هل حقا يستضيف العراق المحادثات الثنائية بين قطبي احتلاله؟

الدكتور غالب الفريجات - الأردن

من المعروف أن العراق يرزح تحت الاحتلال العسكري الأمريكي البريطاني، وعبث المخابرات الفارسية المتماهية مع الاحتلال العسكري، إلى جانب ما ينفذه عملاؤها من الزعامات في الأحزاب العميلة من أمثال، "الحكيم والجعفري والمالكي والصدر"، إلى جانب "علاوي والهاشمي والدليمي"، وأخيرا وليس آخرا "الجلبي".

العراق المحتل وباعتراف حتى مجلس الأمن تدير شؤونه السياسية والعسكرية والأمنية والخدماتية والاقتصادية قوات الاحتلال، فأين هي السيادة التي تعطي الحق للتبجح أمام العالم، في أن بلدا فاقد السيادة يملك إرادة المواجهة مع الاحتلال، خاصة وأن الذين يتبوأون الحكم الشكلي فيه، هم من صنيعة الاحتلال العسكري الأمريكي والمخابراتي الفارسي.

كيف تتبجح حكومة العملاء في "المنطقة الخضراء"، والتي لا تجرؤ على الخروج من محيطها؟، أنها تستضيف المحادثات الفارسية والأمريكية على أرض العراق، وعندما أعلنت إدارة بوش أنها في الوقت الحاضر، ليست في صدد إجراء محادثات مع حكومة الملالي في طهران على أرض العراق، فهل استشار البيت الأبيض خدمه وعملاؤه في العراق على إعلانه هذه الخطوة؟.

صحيح أن حكام العراق الأمريكي لا يعاتبهم أحد، لأن من يدوس على وطن ومجتمع ودولة، ويذل شعب في جلب الاحتلال له، والعمل على خدمة الاحتلال، لا يمكن أن يشعر بالانتماء ولا الإحساس بالكرامة، لمن يقف في الخندق المعادي لبلد يدعي الانتماء إليه، من أجل مكسب مادي، أو بدافع حقد مأفونين، مثل هؤلاء خرجوا عن كل الأعراف والتقاليد، ولم يسجل التاريخ مثيلا لهم، باستثناء حالات الخيانة الصارخة، كحالة أبي رغال الذي لعنه الله، وابن العلقمي الذي سجل اسمه بالخزي والعار على مدى التاريخ.

لن يخدع هؤلاء احد في ادعائهم باستضافة قطبي الاحتلال، في إجراء المحادثات للاتفاق على سياساتهم، كيف سيتقاسمون كعكة الاحتلال؟، وكيف سيواجهون أبطال العراق في صفوف المقاومة العراقية الباسلة؟.

لن يلتفت قطبا الاحتلال الأمريكي والفارسي لعملاء العراق، الذين يقبعون في جحور "المنطقة الخضراء"، فبالأمس جاء ملا طهران احمدي نجاد لزيارة بغداد، وبحماية أمريكية، فالذين تكفلوا بحماية ممر طريقه وجسور بغداد، هم جنود الاحتلال الأمريكي، فكيف يريد هذا الملا الصغير أن يخدع الناس؟، بأنه يعادي أمريكا ويهدد الكيان الصهيوني، وهو الذي يستمتع بالنوم في الحضن الأمريكي الدافئ.

صحيح أن رموز النظام العربي الرسمي لا تختلف كثيرا عن حكام العراق الأمريكي، ولكن هذه الرموز تعرف حجمها، ولا تتنافخ في بطولات فارغة، كما عودنا عملاء العراق في الادعاءات الكاذبة بديمقراطيتهم وسيادتهم، وهم الذين لا يفهمون ولا يملكون أبجديات الديمقراطية ولا السيادة، لأنهم جاءوا على ظهر دبابات الاحتلال، الذي استخدمهم ورقة رخيصة لتدمير العراق، أرضاً وشعباً ومجتمعاً ودولة، فتحول العراق من دولة ذات سيادة مرهوبة الجانب، دفعت خميني الفرس أن يتجرع كأس سم الهزيمة، وهاهي أمريكا تبحث عن مهرب لها من بطولات أبناء النظام الوطني العراقي، الذين أثبتوا أنهم جديرون بالدفاع عن تجربتهم الوطنية القومية، وأنهم هم سادة العراق الحقيقيون.

العراق في ظل نظامه الوطني القومي، كان قدره يفيض على كل جيرانه، وكان العراقيون يستظلون بالغذاء والدواء والأمن المجاني، وفي عراق أمريكا، ستة ملايين عراقي مهجرون في الداخل والخارج، وضاعت كرامة المواطنين، بسبب الممارسات الطائفية والقتل الجماعي وغياب الخدمات والأمن، وتحول إلى أكثر دول العالم فسادا في الجانبين الإداري والمالي.

فهل هذا النموذج الذي أمامنا في العراق؟، يملك حدا أدنى من السيادة التي يتنافخ فيها، حد أنه يستضيف قطبي الاحتلال على أرضه، وهو العالم بأنه لا في العير ولا في النفير، ومن الخير لعبيد "المنطقة الخضراء"، أن يصمتوا صمت الأموات، فالأموات فيهم حراك أكثر منهم، ويكفوا عن الكلام لأنهم غير جديرين به.

[email protected]