نينوى المفتاح الرئيسي للإستراتيجية الصهيونية لتفتيت العراق

(الحلقة الأولى)

أبو علي الياسري / العراق - النجف الأشرف

نشرت الكثير من الشبكات الإخبارية مقالات مهمة وبأقلام وطنية وقومية عبرت عن رؤيتها وقراءتها لما سيحدث في مدينة الحدباء العراقية الأصيلة، مقالات وتحليلات عسكرية وسياسية، وأخرى نداءات عشائرية لتحشيد همة أبناء هذه المحافظة الصابرة الباسلة وبجميع طوائفها وقومياتها وأقلياتها وأديانها من أجل تعزيز وجودها وإثبات أصالتها بالوقوف مع جميع فصائل المقاومة العراقية الوطنية والقومية والإسلامية، وأخرى على شكل بيانات لترفع من معنوية الرجال في المقاومة وترشدهم على استخدام تكتيكات ميدانية تفاجئ المحتل وأعوانهم من القوات الحكومية وميليشيات الأحزاب الصفوية وعصابات البيش مركة العميلة.

أود أن أوضح رأيي وضمن محدودية تحليلي الخاص والعام لواقع الحال الذي يمر به عراقنا وشعبنا المحتل وما يترتب عليه وعلى بعض الدول الإقليمية والعربية من مخاطر مستقبلية، مع احترامي وتقديري الخاص لكل قلم شريف سطر بحقه رصاصات الحق وما يستحقه هذا الوطن الأسير بقوات الاحتلالين الأميركية والصفوية من استحقاقات ثابتة وفق المبادئ الوطنية والقومية.

إن الذي سيحدث في (نينوى) العزيزة إنما هو الشروع في تنفيذ صفحة أخرى لقوات الاحتلال وعملائهم من صفحات الإستراتيجية الصهيونية في تقسيم العراق والدول العربية والإقليمية والتي ذكرتها في مقالات سابقة، صفحة جديدة لمراحل متسلسلة ومكملة للأخرى يتم تنفيذها من قبل آليات خاصة لتلك الأدوات الرئيسية، ثم الشروع بعد ذلك بصفحة أخرى بخلق مشاكل داخلية تتخللها فوضى سياسية واجتماعية في الدول المجاورة العربية والإقليمية وبتكتيك مبرمج ومدروس مسبقا ضمن محور هذه الإستراتيجية.

إن الهدف هو الوصول في نهاية المطاف إلى غايتها الرئيسية في تفتيت وبعثرة وخلق الفتنة الطائفية والمذهبية ثم البدء بالمرحلة الأخيرة والنهائية لتقسيم الدول العربية والإقليمية وبصورة متزامنة جراء تدخل الأدوات الرئيسية (الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها من دول محور الشر) في الشؤون الداخلية للأمن القومي لتلك الدول، وبزمن محسوب ومرسوم وبآلياتها المنفذة المعدة سلفا ضمن كل مرحلة من مراحل هذه الاستراتيجي.

وتنقسم الأدوات إلى أربعة أنواع

الأولى:- الأحزاب والكتل والحركات العميلة ومن يترأسها من عملاء تم إعدادهم إعدادا كاملا كل ودوره الخاص في كل مرحلة من مراحل هذه الإستراتيجية.

والثانية:- البعض من الأنظمة العربية والإقليمية المنصبة أصلا بموجب هذه الإستراتيجية والتي لها دورها الخاص والمهم في تنفيذ كل مرحلة.

والثالثة:- العملاء والجواسيس وتجار الحروب وعشاق كراسي الحكم من الانتهازيين والمنافقين والمرتدين عن الدين والوطن والشرف والبعيدين عن هوية الانتماء الوطنية العربية.

والرابعة:- الإعلام والمال اللذان يعتبران من أهم أدوات هذه إلاستراتيجية لما له من مكاسب مادية في التأثير على سلوكية ضعفاء الأنفس وما لها من ذرائع خاصة وعامة في تبرير الكذب وتحويله إلى حقيقة بتظليل شعوب العالم وأنظمته السياسية.

