شهادة لله وللتاريخ
حقيقة ما جرى في آذار 1991 "انتفاضة" أم غوغاء جمعي مُقاد إيرانياً؟
الوجه الدموي الآخر المُغيّب لما تسمّى بـ"الانتفاضة الشعبانية"!!
اللواء عبد الجبار البغدادي *
ردا على ما تدعيه حكومة العملاء (من مطايا إيران القابعين في المنطقة الخضراء) عن ما تسمى بـ (الانتفاضة الشعبانية) التي حدثت في عدد من محافظات العراق الجنوبية خلال شهر شعبان 1411 هـ (آذار 1991) في أعقاب انسحاب القطعات العسكرية العراقية من الكويت بعد 45 يوما من القصف الأمريكي الثلاثيني الذي دمر جميع مناحي الحياة، وقطع الصلة الرئيسة بين الدولة والمواطنين ألا وهي الإعلام، بعد تدمير جميع معدات البث الإذاعي والتلفزيوني، وتوضيحا للحقائق من أناس شهدوا الأحداث أقول لعل من الإجحاف أن نسمي ما حصل آنذاك بـ (انتفاضة) أو (ثورة) نظرا لما قامت به الزمر القائدة والمنظمة لهذا التمرد (وجميعهم قدموا من خلف الحدود الشرقية) من قتل وسفك دماء وهتك أعراض وقتل للتشفي وتحويل المراقد الشريفة إلى قاعات للمحاكمة ولتنفيذ أحكام الإعدام العشوائي والتعذيب الوحشي الذي تقشعر منه الأبدان.
في البدء أقول أن هذه المقالة هي محاولة تحليلية استذكارية وسرد موضوعي لحقائق وقائع ما جرى فعلاً في شعبان 1991 عقب الانسحاب العسكري العراقي في "حرب الخليج الثانية" وفوضى الانسحاب من الكويت، ولأنه مازال كثيرون من أبناء أمتنا العربية لا يعرفون بالضبط حقيقة ما جرى في شعبان (آذار/مارس) عام 1991 في مدن العراق الجنوبية والشمالية، عقب انتهاء ما سميت بـ (حرب تحرير الكويت) والانسحاب (غير النظامي) لقطعات الجيش العراقي من الكويت باتجاه بغداد، وتبييت إيران وأعوانها للنوايا السيئة في استغلال الحالة العراقية المنهارة، وضعف إن لم نقل انهيار أداء الأجهزة الحكومية وغياب الإعلام، وفقدان السيطرة الأمنية والحكومية على أجزاء كبيرة من العراق، إذ ثبت بما لا يقبل الشك أن إيران قامت بدفع عناصر أجهزتها الاستخبارية وحرسها "الثوري" وعملائها إلى داخل مدن العراق الجنوبية، والفرات الأوسط، وكذلك عاونت في تحريك ميليشيات الكرد (البيشمركة) في محافظات شمال العراق الثلاث ومعها كركوك للسيطرة على الأوضاع فيها، مما أدى إلى انفلات الأمور وسيطرة (جموع الدهماء) على الوضع في محافظات (البصرة والناصرية وميسان والسماوة والديوانية والنجف والكوت وكربلاء وبابل، إضافة إلى أربيل ودهوك والسليمانية وأخيرا كركوك) واستمرت أعمال الفوضى والقتل والتدمير في تلك المحافظات لمدد مختلفة، فمنها مادام التمرد فيها أياما قليلة كالبصرة والناصرية (ثلاثة أيام)، ومنها مادام أكثر من (أسبوعين) كالنجف وكربلاء.
بعد 17 عاما: ما هي حقيقة ما جرى؟
بعد 17 عاما من تلك الأحداث التي لم تخضع لكثير من التحليل والتفسير التاريخي، لا قبل "سقوط النظام" ولا بعده، إلا في حالات محدودة جدا، فلا بد من مراجعة حقيقية منصفة لحقيقة ما جرى في العراق في آذار (شعبان) 1991 عقب "حرب الخليج الثانية"، لأنه مازالت قوى كثيرة من القوى المسيطرة على المشهد العراقي اليوم تتكئ على تلك الأحداث باعتبارها (انتفاضة شعبية شاملة)، أسهمت فيها الأحزاب الشيعية الموالية لإيران، وكان القمع القاسي الحكومي لأحداث شعبان واحدة من التهم الموجهة للنظام "السابق" نتيجة مقتل الآلاف من المشاركين في التمرد وكذلك ضحاياه من المواطنين والموظفين الحكوميين والبعثيين.
