاع أن يقف بوجه أعتى إمبريالية مسلحة بكل معدات الشر والقتل والدمار، ورغم مضي 5 سنوات على أول يوم من العدوان، إلا أن أي جندي أمريكي أو من المشاركين معهم لن يجرؤ أن يسير في أي شارع من شوارع العراق، وبات القادة الأمريكيون وعلى رأسهم المجرم بوش لا يعلنون عن موعد زيارتهم لقواتهم الغازية للعراق، وينامون في بلدات مجاورة أو في صحراء قاحلة، أو عربة سيارة مثلما فعل المجرم "ديك شيني" عند زيارته قبل أيام.

واليوم نحاول أن نبدأ في مشروع لتوثيق أحداث الأيام الأولى للغزو الامبريالي – الصهيوني حتى لا نفقد ذاكرتنا ويعتب علينا محبينا ومحبي العراق من أننا لم نسلط الضوء على البطولات الجسام لأبناء العراق البررة ويهم يتصدون لأقوى جيوش العالم.

في الساعة الثانية والدقيقة الثامنة والثلاثين تلقت طائرتا (شبح أف 117) يقودهما الطيرانان المقدم ديفيد تومي والرائد مارك من السرب الثامن المقاتل أمراً لضرب بستان زراعي في منطقة الدورة، قال الجنرال ريتشارد مايرز رئيس الأركان المشتركة الأمريكية أن "سي آي أي" قد أبلغته أن الرئيس صدام حسين وولديه عدي وقصي (رحمهم الله) متواجدين فيه، وادعى أن "تنت" أبلغه أن ثلاثة من الحماية الخاصة لعائلة الرئيس العراقي هم الذين أبلغوا "سي آي أي"!! فأسقطت الطائرتان اللتان انطلقتا من الكويت  في الساعة الخامسة والدقيقة السادسة والثلاثين أي في الضياء الأخير أربعة قنابل زنة الواحدة منها 909 كيلوغراما، فيما ذكرت مصادر أخرى أنه تم إرسال طائرة (ب 1) ويبلغ سعرها ملياري دولار وتحمل 24 صاروخاً من نوع (jdam) الذكية، وزن الواحد 455 باوند، واثنا عشر صاروخا من نوع (egbu-27) أو ثلاثين من نوع (wcmd) انطلقت من قاعدة (دييغوغارسيا) في المحيط الهندي، لتنفيذ هذا الواجب، وحين حصلت الضربة  على هذا البستان الذي هو ملك للسيدة رغد صدام حسين ولم يزره الرئيس أبداً كان من بين القتلى في المنزل أحد الأدلاء أما الاثنان الباقيان فقد هربا.

ويعلق على ذلك المهندس معن باسم عجاج حيث يقول "أن قلة من أبناء الشعب العراقي بدأوا يدركون أنه قد تم قرع طبول الحرب، على أوسع ما يكون، ففي الأول من آذار/مارس عام 2003 أي قبل أن يبدأ سقوط أولى الصواريخ الأمريكية على سكن عائلة الرئيس السابق صدام حسين الواقع في منطقة الدورة في الحي الجنوبي من العاصمة، بعد ثلاث أسابيع بالتمام والكمال من ذلك اليوم كان إصرار مفتشي الأمم المتحدة على تدمير صواريخ الصمود (الصمود اثنان)، يؤكد أن قرار الحرب قد تم اتخاذه بصورة نهائية، لأن هذه الصواريخ ليست من تلك المشمولة بقرارات الأمم المتحدة ذات المديات البعيدة، أي أن مداها يتراوح بين 100-150 كلم وهي أخر سلاح تبقى في الترسانة العراقية التي خضعت للتفتيش والتدمير ابتداء من عام 1991 حتى السادس عشر من كانون أول/ديسمبر عام 1998، ثم استأنفت تلك اللجان نشاطها في العراق بعد قبول الحكومة العراقية القرار رقم (1441) الذي تبناه مجلس الأمن في الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر 2002، وأعلن قبوله في الثالث عشر من تشرين الثاني/نوفمبر وأجرت فرق التفتيش مسحاً سريعاً وشاملاً على جميع المواقع العراقية، مستخدمة الطائرات المروحية وبصلاحيات مطلقة، منطلقة من الأراضي التركية أو الأراضي السعودية، ومن الواضح أن عمليات التفتيش تلك كانت تهدف إلى تحقيق أربعة أهداف رئيسية:

الأول: التأكد من أن العراق لم يتمكن من إنتاج أسلحة جديدة خلال الفترة التي غادرت فيها لجان المفتشين العراق في السادس عشر من كانون الأول/ديسمبر عام 1998.

