استقلال كوسوفو استغلال غربي لتفتيت الوحدة الوطنية
للدول المعادية للغرب
الدكتور غالب الفريجات - الأردن
يذرف الغرب الأوروبي والأمريكي دموع التماسيح، على الحرية المهدورة في إقليم كوسوفو التابع لصربيا، إلى جانب الأكاذيب المصاحبة لغياب الديمقراطية وحقوق الإنسان، على شاكلة ديمقراطية أمريكا التي جاءت بها إلى العراق، ديمقراطية القتل والتدمير، من خلال المدفع والدبابة والصاروخ، وحرمان البشر عموما من ابسط حقوق الحياة.
الغرب يتجه لسياسة التفتيت والتجزئة في الدول القومية، التي تشكل سياساتها عداء لسياساته،مثل يوغسلافيا سابقا وصربيا اليوم، وكذلك للدول العربية التي يريد تجزئة المجزأ وتفتيت المفتت، حتى يتمكن من الهيمنة والسيطرة عليها، واستغلال ما فيها من ثروات، وفي مقدمتها النفط، مع الأخذ بعين الاعتبار مستقبل الكيان الصهيوني، وتوفير متطلبات قدرته على الهيمنة والسيطرة على المنطقة العربية، كما يجري في العراق والسودان، وتدمير الصومال والتهديد بتفتيت الدولة اللبنانية وتهديد أمن سوريا، إلى جانب السياسات المعادية للدول الإسلامية، كاحتلال أفغانستان، والعداء الأوروبي لتركيا.
لا يتحدث الغرب الأوروبي والأمريكي، ولا يعبأ بالنزعات الانفصالية في الدول الغربية، مثل ايطاليا واسبانيا وكندا، ويغمض عينيه عن الحقوق القومية للأقليات في هذه الدول، لا بل يساهم في دعم الحكومات، التي تواجه نزعات انفصالية في أوروبا وأمريكا الشمالية، في الوقت الذي يسارع فيه لدعم أية نزعات انفصالية خارج إطار أوروبا وأمريكا الشمالية.
لن يكتفي الغرب بحالة التجزئة والتفتيت التي أصابت الجسم العربي، ولا بحالة القضم والاقتطاع، التي نهشت في الجسد العربي، من سبته ومليلة وجبل طارق ولواء الاسكندرونة وعربستان والجزر العربية الثلاث، ولن يكتفي الغرب بالاحتلال المباشر لفلسطين والعراق، وللاحتلال غير المباشر بوجود قواعده العسكرية في العديد من الدول العربية.
سنواجه في منطقتنا العربية العديد من الممارسات العدوانية، تحت يافطة الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وستثار في وجه الدول العربية نزعات انفصالية، في شمال العراق وفي السودان وفي الجزائر وفي مصر، وليس بعيدا في سوريا، تحت الغطاء العرقي، وتارة الغطاء الديني، لان المطلوب حرمان العرب من الأمن والاستقرار، ومن حقهم في الوحدة القومية، وإقامة دولة الوحدة من الماء إلى الماء.
نحن امة مهددة في وجودها ووحدتها، وعلينا أن نكون إلى جانب أمتنا في الدفاع عن هذا الوجود، وفي النضال من أجل الوحدة، حتى في الحد الأدنى من الالتزام بالأمن القومي والتضامن العربي، بحيث لا يجوز ترك الحبل على الغارب لسياسات الغرب العدوانية، بل في الدفاع عن التراب العربي، الذي يتعرض لأي نوع من أنواع التهديد أو التفتيت والاقتطاع والتجزئة، ولن نكون صادقين في الدفاع عن هذا الوجود، إلا إذا بدأنا في نصرة فلسطين والعراق، وتقديم كل أنواع الدعم الرسمي والشعبي، لأطفال الانتفاضة في فلسطين وأبطال المقاومة في العراق، فهؤلاء يمثلون الخندق الأمامي في الصراع مع الغرب المعادي وحليفه الكيان الصهيوني، ومن يتذرع بالتقاعس في تقديم الدعم يقف وبدون ريب في الخندق المعادي للأمة، وجب على جماهير الشعب العربي في القطر الذي يتحكم فيه، أن تواجهه بأقسى أنواع المعارضة، حتى يتم تعريته وإجباره على تعديل مواقفه، وإلا واجه مصيره بنفسه، في العزل الشعبي إلى أن تحين ساعة إسقاطه.
لا ديننا ولا عروبتنا ولا كرامتنا تقبل أن نتفرج على الحالة المزرية والمأساوية التي نعيشها، نهبا للقوى الطامعة الإقليمية والدولية، ففي المنطقة الكيان الصهيوني ونظام الملالي الفارسي، وفي العالم أوروبا وعلى وجه الخصوص بريطانيا والولايات المتحدة، وهذه القوى تعلن صبح مساء إنها تمارس العدوان على أرضنا، فالكيان الصهيوني يجثم على أرض فلسطين، والنظام الفارسي يحتل عربستان والجزر العربية الثلاث ويتقاسم مع أمريكا احتلال العراق، وبريطانيا وأمريكا تحتلان العراق، والولايات المتحدة لها وجود عسكري في أكثر من مكان في الدول العربية.
الغرب يسعى لحالة التفتيت والتجزئة لدول العالم القومية التي تعارض سياساته، حتى يتسنى له تجريدها من قوتها وقدرتها على المواجهة، ونحن العرب في مقدمة هذه الدول، إلى جانب البعض من الدول الإسلامية، التي لا تسير في ركب سياساته العدوانية، وفي المقابل هو يسعى إلى توحيد صفوفه وكياناته، رغم ما بينها من اختلافات وفوارق في كل شيء، فهل نحن على بينة من سياساته وأهدافه؟، وهل نحن قادرون على التخطيط لإحباط هذه السياسات، وإفشال هذه الأهداف.