البرلمانيون العرب ينامون في حضن الاحتلال الأمريكي في اربيل العراق
الدكتور غالب الفريجات - الأردن
ليس غريبا على إفرازات النظام العربي الرسمي أن تمارس دوراً مغايرا لتوجهات الجماهير العربية، فالنظام الذي فقد أهليته في أن يمارس ما هو مطلوب منه، في توفير الأمن الوطني والسلام الاجتماعي والحد الأدنى من الأمن الغذائي لجماهيره، وانبطاحه أمام قوى التجبر العالمي الامبريالي والصهيوني، بدا ذلك واضحا مع منتصف ستينيات القرن العشرين، أمام هزيمة حزيران، التي كشفت عري هذا النظام برمته، وازداد هوانه وضعفه إلى حد تآمر أطرافه، في دعم الغزو والاحتلال الأمريكي للعراق، وتعاطي هذا النظام مع إفرازات الاحتلال الأمريكي.
أن تتعامل السلطات التنفيذية في النظام العربي الرسمي مع إفرازات الاحتلال الأمريكي للعراق أمر قد يكون مستساغا، لأن هذه السلطات صنيعة الأنظمة التي وصفناها، وكذلك أن تتعامل جامعة الدول العربية مع إفرازات الاحتلال، فالجامعة صنيعة النظام أيضا، وإذا كنا نؤشر على فقدان النظام لأهليته في إدارة شؤون البلاد والعباد، فمن الطبيعي أن تتحمل السلطات التنفيذية المسؤولية الكبرى في ذلك، مع انه ليس مبررا لأحد أن يصل حد المؤامرة، أو الاشتراك فيها، إذا كانت في مستوى حجم الاحتلال الصهيوني أو الأمريكي.
البرلمانيون العرب يفترض أنهم إفراز الإرادات الجماهيرية، ومن المعروف لأي تلميذ في السياسة العربية، إن الجماهير العربية ضد الاحتلال لأي ارض عربية في فلسطين والعراق، و الإمارات العربية المتحدة، وحتى لو كانت في جزر الواق واق، وليس هناك من أحد يجرؤ على تأييد الاحتلال، اللهم إلا بعض الكتبة في الصحافة العربية الصفراء الذين يوصمون بكتاب المارينز، الذين يتلقون الأوامر والتعليمات من السفارات الأمريكية، وبشكل أدق من مندوبي المخابرات الأمريكية في هذه السفارات، ومثل هؤلاء الكتبة، كتبة القطعة، محتقرون في أعين الجماهير، وهم من المنبوذين حتى في أوساط عائلاتهم وأسرهم.
أما البرلمانيون الذين يفترض فيهم أنهم يمثلون إرادة الجماهير العربية وضمير الأمة، فان ممارساتهم في الذهاب إلى اربيل العراق تحت حراب الاحتلال الأمريكي، وبمصافحة العملاء والخونة والجواسيس، الذين ركبوا دبابات الاحتلال، وهاهم بعد مرور خمس سنوات على الاحتلال، يستجدون قوات الاحتلال للبقاء لحماية خياناتهم وعمالتهم، فمن يمنع هؤلاء البرلمانيين أن لا يقفوا في خندق أي احتلال أجنبي للدول التي يمثلونها، فالحس الوطني، والشعور بالانتماء، والتمثيل الصادق لآمالي وطموحات الجماهير، قد ذهبت جميعها مع الخطوة الأولى باتجاه اربيل العراق المحتل، ومصافحة العملاء والخونة في العراق الأمريكي.