 

الثاني: الحصول على أحدث الخرائط التفصيلية للمواقع الرئاسية والمعسكرات ومقرات الأجهزة الأمنية، التي ستكون أهدافا رئيسية خلال حرب الولايات المتحدة على العراق، كما أن الإدارة الأمريكية والجهات المتخصصة في وكالة المخابرات المركزية وفي "البنتاغون" تحتاج إلى مطابقتها مع ما لديها من خرائط قديمة جاءت بها لجان التفتيش السابقة، إضافة إلى ما توفره الأقمار الاصطناعية المنتشرة في سماء العراق لهذا الغرض، ففي منتصف أيلول/سبتمبر من عام 2002، أي قبل ستة أشهر من بداية الحرب، بدأت قافلة من أقمار التجسس تجوب فضاء العراق على مدار 24 ساعة في اليوم، ويقود هذه المجموعة قمر (ميستي) وكانت قد أطلقت هذه المجموعة المؤلفة من ستة أقمار وكالة (ناسا) ويسير قمر (ميستي) على ارتفاع يزيد عن السبعمائة كيلومتراً، ويحمل أجهزة ومعدات ومختبرات تزن 15 طناً، وهذا القمر انطلق أول مرة مطلع عام 1992، ويعتقد أنه تخصيص بالتجسس على العراق والدول المحيطة به، وهذه الأقمار هي (لاكروس 4) وقمر (كيهول 11) إضافة إلى ثلاث أقمار أخرى ترافق قمر (لاكروس 4) وتقول معلومات "البنتاغون" أن هذا القمر يتمكن من تمييز حجم البيضة في الصين.

رغم الحملات الدعائية الواسعة التي خصصتها الإدارة الأمريكية للحديث عن قدراتها الفائقة في السيطرة على أدق ما موجود من تفاصيل على سطح الأرض، إلا أن مخاوفها ظلت قائمة من احتمالات التمويه التي قد تستخدمها القيادة العراقية، على أقمار التجسس التي تجوب سماء العراق لذلك أصر المسؤولون على مطابقة ما لديهم من معلومات وصور ووثائق.

 

الثالث: التأكد من خلو المنطقة الصحراوية العراقية من أية صواريخ بعيدة المدى يمكن إطلاقها على "اسرائيل" في حال نشوب الحرب أو دول الخليج كما حصل في عام 1991، وتمتد هذه المنطقة من جنوب الموصل في شمال حتى أم قصر قرب الحدود الكويتية في الجنوب.

ولم يكن بالإمكان التأكد من ذلك إلا من خلال الزوايا التالية:

أ ‌- إجراء مسوحات شاملة في الأراضي العراقية.

ب ‌- التأكد من عدم وجود منصات لإطلاق هذه الصواريخ.

ت ‌- التأكد من عدم تصنيع مثل هذه المنصات داخل العراق.

حيث تم التأكيد على صواريخ (الصمود اثنان) لتدميرها مع القوالب والمعدات، وقواعد الإطلاق، وتم تدمير أخر مجموعة من هذه الصواريخ بتاريخ السادس عشر من آذار/مارس أي قبل بدء الحرب باثنتين وسبعين ساعة.

 

الرابع: أن تدمير هذا النوع من الصواريخ والذي تم أمام وسائل الإعلام العربية والأجنبية بقدر ما أعطى طمأنينة للقوات الأمريكية والبريطانية المحتشدة قرب الحدود العراقية في الكويت.

 

في تلك الأيام انقسم العراقيين على أنفسهم، منهم من وجد في النشاطات الواسعة والمحمومة للجان التفتيش الجديدة المنقذ الذي سيقول للعالم ها هو العراق فتشناه من أقصاه إلى أقصاه ولم نعثر على السلاح الذي تريده أمريكا مسوغاً لشن الحرب، ومنهم من رأى في تلك اللجان مجرد أداة بيد الولايات المتحدة للتأكد من أي ألغام قد تعرقل حربها.