المعلوم أن "حرب الخليج الثانية" انتهت في 26/27 شباط (فبراير) بانسحاب (غير منظم) للقطعات العسكرية العراقية ومعها قطعات الشرطة والأجهزة الأمنية والجيش الشعبي، وتعرضت القطعات المنسحبة إلى استهداف بالطائرات الحربية خلافاً لاتفاق وقف إطلاق النار، وللأسف كان طياروها من العرب، الذين أمعنوا في إيذاء وتدمير القطعات المنسحبة وإحراق العربات الناقلة بمن فيها ومن نجا عاد إلى البصرة وإلى بغداد مشياً على الأقدام(!!).. وكانت الجسور على شط العرب والفرات ودجلة مدمرة بالكامل، واستغرقت رحلة المعاناة لبعض العسكريين في العودة يومين أو أكثر مروراً بمحافظات البصرة والناصرية والعمارة، باتجاه العاصمة، وكان كثير من الجنود الجوعى يبيعون سلاحهم وعتادهم بقليل من التمر أو الأكل على طول الطريق، واستغلت بعض القوى المدعومة من إيران هذه الحالة في الحصول على قطع سلاح من الجيش المنسحب بالشراء أو بالقوة.
الدور الإيراني في أحداث شعبان:
كان لإيران من خلال مخابراتها وحرسها "الثوري" ومن خلال عملائها من العراقيين الموجودين في إيران من (بدر) وغيرها، دور بارز في توجيه وتخطيط أحداث شعبان، وللعلم فإن الدور الإيراني كان قد ابتدأ فعلاً في التخطيط اعتباراً من يوم 2/8/1990 بدخول القوات العراقية إلى الكويت الذي قرأت فيه القيادة الإيرانية فرصة جيدة للتحرك باتجاه تدمير العراق والانتقام منه، فتظاهرت في البدء بالحياد، وعدم تدخلها في الشأن العراقي، لكنها في الحقيقة بدأت تبيّت النوايا السيئة، وكان "النظام" العراقي في أوج تورطه بقضية الكويت، يعيش فورة (الأحلام الزائفة) بعهد وديّ جديد من العلاقات الطيبة من الجارة الشقيقة (إيران) متناسين حقائق التأريخ، ونتذكر كيف جازف النظام بإيداع طائراته الحربية والمدنية في إيران كوديعة (أمانة) لدى جار مسلم (!!) حفاظا عليها من قصف الحلفاء، لكن إيران كانت تتطلع بشغف إلى هجوم التحالف الدولي بقيادة أميركا على العراق للتخلص من (العدو الأبدي الذي أذاقها الويل في حرب الثماني سنوات)، وإسقاط نظام بغداد، وحين بدأت "حرب الخليج الثانية" في 17/1/1990 استغلت إيران ذريعة إرسال قوافل التموين والمساعدات (الإنسانية!!) الغذائية المرسلة من قبل الشعب الإيراني إلى الشعب العراقي، فكانت شاحنات الرز والدقيق تدخل عبر الحدود العراقية باتجاه المحافظات الجنوبية والفرات الأوسط وهي محملة الأسلحة والخناجر والمتفجرات تحت أكياس المؤن، ولم تكن تتعرض تلك الشاحنات إلى أي إيقاف أو تفتيش لأنها (مساعدات إسلامية!!) من "جار عزيز ومخلص"؟؟ لقد كانت من أكبر أخطاء النظام العراقي تلك الثقة العمياء بالجانب الإيراني من خلال إرسال الطائرات العراقية وترك الحدود سائبة للشاحنات لتنقل ما سميت إمدادات الغذاء للشعب العراقي دون تفتيش.
