منزلة شبابنا وواجبنا نحوهم
بقلم: علي عويضا - سورية
الشباب أمل أمتهم، ومستقبل حياتها، ورمز عزتها، ومعقد رجاءها، ومبعث فخرها، وهم قوة الوطن، وحماة العقيدة، ودرعها الحصين.
- فإذا أردنا لأمتنا حياة سعيدة، ولأوطاننا صونا، ولجيشنا نصرا، ولشعبنا عزة فعلينا أن نقوم بواجبنا نحو أبنائنا، وأن نربيهم تربية قويمة، لينشأوا أقوياء في أجسامهم، مستنيرين في عقولهم، وأن نغرس في نفوسهم حب أوطانهم، وروح التضحية والفداء في سبيلها، وأن حب الوطن من الإيمان، ونشجعهم على الجهاد في سبيل الله، صونا لمقدساتنا، ونصرة لإخواننا الذين احتل العدو أوطانهم، وشرد أحرارهم، واغتصب أعراضهم، ونذكرهم بقول الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف" وبقوله رحم الله امرأ أراهم قوة.
- ونعلمهم أن الجهاد من أحب الأعمال إلى الله تعالى، لأنه به يعز المرء دينه، ويذل عدوه، ويحمي وطنه، ويصون مقدساته، ويدخل جنة ربه مصداقا لقول رسولنا الكريم "الجنة تحت ظلال السيوف".
- ونرغبهم بإعادة مجدنا الغابر، وعزنا التليد، وأن يحققوا قول الشاعر:
أعيدوا مجدنا دنيا ودينا / وذودوا عن حياض المسلمين
فمن يعنو لغير اللــه منا / ونحن بنوا الغزاة الفاتحينا
ملكنا الأمر فوق الأرض دهرا / وخلدنا على الأيام ذكرا
أتى عمر فأنسى عدل كسرى / كذلك كان عهد الراشدينا
وعلينا أن نعلمهم أن الفروسية التي يعتز بها العرب، ومجدها الإسلام فروسيتان فروسية علم وبيان، وفروسية رمي وطعان، وكلتاهما فرض على كل مسلم لأنه بهما تنهض الأمة، ويرتفع شأنها، ويستتب أمنها، وترتفع رايتها وتحترمها الأمم، وتحسب لها ألف حساب.
- ونبين لهم بأن أمتنا العربية حينما اتصفت بهاتين الفروسيتين فتحت العقول والقلوب بالقلم والبيان، وفتحت البلاد والأوطان بالسيف والسنان.
والملك لا تبنى دعائمه / إلا على قلم وحد يماني
- كما نحضهم على الاعتماد على أنفسهم، وعدم الاكتفاء بالتغني بأمجاد الآباء والأجداد، وأن يفتخروا بمنجزاتهم وماسيقدمونه لأمتهم وأن يتمثلوا قول الشاعر العربي:
إنا وان كرمت أوائلنـا / لسنا على الأحساب نتكل
نبني كما كانت أوائلنا / تبنى ونفعل مثلما فعلــوا
فإذا نحن قمنا بواجباتنا هذه تجاه أبنائنا، وأحسنا تربيتهم ورسمنا لهم مستقبلهم بحكمة ووضوح، وشجعناهم على أخذ دورهم، وشحذنا لهم عزائمهم نكون قد وضعنا شبابنا على أول الطريق الصحيح، وضمنا لأمتنا مستقبلا زاهرا وأمنا مستتبا، وحياة عزيزة، وأوصدتا أبواب هجرة عقول شبابنا إلى بلاد أعدائنا، وحرمنا وطننا من أفكارهم النيرة، ومن أيديهم البناءة الماهرة التي هي العامل الأساسي في تنمية وطننا وازدهاره علميا وصناعيا وبعث حضارتنا من جديد.
أما إذا أهملنا توجيههم، وسبطنا هممهم، وخفنا عليهم من نسمة الهواء الباردة ومن حرارة الشمس المرتفعة، ومن ظلمة الليل الموحشة وخوفناهم من إبداء رأيهم، وقول الحق، ومحاربة الفساد ومقارعة المعتدين الطغاة وبكينا عليهم إذا دعوا إلى خدمة العلم، وسعينا بكل ما نملك من جاه ومال لندفع عنهم البدل النقدي، أو سعينا ليؤدوا خدمتهم حجاباً أو بالأعمال المدنية الثابتة، مما يقتل في نفوسهم روح الرجولة، ويغرس عوضا عنها روح الانقياد والخنوع وعدم المبالاة، مما يجعلهم يندمون في المستقبل على شبابهم الذي أضاعوه حين لا ينفعهم الندم ويرددوا قول الشاعر:
هذا جناه أبي علي / وما جنيت على أحد.
ولنستمع إلى توجيه الله لنا لنتخذه منهجا لنا في قوله تعالى:
((واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون، أن تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين، أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين بلى قد جاءت آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين)) (55 - 59 الزمر).
فما أجمل هذا التوجيه، وما أروعه لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.