في يوم 20 آذار/مارس 2003 اشتد أوار المعركة حيث بدأ العدو يضرب بعنف كل المرافق الاقتصادية والعسكرية، مستخدما كافة أسلحته الجوية، حيث شنت 1500 طائرة هجومها على بغداد مثل طائرات (بي1 وبي2 وبي52) اللواتي تنطلق من قواعد قرب لندن مثل (هاي فورد العلي) و(وايتمن) الجوية في ميسوري الأمريكية و(أف16) و(أف18 سي – دي) و(أف 18 أي) و(أف 15) بأنواعها الثلاث و(أي 10) و(أف 117) الشبح و(أي في - 8 بي) و(أي سي 130) وشاركها الطيران الحربي الانكليزي وهو (تورنادو أف 3) ونوع (جي آر 4) (وجاكوار) و(هارير) وطائرات الاستطلاع والدعم (يو 2) و(آر سي 135) و(كلوبال هوك) و(براديتور) و(هانتر) و(بي3) و(أه بي 3) و(أي تو) و(أي 8) و(أي 3) و(أي سي 130) و(آر سي 12) و(إي أي 6 بي) و(كاي سي 135) و(كاي سي 10) و(في سي 10) و(سي 5) والبريطانية (سي 17) و(سي 130) التي تنطلق من حاملات الطائرات ومن أكثر من ثلاثين قاعدة جوية في الخليج العربي والبحر الأبيض المتوسط وتركيا، كما أطلقت المدمرة (يو أس أس ماكين) وغواصات الهجوم (يو أس أس كولومبيا) و(برفيدنس) وغواصات بريطانية (تربيولانت وسبلانديد) 600 صاروخا من نوع (كروز توماهوك) على بغداد لوحدها كانت 500 صاروخ من السفن البحرية وحاملات الطائرات الخمسة الراسية في البحرين والموانيء السعودية والكويتية و100 من قاذفات القنابل وقد لجأت القوات العراقية إلى إشعال خنادق من النار كانت القوات الأمريكية قد أعلنت أن العراق أحرق سبعة آبار نفطية والحقيقة هي لتوليد الدخان الذي يؤثر على أجهزة التصوير في مقدمات هذه الصواريخ وهو اكتشاف عراقي بحت فتعد هذه الأهداف أهدافاً مضروبة فتحول مساراتها إلى أماكن أخرى وقد شهد نهر دجلة في وسط بغداد سقوط العديد من هذه الصواريخ التي يصل مداها إلى ألفين وخمسمائة وتسعين كيلومترا ووزن الواحد منها 1455 باوند.

وقد قام العدو الأمريكي في اليوم الأول للعدوان بضرب قناة (العراق) الفضائية في الأعظمية وجريدة (القادسية) في الكرادة لغرض عدم إيصال الحقائق للعالم عما يجري من جرائم بحق العراقيين وأنباء الانتصارات التي سطرها العراقيون الأباة.

أما على الجبهة العراقية فأن رجال الجو الشجعان كانوا بالمرصاد لصواريخ (توماهوك) فأسقطوا العديد منها قبل أن تصل إلى أهدافها، كما أسقطوا عدد من الطائرات المهاجمة، فيما لجأ العدو إلى حيلة وهي إطلاق طائرتان قديمتان من نوع (بريداتور) مجردتان من الإلكترونيات الحديثة فوق بغداد مع طائرات مسيرة بدون طيار من طراز (uav) لتثير أي رادارات عراقية لغرض إرسال طائرات الشبح (سي 117) لضربها.

وقرر الرئيس صدام حسين بمنح مكافأة لكل عراقي مقاتل شهم يقوم بإسقاط طائرة مقاتلة معادية مبلغ مائة مليون دينار، ولمن يسقط طائرة سمتية مبلغ خمسين مليون دينار، ومن يأسر جندياً معادياً خمسين مليون دينار، ومن يقتل جندي معادي خمسة وعشرين مليون دينار، ومن يسقط صاروخاً معادياً عشرة ملايين دينار، ومن يأسر طياراً خمسون مليون دينار/ ومن يقتله خمسة وعشرون مليون دينار.

