ساسة بريطانيا خبراء في تسويق الكذب
الدكتور غالب الفريجات - الأردن
ليس غريبا أن يظهر في الوثيقة الخاصة بأسلحة الدمار الشامل العراقية، التي أفرجت عنها الحكومة البريطانية، مدى الكذب الذي قامت به حكومة بلير المقبورة، في تسويق كذبة أسلحة الدمار الشامل، التي يمتلكها العراق، لتبرير الغزو والعدوان، فالساسة الانجليز ضليعون في الكذب، أليسوا هم أبطال أكبر كذبة في التاريخ؟، عندما أعطوا فلسطين وطنا قوميا لليهود على حساب الشعب الفلسطيني، تحت ذرائع واهية، أدت إلى تشريد شعب من وطنه، وإحلال غرباء من شتى الآفاق ليستوطنوا فيه.
ادعى بلير أن العراق في خلال خمسة وأربعين دقيقة قادر على مهاجمة بريطانيا، واعتمدت مصادره على رسالة عراقي حاقد على العراق والعراقيين، ثبت أنه كاذب في كل ما ورد في رسالته وادعاءاته، التي نشرت في الولايات المتحدة الأمريكية، ولم يخجل وقتها بلير من أن مصادره ليس مشكوكا فيها فحسب، بل ملفقة وكاذبة، واختلق كثيرا من الذرائع الكاذبة، وواجه برعونة موقف محطة الـ"بي بي سي"، التي شككت في ادعاءاته، بما يتعلق بامتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل، وراح ضحية هذه الأكاذيب خبير بريطاني، في عملية اغتيال، ليست أيادي المخابرات البريطانية بعيدة عنها.
بلير مارس دورا معهودا لساسة الغرب عموما وبريطانيا على وجه الخصوص، في الكذب على دول العالم الثالث، فهل نتذكر وعود هذه الدولة العظمى للشريف حسين بن علي؟، وهل ننسى مئات القرارات الدولية، التي يتم اتخاذها في مجلس الأمن؟، وكل هذه القرارات تؤخذ بموافقة دول الغرب، فيما يتعلق بقضية فلسطين وحقوق شعبها، واعتداءات الكيان الصهيوني واحتلاله للأراضي العربية، فأين ذهبت كل هذه القرارات، ولماذا يجبر العراق وبقوة القتل والحصار وبالغزو والاحتلال؟، على تنفيذ القرارات الدولية الكاذبة والملفقة.
أسلحة الدمار الشامل العراقية شماعة أراد بوش وبلير تعليق قرارا الغزو والاحتلال عليها، وأرادا أن يصنعا كذبا مستورا، ولكن خابت آمالهما عندما تبين أن العراق خال تماما من أسلحة الدمار الشامل، وأن العراق كان صادقا في بياناته، وأن الغرب الأوروبي والأمريكي كان يتقن فن الكذب، لتبرير الغزو والاحتلال.
بعد أن تم التأكيد من قبل خبراء أسلحة الدمار الشامل على أيدي خبراء أوروبيين وأمريكيين، وأن مبررات الغزو والاحتلال كانت ملفقة وكاذبة، لم يتراجع أي من مجرمي الحرب لا بلير ولا بوش عن ممارسة الكذب، فانتقلا لتلفيق ادعاءات أخرى أكثر كذبا، من مثل (ديكتاتورية النظام)، وكأن تاريخهما لا ينم عن ممارسة النوم في أحضان الأنظمة الديكتاتورية في العالم، وكأن العالم ينعم بواحة الديمقراطية الغربية باستثناء العراق والعراقيين، وكأن ما يجري على أرض العراق يمت بصلة لأي نوع من أنواع الحياة الإنسانية، التي ينادي بها الأوروبيون والأمريكان، من مثل مفردات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، إلى آخر معزوفة الكذب الغربي.
إنها دول الكذب والقتل والتدمير، وهم ساسة الإجرام والكذب والتلفيق، ونحن فقط المغفلون، الذين نصدق أكاذيبهم، وننام على وعودهم، وساستنا الذين يعيشون مغفلين، في ظل عالم ينفع فيه الكذب، وتذهب السياسة بعيدا عن كل معايير الصدق، ونبيع شعوبنا أوهاما سوقوها علينا، لتحقيق أهدافهم وغاياتهم، ولا نقبل أن نواجه كل أكاذيبهم بالممانعة والمقاومة، التي هي طريقنا نحو إحقاق حقوقنا، وبناء أنفسنا، وإقامة صروح حضارتنا.
هل نستحق أن تمرر أكاذيبهم علينا، وأن يلعبوا في مقدراتنا، وأن يدوسوا على كرامة أمتنا وشعوبنا، وأن يعملوا على تمزيقنا، وأن يمنحوا أرضنا وعرضنا لكل الغرباء عنا؟!!
نعم إننا نستحق كل ذلك، لأننا مغفلون، نعيش مع أكاذيبهم كأنها حقائق، رغم تكرار هذه الأكاذيب، ورغم خيباتنا في كل وعودهم، ورغم أنهم يمارسون علينا كل أنواع التكبر والتكابر، وهم أكثر انحطاطا وجهلا وتخلفا، فهم بلا أخلاق لا في السياسة ولا في الدين، ومن ذهبت عنه هذه فهو من أراذل البشر، ولماذا نحن نلهث وراء أراذل البشر؟، إن كنا فعلا ننتمي لأمة أكثر منهم رفعة وشأنا، ولكننا أضعنا أنفسنا وأضعنا أمتنا، فحق علينا أن نكون تابعين، وأن ننفذ كل ما يصدر عنهم من أوامر، وأن نصدق كل ما يدعون من وعود، وإن بدت لنا فاقعة في كذبها، وإن بدوا أبطالا في الكذب والتلفيق.