العوامل التي أسهمت في سقوط بعض المحافظات بأيدي الغوغاء:
كان هناك جملة من العوامل التي أسهمت في سقوط المحافظات منها:
- الحالة المعنوية العامة المنهارة عقب (إخراج) القوات العراقية من الكويت بشكل فوضوي غير منظم، حتى أن كثيرا من الجنود عادوا إلى محافظاتهم مشيا على الأقدام.
- الغياب التام للإعلام الحكومي (وبخاصة الإذاعة والتلفزيون) الذي كان أقوى رأسمال لدى النظام في صلته بالناس، نتيجة قطع الكهرباء وتدمير جميع محطات ومعيدات البث في كل أنحاء العراق، فضلاً عن تدمير مباني الإذاعة والتلفزيون، وسمح ذلك للبث الإذاعي والتلفازي الإيراني أن يسيطر على معظم محافظات العراق (وبضمنها بغداد) ويكون هو مصدر المعلومات الوحيد، مع باقي المحطات المعادية للعراق التي كانت تبث دعايات عن سقوط وانهيار النظام، واحتمال هرب الرئيس صدام إلى روسيا، وغيرها من الإشاعات التي أسهمت في خلخلة ثقة الناس بالسلطة وقوتها، هذا القطع الإعلامي، مع نشر إشاعات مختلقة، في إطار حرب الدعاية النفسية جعلت الكثير من العراقيين في المحافظات الساقطة يعتقدون أن نظام بغداد قد انهار بالكامل وأن صدام هرب إلى الخارج.
- الدعم الإيراني (الذي تحدثنا عنه) وإدخال آلاف قطع السلاح والتفجيرات إضافة إلى الدعم البشري بعناصر من العراقيين المقيمين في إيران والمجندين من قبل سلطات النظام الإيراني.
- خضوع عموم الناس إلى نظرية (السلوك الجمعي) والانقياد الطوعي لمثيري الفتنة من خلال تشجيع الناس على مهاجمة الدوائر الحكومية وسرقة ما فيها من مواد ومخزونات وأثاث، وتخوف الناس (العوام) من غدر المسلحين القادمين من إيران الذين هددوا الناس بالقتل إن لم يشتركوا فيما سميت بـ(الانتفاضة)!!.
من هم وقود الفتنة
أول أهداف الدهماء كانت مهاجمة المواقف أو مواقف المجرمين (الموقف والتسفيرات) في كل محافظة وقاموا بإطلاق سراح المئات من المجرمين والموقوفين رهن المحاكمة، وهم الذين كانوا عنصراً فاعلاً في القيام بالعمليات الإجرامية، سواء بالقتل والسرقات وأعمال الانتقام، ومن المعلوم أن عددا كبيرا من عناصر حزب البعث كانوا مشاركين ضمن (الجيش الشعبي) في الكويت، وكانت حراسات الشرطة واهنة، لذلك كان سقوط عدد كبير من مراكز الشرطة والأمن والدوائر الحكومية بيد الدهماء.
أبرز أحداث الفتنة:
كانت البصرة هي المدينة الأولى التي سقطت، في التاسع والعشرين من آذار، ولكن التمرد لم يدم طويلاً، ومن المفارقات أن مدينة البصرة سقطت، لكن مقر القيادة العسكرية في منطقة مقر الفيلق لم يسقط، وكان (علي حسين المجيد) عضو قيادة الحزب والمشرف على البصرة، موجوداً في الفيلق، ومن هناك كان يدير عملية التخطيط لتطهير البصرة من المتمردين، وفعلاً كانت البصرة من أوائل المحافظات التي تم القضاء على التمرد فيها خلال أيام، وكانت الناصرية (محافظة ذي قار) هي المحافظة الثانية التي سقطت في اليوم التالي لسقوط البصرة، واستمر التمرد فيها حوالي 6 أيام، وكذا العمارة، ولكن أطول المحافظات الجنوبية تمرداً كانت (النجف) و(كربلاء) بسبب احتماء عناصر التمرد داخل الأضرحة الدينية المحكمة وكونهما مركزاً رئيساً للتمرد، أما الديوانية فاستمر التمرد فيها (4) أيام، أما (الكوت) أو مركز محافظة واسط فلم تسقط نهائياً، بل شهدت مصادمات عنيفة وتمكنت قوات الجيش والشرطة والمخابرات والحزب من إفشال التمرد، ولم يستمر التمرد في مدينة الكوت أكثر من يوم واحد.