وتصدى المتطوعون العراقيون لأحد أرتال العدو في منطقة غربي الناصرية مما عاد القهقري، ثم قام رتل آخر لغزو المدينة من تجاه سوق الشيوخ بعد أن سلك الطريق الستراتيجي لنقل النفط الخام فتصدى له مقاتلوا الفرقة 11 قوات المقداد، ودارت معركة شرسة بين الطرفي تكبد بها العدو خسائر فادحة بالأرواح والمعدات، وعند أحد الجسور على نهر الفرات كانت القوات العراقية تستخدم دبابات (تي 64) بينما يستخدم العدو مدرعات (2-69) واستمر القتال لمدة ساعتين بعد أن أمر القائد "اللواء بلونت" من الفيلق الخامس الذي يقوده الفريق "وليام سكوت ولاس" بتشكيل أربعة محاور أرضية  شاركت فيها خمسة آلاف مركبة وعشرين ألف جندي نظامي عدا المرتزقة، حيث قسم فرقه المناورة البالغة (تسع مدرعة وواحدة مشاة) وكان قد درب قواته طيلة عام 2002 وبداية عام 2003 على خرق الحدود العراقية، شنت مروحيات الأباتشي من الفرقة الرابعة الأمريكية على أحد عشر مخفرا عراقيا أماميا على الحدود مع الكويت، واستخدام ثلاثمائة مدفع من عيار 155 ملم وقذائف (هلفاير) و(سادارم) التي تستخدم للمرة الأولى في هذه الحرب لتتقدم الفرقة الأمريكية الأولى "مارينز التي دمجها الجنرال زيني القائد الأمريكي قبل الجنرال فرانكس مع الجيش الثالث في الكويت لتكون جزءا من القوات البرية المشتركة، والفرقة الثانية عبر عشرة ممرات فيما شاركت بالتوغل في الوجبة الثانية، الفرقة الثالثة وفرقة الفرسان السابعة ليلتقيا عند قاعدة الإمام علي بن أبي طالب الجوية في منطقة تل اللحم.

 

الموقف السياسي

في هذا اليوم وعلى الصعيد السياسي الدولي، حمل الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان الولايات المتحدة وبريطانيا أمس بموجب القانون الدولي المسؤولية الكبرى لحماية المدنيين العراقيين، وفي نيويورك أيضا أعرب كبير مفتشي الأمم المتحدة في العراق "هانس بليكس" عن أسفه لعدم منح فرق التفتيش مزيدا من الوقت لانجاز عملهم، أما وزير الخارجية الفرنسي "دومينيك دو فيلبان" فأكد أمام مجلس الأمن أن هجوما أميركيا على العراق قد يزيد الشروخ التي يتغذى منها الإرهابيون!!!!!!!!!!!.

وأضاف نقول لكل الذين يعتقدون أنه من خلال حالة العراق سيتم القضاء على آفة الإرهاب، أنهم قد يخطئون هدفهم، موضحا إن استخدام القوة في هذه المنطقة التي تعاني عدم استقرار كبير سيزيد التوتر والشروخ التي يتغذى منها الإرهابيون.

وأكد وزير الخارجية الروسي "ايغور ايفانوف" مجددا معارضة بلاده للحرب، معبرا عن أمله في أن تكون عمليات التفتيش الدولية علقت فقط، ولم تنته بعد رحيل المفتشين عن بغداد. وقال "ايفانوف" خلال مناقشات في مجلس الأمن الدولي لا شك أن المفتشين قادرون على انجاز مهمتهم بنجاح في مهل معقولة.

وتبنى مجلس العموم البريطاني مذكرة الحكومة البريطانية التي تجيز استخدام القوة ضد العراق بـ 412 صوتا من أصل 659 ولكن صوت ضدها 149 نائبا من "حزب العمال".

وأكد المستشار الألماني "غيرهارد شرودر" من جهته أن الجنود الألمان المنتشرين في تركيا والكويت لن يشاركوا في الحرب ضد العراق ورفض دعوات المعارضة بمنح الجنود تفويضا جديدا.

وأعلن مسؤول كبير في الحكومة الألمانية أن الدول الـ 15 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تعمل على صياغة إعلان مشترك حول العراق تصدره قمة بروكسل الأوروبية المقرر عقدها في ذلك اليوم، معتبرا أن ذلك سيكون في مصلحة الجميع.

[email protected]