لعل رسالة أربيل وصلت أبناء الشيخ زايد؟

الدكتور أحمد عبد السلام - كاتب وباحث

حدثني صديق، أثق بمعلوماته، كان يعمل دبلوماسياً عراقياً في مطلع الثمانينات بدولة الإمارات العربية في حديث ودي تجاذبنا فيه أطراف الحديث عن الموقف الرسمي العربي من احتلال العراق، قال إن سفير العراق في أبو ظبي جاءته توجيهات مباشرة من الرئيس العراقي الراحل الشهيد صدام حسين في مطلع الثمانينات وبعد مرور مدة على اندلاع الحرب الإيرانية-العراقية بنقل رسالة شخصية إلى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الإمارات، الرسالة تتضمن معلومات سرية حصلت عليها المخابرات العراقية مفادها أن أحد المقربين من الشيخ زايد قام بدور الوساطة لشراء أسلحة إلى إيران وأن الباخرة التي حملت تلك الأسلحة ترسو في أحد موانئ الإمارات.

وجاء في المعلومات تفاصيل عن تلك الشحنة واسم الباخرة والشخص المستورد، وبعد قراءة الشيخ زايد للمعلومات استشاط غضباً وطلب من السفير العراقي أن يستقل السيارة معه وفوجئ السفير العراقي بأن السيارة تقف بعد مدة أمام مكتب ذلك الشخص الذي أشارت له المعلومات كوسيط لشراء الأسلحة إلى إيران.

يقول محدثي بأن الشيخ زايد رحمه الله دفع بالمعلومات إلى ذلك الشخص وقال له سَوّد الله وجوهكم، ترجع الباخرة الآن، إلى من حيث أتت، في تلك المدة حيث كان العراق يخوض حرباً ضروس، صد فيها أطماع خميني بتصدير ثورته إلى العراق ودول الخليج العربي، وكان بحق جبل النار الذي يحترق ليفصل بين العرب وخطر المد الإيراني.

وكان العراق يعتبر احتلال إيران للجزر الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى قضيته التي لا تقل شأناً عن قضية فلسطين، وبانتصار العراق بعد هزيمة إيران عام 1988، لم تجرؤ إيران على التصريح علناً بعدم التفاوض على تلك الجزر باعتبارها جزر إيرانية، إلا بعد احتلال العراق عام 2003.

قبل خمس سنوات أُحتل العراق براً وبحراً وجواً من أراضي بعض الدول العربية، ومنها دول الخليج العربي واستبيح شعبه وأرضه وموارده من قبل الاحتلال الأمريكي، الذي مكن إيران من بسط تأثيرها ونفوذها على العراق ودول الخليج العربي والمنطقة، واندفع أبناء الشيخ زايد رحمه الله بالمشروع الأمريكي لاحتلال العراق بقوة دون حسبان لمخاطر المد الإيراني الذي أحاط بهم بعد ما استفرد بالعراق ونظامه القومي.

فلا غرابة أن يعترض بعض الإيرانيين من يدعون زوراً انتمائهم إلى العراق وأنهم يمثلون العراقيين في برلمان صنعه الاحتلال مثل خالد العطية في مؤتمر البرلمانيين العرب الذي انعقد في أربيل بشمال العراق على واحدة من فقرات البيان الختامي الذي صدر بنهاية المؤتمر في الثالث عشر من آذار الجاري التي طالبت بإعادة الجزر العربية الثلاث المحتلة من قبل إيران منذ عام 1971 إلى دولة الإمارات العربية، إذ تبنى أؤلئك الأقزام مصالح إيران وما جرى ليس سوى البداية وما خفي كان أعظم بأجندة الإيرانيين الذين يحكمون العراق تجاه دول الخليج.

والأغرب من ذلك استنكار ظافر العاني هذا الأمر، من زميله خالد العطية وزمرة إيران، معتبراً ذلك موقفاً هزيلاً في رد الجميل للأشقاء الإماراتيين!!!

ونسأل ظافر العاني أي جميل نرده لهم يا دكتور؟

نشكرهم لأن الإمارات كانت محطة رئيسة لاحتلال العراق وما جرى فيه؟

نشكرهم لأن حاملات الطائرات الأمريكية كانت تتخذ من ميناء جبل علي قاعدة لها في الحرب على العراق؟ نشكرهم لأن سفارة الإمارات في بغداد كانت توزع هواتف "الثريا" على جواسيس أمريكا، لتحديد مواقع انتشار الجيش العراقي لتقصفه الطائرات الأمريكية ويذبح أبناؤنا؟

نشكرهم لأن أبناء العراق ماتوا جوعا على مدى أكثر من ثلاثة عشر سنة من الحصار الجائر؟

أم نشكرهم لأن الحرب قتلت خيرة علماء العراق وشردت البقية الباقية بين الدول؟

أم نشكرهم لأن العراق خسر أكثر من مليون شهيد خلال خمس سنوات من الاحتلال البغيض الذي لم يدخروا جهدا إلا وقدموه لأمريكا من أجل تسهيل احتلالها للعراق؟

نسألك يا ظافر العاني كيف يمكن أن يرد خمسة ملايين يتيم عراقي الجميل للإمارات؟

أي إنصاف ومنطق ذلك الذي تتحدثون فيه عن شعب يقتل يومياً وأمريكا قبل غيرها بدأت تكشف زيف ادعاءاتها ودوافع الحرب الحقيقية.

أما تخجلون من أنفسكم.

أن دولة الإمارات وبعد إن بانت الحقيقة لها جلية عن هؤلاء الأقزام، عليها أن تراجع موقفها من النظام الوطني في العراق قبل الاحتلال وتتخذ الخطوات الصحيحة تجاهه وتجاه العراقيين كافة بوقفة مشرفة، ألا وهي دعم المقاومة العراقية الشريفة بكل الوسائل الممكنة سياسياً وإعلامياً.

ولعل رسالة إيران من مؤتمر أربيل قد وصلت أبناء الشيخ زايد، وربما تحتاج منهم إلى مراجعة ووقفة جادة، لأن الخطر الإيراني بات على مرمى حجر، بهدف وضع إستراتيجية للتعامل الإمارتي مع حكومة الاحتلال في "المنطقة الخضراء"، إن الظروف الحالية ربما تستلزم من دولة الإمارات اتخاذ قرارها الوطني الذي يُلقن هؤلاء الأقزام درسا قاسيا، وأبسطه منعهم وعوائلهم من دخول الإمارات والإقامة فيها هم ومن يروجون لأفكارهم من الخلايا النائمة لإيران هناك، لكي لا يعيثوا خراباً وفساداً في البلاد كما فعلوها في العراق.