هل كانت فعلا (انتفاضة) تحريرية أم فتنة طائفية؟
إن محاولات إضفاء صفة (الانتفاضة) على أحداث آذار/ شعبان 1991 تصطدم بالحقائق على الأرض التي تؤكد:
1 - وجود النَفَس الطائفي الصريح، والتحريض الإيراني الذي وصل حد التسليح والتجهيز والإمداد، والمعاونة الإعلامية في ترويج الدعايات.
2 - قيام أفعال النهب والسلب للمقار الحكومية.
3 - مهاجمة المساجد، وحرقها، وقتل أئمتها، وتحويل (الحسينيات) إلى مقار للتمرد ومحاكمة موظفي الحكومة ومنتسبي حزب البعث وإعدامهم.
4 - توجه الغوغاء نحو السجون والمواقف وإطلاق سراح المجرمين والمحتجزين وإشراكهم في أعمال القتل والنهب والسلب.
5 - القيام بأعمال انتقام سياسي وطائفي وعرقي كما حصل في معظم محافظات التمرد، ومنها الناصرية التي تم إعدام المحافظ ومدير الشرطة ومدير الأمن بعد تعذيبهم وسحلهم في الشوارع.
6 - كانت كاميرات التلفزيون الإيراني هي الوحيدة المتواجدة في محافظات التمرد، والتي كانت تنقل الأحداث يوميا وكان العراقيون يتابعون الأخبار من خلال قنوات التلفزيون الإيراني.
تحويل مراقد الإمام علي والحسنين ساحةً لتنفيذ الإعدامات بعد التعذيب:
تم تحويل المراقد الدينية في كل من النجف وكربلاء إلى مقرات لقيادة التمرد، وتشكيل حكم محلي يقود التمرد، وقد شاهدت بأم عيني كيف تم تحويل مرقدي الأمام علي والحسين عليهما السلام إلى ساحات للمحاكمة وتنفيذ أحكام الإعدام بحق الموظفين البعثيين، ورجال الشرطة والأمن، وحدثني أحد الناجين من الإعدام في مرقد الإمام علي بالنجف، كيف تم إعدام أعداد من المقبوض عليهم ممن قاوموا التمرد ومن الحزبيين، إذ تم طعنهم بالخناجر والسيوف إمعاناً في تعذيبهم ومعظمهم كانوا من المصابين بجروح نتيجة المقاومة، ومن بينهم عقيد هارون (مدير شرطة النجف) ومعاونه الكردي عقيد (سردار) اللذين تعرضا للتعذيب بالأسلحة الجارحة وبعد أن نزفوا دماً كثيراً تم إطلاق النار عليهم داخل مرقد الإمام علي؟؟؟ ونفس الحال جرى مع أحد الشعراء الشعبيين المعروفين في النجف والحلة حيث تم تعذيبه وقطع لسانه ومن ثم إطلاق النار عليه، وأتيحت لي فرصة زيارة مكتبة الإمام علي في النجف (المسماة دار الحكمة) ووجدت برك الدماء تصل إلى الركب من كثرة الإعدامات التي أجريت في هذه المكتبة؟؟
كركوك آخر المدن التي سقطت وآخرها تحريراً
كانت مدينة كركوك آخر مدن العراق التي سقطت بيد المتمردين، إذ سقطت يوم 22 آذار 1991 لكن تم تحريرها من قبل قطعات الجيش العراقي في 29 آذار أي بعد أسبوع من سقوطها، كما تم تحرير السليمانية وأربيل ودهوك، إلا أن قطعات الجيش والحكومة انسحبت بأمر من القيادة العراقية من محافظات الحكم الذاتي الثلاثة أعلاه، بعد أن تدخلت القوات الأمريكية في منع الجيش العراقي من استخدام الأسلحة والطيران ضد المحافظات الكردية الثلاثة، وتم استلام مسؤولية حكم المحافظات الثلاث من قبل الحزبين الرئيسين الكرديين، حزب الطالباني (الإتحاد) في السليمانية، وحزب (البارزاني) الديمقراطي الكردستاني في أربيل ودهوك.