فالصفحة التي ستبدأ بها هذه الإستراتيجية، والتي ستشرف عليها الأداة المهمة والرئيسية (قوات الاحتلال الأميركي) وعملائهم، هي تواصل حملات الإبادة والاعتقالات التي نفذت في العديد من مدن واسعة اشتركت فيها قوات الاحتلال الأميركي وقوات السلطة والميليشيات العميلة تحت ذريعة مطاردة القاعدة وفرض القانون، والمقصود بها هو ضرب المقاومة الوطنية والقومية والإسلامية وشل الحياة الاقتصادية في هذه المدن وإرهاب الناس وإذلالهم وقهرهم.

ومن الواضح أن هذه العمليات هي ذات طابع انتقامي المجسد لأبشع صور الحقد لدى الأطراف التي ستشارك في هذه العمليات دون وازع ضمير أو أخلاق أو إنسانية، كما أنها تستهدف تحجيم المقاومة وتأثيرها في هذا القاطع المهم وتحت ذرائع سخيفة وكاذبة من اجل تظليل الرأي العراقي والعربي والدولي.

إذ حشد لهذه العملية الديمقراطية الإرهابية أعداد كبيرة من قوات الاحتلال الديمقراطي الأميركي إضافة الى قوات حكومة الاحتلال الصفوي وتشكيلات البيش مركة العميلة تمهيدا لهذه العملية الإجرامية بحق الشعب العراقي والمنافية لجميع القوانين الإنسانية والسماوية والدولية، يرافقها أعلام واسع جدا، لان المعركة اعتبرت وحسب تصريحات المالكي بأنها المعركة الحاسمة ضد (الإرهاب) أو ضد القاعدة , ذلك الأعلام الذي سخرته الإدارة الأميركية ورئيسها الأحمق من اجل تضليل شعوب العالم والشعب الأميركي بأن إدارته أنجزت ما تسميه إنهاء تواجد القاعدة أو تواجد الإرهاب في العراق، ومن الجانب الآخر اعتبرتها الإدارة الأميركية بأنها رسالة الى الدول الأخرى سواء كانت عربية أو إقليمية بأن مصيرها سيكون مستقبلا كالذي يروه الآن في العراق من تدمير وقتل وفوضى واعتقالات وتصفيات ان لم يرضخوا للاملاءات الأميركية ويكونوا مطيعين أذلاء لها.

إن ما خطط لمدينة الرماح ليس كما يعلنه السفهاء العملاء وخونة الأمة من خلال أعلامهم (الصهيو-أميركي) لاجتثاث قواعد القاعدة أو فصائل المقاومة العراقية الباسلة، وإنما هو صفحة جديدة للبدء بتقسيم العراق على أسس طائفية وعرقية، فهم يواصلون وعبر مراحلهم الدستورية الطائفية وبموجب قانونهم المعروف (إدارة الدولة) تهيئة الأرضية المناسبة من خلال عمليات التهجير وإثارة الصراع الطائفي والقتل الجماعي الذي مارسته قوات الاحتلال والقوى المرتبطة بها من تشكيلات وميليشيات وزمر أخرى عميلة مهيأة لهذا الغرض ووفق المنهج الذي خططه كبار الساسة الأميركان والصهاينة.

إن الحشود العسكرية التركية على الحدود العراقية والفعاليات التي تقوم بها هذه القوات لضرب "حزب العمال الكردستاني" والتوغل إلى مسافات محددة حسب الخطة هي بتوجيه أميركي يراد به تحذير حزبي العميلين (جلال ومسعود) من مساندة "حزب العمال الكردستاني" لأجل أن يعطي دور أكبر لتركيا في هذه المنطقة بالضغط على دعاة تشكيل الكيان المستقل في شمال العراق، لأن هذا يقلق تركيا (ولو أن إثارة التوجهات الانفصالية للأكراد في تركيا وسورية وإيران حالة تثيرها الإدارة الأميركية والصهيونية وتدعمها وتستخدمها للضغط على هذه الدول لاستنزاف إمكانياتها وإثارة الفوضى فيها، وابتزازها إلى غير ذلك لإخضاعها للمساومات معها لأمور كثيرة)، فاختارت الموصل الحدباء كبديل لتركيا والتي ستمهد لتلك الإستراتيجية حرية أكبر في التنفيذ لكونها أرض محتلة وواقعة أصلا تحت قوات الاحتلال الأميركي، إضافة لما ستجنيه هذه الصفحة من ثمار مراحلها المقبلة والسهلة في تنفيذها إن نجحت (لا سامح الله) وعلى جميع المستويات العربية والإقليمية وبموجب الاحتمالات التالية:-