تحرير المحافظات وقصة المقابر الجماعية:
استطاعت الحكومة المركزية (القيادة في بغداد) من الإسراع في إعادة تنظيم وتسليح قوات الحرس الجمهوري التي تحركت لتحرير المحافظات الساقطة وإعادتها إلى سيطرة الدولة، وكانت أسرع المحافظات في التطهير هي البصرة والناصرية والعمارة والسماوة، وكانت أطولها تمرداً النجف وكربلاء ومن ثم كركوك، ولقد أدت أعمال الشغب والقتل والانتقام إلى (مقتل المئات بل الألوف) في مدن التمرد، سواء ممن قتلتهم قوات التمرد، أم من قتلتهم قوات الحرس الجمهوري أثناء عمليات التطهير، من المتمردين أو المخدوعين بالتمرد أو من أجبرتهم قوات التمرد على الالتحاق بها، وتم إنشاء محاكم ولجان تحقيق في المحافظات المحررة قامت بإجراء التحقيقات الفورية وتنفيذ أحكام الإعدام بالمشاركين في القتل وأعمال الانتقام.
أسوأ أيام العراق المعاصر في القرن العشرين:
إن أحداث شعبان (آذار) 1991 المأساوية كانت محنة بمعنى الكلمة مر بها العراق بعد محنة "حرب الخليج الثانية" التي أنهكت العراق واستنزفت قواه العسكرية والتعبوية والمالية، وذهب ضحيتها عشرات الألوف من العراقيين، سواء ممن شاركوا تحت التأثير الإيراني في أعمال التمرد، أو ممن أجبروا على المشاركة إنقاذاً لحياتهم، أو الموظفين الأبرياء والحزبيين الذين تم تنفيذ أعمال الثأر ضدهم من قبل قوى التمرد، إرضاءً لشهوة الانتقام والثأر، وتنفيذا لأجندات وأوامر الجهات التي دفعتهم وغررت بهم للاشتراك في أعمال إجرامية يعدها القانون من أفعال الجريمة التي تستحق العقاب الصارم، وكانت النتيجة هي سقوط الضحايا والخسائر، ومازال العراقيون يذكرون تلك الأيام كأسوأ أيام مرت على تاريخ العراق المعاصر (بعد أحداث فتنة المد الشيوعي الدموي عام 1959).
كلمة حق لا بد منها:
لست منتمياً ولا محسوباً على حزب البعث، لكنني عسكري عراقي محترف، محب لبلدي وشعبي، وأرى أن ما حصل في آذار 1991 لم يكن ثورة ولا انتفاضة، بل مؤامرة إيرانية لتسيير (قطعان) الدهماء وفق نظرية السلوك الجمعي للاعتداء على رموز الدولة، والنظام، والانتقام العشوائي، وهنا لا يمكن أن أنسى مواقف آلاف من الأسر العراقية الكريمة الأصيلة والعشائر العراقية العروبية، التي آوت أعدادا كبيرة من الجيش العراقي المنسحبين بدون سلاح من الكويت، وحموهم من جموع الدهماء الغوغاء، وآووهم لديهم لحين تطهير المحافظات وعودة الأمن والاستقرار إليها، إن من الظلم للتاريخ أن نزور حقائق ما حدث ونصور للناس أن ما حصل كان ثورة أو انتفاضة.