1 - خلق بلبلة وفوضى إقليمية في كل من (سوريا وتركيا وإيران) وهذه نتيجة محسوبة مستقبلا في حالة نجاح هذه الصفحة من قبل الإدارة الأميركية بين الحزبين الرئيسيين العميلين (الاتحاد الديمقراطي والكردستاني) مع الأدوات الجديدة من الأحزاب الكردية الموالية لهما في الولاء والهدف في كل من سورية وتركيا وإيران, مما ستخلق فوضى سياسية واجتماعية واقتصادية وأمنية، وهذا يكون بسعي وتوجيه الإدارة الأميركية لإثارة تمرد أو عدم الاستقرار في المناطق الكردية في (سورية وتركيا وإيران)، مما سيؤثر على الأمن القومي للدول أعلاه.

وسيتخذ هذا الأمر شكل مطالبة الأحزاب الكردية في هذه الدول المتفقة فيما بينها مسبقا وعبر دهاليز المخابرات الأميركية مع الحزبين الكرديين العميلين، والتي ذكرتها بأنها أدوات مهمة ورئيسية لتلك الإستراتيجية والشبه نائمة في تلك الدول علما أن نومها ليس هو جهلا أو اعتباطا وإنما هو نتيجة وفعل لأوامر صهيونية، تستنهض عندما تصل هذه الإستراتيجية للمرحلة التي يتطلب نهوضها في إثارة التمرد لأجل تشكيل دولة كردية منفصلة مستقلة عن هذه الدول العربية والإقليمية، وبعدها تحصد هذه الإستراتيجية الصهيو-أميركية إحدى ثمارها المرسومة منذ القدم كمرحلة أولى لتقسيم وتفتيت العراق والدول الإقليمية والأمة العربية.

2 - بعد تلاحم هذه الأدوات المتمثلة بالحزبين الكرديين العميلين مع الأدوات العميلة من الأحزاب والكتل والعملاء في كل من إيران وسورية وتركيا، ومطالبتها بدولة مستقلة، تقوم الإدارة الأميركية الحالية أو اللاحقة بوسائل ضغط على تركيا عن طريق هذه الأدوات لتفرض عليها المساومة لبعض الأمور الشائكة دوليا، وكذلك بعدم تهديد أمنها القومي والتدخل في الشؤون الداخلية للدولة التركية وعدم تعرض المصالح التركية وخاصة الخط الاستراتيجي وما لها من مصالح حيوية داخل الأراضي التركية لهجمات حزب العمال الكردي التركي، وضمان انسيابية تدفق النفط العراقي من كركوك إلى ميناء جيهان التركي مقابل عدم اعتراض تركيا على ضم مدينة التأميم لدولة كردستان المنفصلة المستقلة إضافة الى احتمال إجبار وخضوع تركيا مستقبلا على تشكيل كيان سياسي كردي على أراضيها.

3 - ستحاول عقد مساومة جديدة بالضغط على الحكومة السورية مستقبلا وقبولها بـ"اتفاقية السلام الإسرائيلية" مقابل التنازل عن الجولان والتوقف عن إيواء وتموين المقاومة الفلسطينية واللبنانية وطرد الشخصيات السياسية المسؤولة عن تلك التنظيمات إذا ما شعرت الإدارة الأميركية بأن إيران ستخرج عن نطاق ما خططت له الإدارة الأمريكية، إضافة للعامل المهم والرئيسي وهو المطالبة بما تسميه إيقاف تسرب العرب المجاهدين عبر الأراضي السورية للقتال في العراق ضد قوات الاحتلال الأميركية.

4/3/2008