* من الشهود الأحياء على الفتنة الشعبانية - ضابط سابق في الجيش العراقي ومن أهالي الناصرية
نقلاً عن (العرب) التي تصدر في لندن
ملاحظة من المحرر:
صحيح بنسبة كبيرة كل ما ورد في هذا المقال إضافة إلى نشر معلومة جديدة لم نكن نعرف بها حيث يقول اللواء عبد الجبار البغدادي "وتعرضت القطعات المنسحبة إلى استهداف بالطائرات الحربية خلافاً لاتفاق وقف إطلاق النار، وللأسف كان طياروها من العرب، الذين أمعنوا في إيذاء وتدمير القطعات المنسحبة وإحراق العربات الناقلة بمن فيها ومن نجا عاد إلى البصرة وإلى بغداد مشياً على الأقدام(!!) رغم معرفتنا ببعض الخفايا والأسرار التي لم تنشر ليس حول الكثير من أسرار الحرب العدوانية التي قادتها إدارة وتحالف الصهيو-أمريكي خلال العدوان الثلاثيني عام 1991 ضد عراق العروبة والمجد عراق التاريخ والحضارات، ومنها معركة جنوب البصرة التي نشرنا حولها بعض ما تمكنا من نشره في وقت سابق، وقد أعلن عن ذلك الرئيس الشهيد صدام حسين وتحدى إدارة الشر أن تعلن عن عدد أسرى الجيش الأمريكي آنذاك وعن كيف تدخلت عدة دول ومنها روسيا ووزير خارجيتها "بريماكوف" المخادع الذي نشر ما أسماه "الكتاب الأبيض" وفيه الكثير من الأكاذيب، ورد عليه الأستاذ طارق عزيز (فك الله أسره)، كما تم توثيق كل مجريات ما قبل وخلال وبعد العدوان الثلاثيني بسلسلة أفلام وثائقية مصورة عددها (30) شريط فيديو كل منها مدته حوالي الساعتين تحت عنوان (الملف) وهي تسجيل وثائقي كامل لما يعرفه البعض باسم "حرب الخليج") من إعداد وزارة الإعلام العراقية وقد تحدث فيها تقريباً كل المسؤولين المناضلين من قيادة العراق الشرعية ومنهم الأستاذ طارق عزيز إضافة إلى غيرهم من القيادات والقيادات العسكرية من مختلف الرتب والصحفيين والمحللين اضمن وثائق مكتوبة ومصورة من مختلف أنحاء العالم، وكنا قد نشرنا مواضيع عديدة حولها وأيضاً حول ما أسميناه مجزرة "طريق الموت" وهو الطريق الممتد من البصرة إلى بغداد بعد انسحاب الجيش العراقي من "إمارة الكويت" حيث استشهاد أكثر من (8) آلاف جندي عراقي وجرح الآلاف منهم وذلك بقصف مباشر ومباغت من طائرة أمريكية بقيادة طيار أمريكي ويمكن الاطلاع على الوثيقة التالية التي نشرناها عام 1998 http://www.al-moharer.net/moh164/archive164b.htm وكذلك هذا الرابط الذي ورد فيه ذكر "طريق الموت" http://www.al-moharer.net/moh193/fouad193.htm ومن يبحث في أرشيف (المحرر) ومواقع الانترنيت باللغتين العربية والانكليزية يجد الكثير من الوثائق والمعلومات المفيدة، إضافة إلى العديد من المراجع التي تذكر عدد القتلى والجرحى بأقلام صحفيين غير عرب، منهم من يفاخر بما قم به الجنود الأمريكان ومنهم من يكتب ضد في تلك المجزرة البشعة وأذكر هنا رابط صفحة العراق حيث يجد المهتم رابط لموقع غير عربي فيه الكثير من المعلومات (فرونت لاين) http://www.pbs.org/wgbh/pages/frontline/gulf/appendix/death.html في الوقت الذي تدعي فيه إدارات الشر الأمريكية المتعاقبة حرصها على حقوق الإنسان ونشر العدالة والديمقراطية في العالم!!
نكتفي بذلك لأن هذا الموضوع يحتاج إلى الكثير من الصفحات كي نفيه حقه، أما بخصوص ما سمي بـ"الانتفاضة الشعبانية" ودور نظام الملالي في إيران فأن كل ما ذكره اللواء عبد الجبار البغدادي هو صحيح مع أنه اختصر الكثير من الوقائع في هذه المقالة، نتمنى أن تسمح الظروف له ولأمثاله ولنا أن ننشر كل ما نملك من معلومات موثقة كتابة وتصويراً وأفلام.