لن يلتفت أحد إلى تخرصات رئيس ما يسمى بمجلس النواب العراقي في حق ليبيا، لأنه يعلم علم اليقين انه صنيعة احتلال، ومن إفرازات احتلال بشع، ولن يغير من الحقيقة في حق ليبيا أن ترفض حضور مؤتمر البرلمانيين العرب في اربيل العراق المحتل، لأن العراق تحت الاحتلال وكل ما جاء به الاحتلال فاسد وغير قانوني، وادعاءاته أن البرلمانيين العرب يعقدون مؤتمرهم في اربيل بسبب الأوضاع الأمنية، وإن كان فيها شيء من الصحة، إلا أنها لا تخفي حقيقة أن الطرزانين في العراق يستحوذان على معظم مواقع السلطة في حكومة المنطقة الخضراء، ومن ناحية أخرى، كيف لنظام حكم يقبع في المنطقة الخضراء، لا يجرؤ على معرفة شوارع العاصمة، لأنها تلتهب بعمليات أبطال المقاومة؟، أن يقوم بتمثيل البرلمانيين العرب وإن كان هذا التمثيل أم عدمه سيان، لأن البرلمانيين هؤلاء لا في العير ولا في النفير، فهم لا يمثلون إرادات جماهيرية بقدر ما يمثلون مصالحهم الخاصة، وأن الكثير منهم جاء بالمقعد النيابي، إما رشوة من النظام السياسي، أو بالرشوة التي دفعوها في شراء أصوات الناخبين.
لنسأل أضحوكة ما يسمى بمجلس النواب العراقي، أيهما أفضل أن تدفع أموالا للقيام بأعمال ضد الأمريكان والصهاينة، توصم بأنها إرهابية في نظرهم ونظرك، أم أن تدوس على كرامة وطن ودولة وشعب، من أجل أن تكون عميلا للاحتلال؟، ولنسأل أيضا أي بلد تمثل أيها المعتوه؟، والعراق حالياً وتحت الاحتلال الذي جئتم ظهور دباباته هو من أكثر دول العالم فساداً والأسوأ أمناً في شهادات الأمم المتحدة.
ولنسأل مرة ثالثة، هل تجرؤ أن تخرج إلى ملاقاة الذين انتخبوك؟، ومثله كل الذين ينتسبون إلى ما يسمى بمجلس النواب العراقي؟، هل أن العراقيين بعد الاحتلال أفضل حالا من انتمائهم لحكم وطني؟، كان يوفر لهم الأمن والغذاء والدواء، في ظل ظروف حصار قاسية، إلى جانب أن العراقي كان ينتمي لدولة مرهوبة الجانب، ذات دور فاعل في المنطقة، في الوقت الذي لم يعد في مقدور المواطن العراقي الحصول على ابسط الخدمات من ماء وكهرباء وأمن .. الخ، وأن المواطنين العراقيين باتوا يهيمون على وجوههم في بلاد العالم.
كيف يتمكن المعتوه من تمثيل البرلمانيين العرب؟، وهو الفاقد لأهلية تمثيل شعبه، لأنه قانونا لا يجوز أن تتم انتخابات في ظل الاحتلال، أم أن البرلمانيين العرب هم أيضا على نفس الشاكلة، قد تم انتخابهم في ظل احتلال إرادات النظام العربي الرسمي، من قبل الامبريالية الأمريكية والصهيونية، وهم جميعا على شاكلة انتخابات "العراق ودستور العراق الجديد" بعد الغزو والاحتلال.
من المفيد رصد كل الأعضاء من البرلمانيين، الذين شاركوا في مؤتمر اتحاد البرلمانيين العرب، في ظل الاحتلال الأمريكي، حتى تتم مساءلتهم من قبل الفئة التي منحتهم أصواتها، وان يسألوا هل وفرت لهم عصابات البرزاني سهرات ليلية مع مطربات ومغنيات صهيونية؟، أو لقاءات أعضاء كنيسة صهاينة، نظرا لعلاقات سلطات الجيب العميل من العائلة البرزانية بالكيان الصهيوني، وخاصة أن علاقات القيادات السياسية الكردية مع الصهاينة وطيدة وتاريخية.
شاهت وجوه كل الذين يمارسون التطبيع، مع العدو الصهيوني ومع إفرازات الاحتلال الأمريكي، أيها المجتمعون في اربيل العراق المحتل، لقد شوهتم الإرادة الجماهيرية العربية، التي تدعون تمثيلها، وقد حولتم تسميتكم من نواب، إلى نوائب وقعت على رؤوس الذين صوتوا لكم، وألف ألف تحية، لكل برلماني عربي رفض المشاركة، وكل التقدير إلى الدولة الليبية، التي قالت كلمة الحق، وهي لا تعبأ بتخرصات العملاء، ولا لكل زمر الخيانة في العراق الأمريكي، لأن ديدنها:
لو أن كل كلب عوى ألقمته حجرا / لأصبح الحجر الملقى بدينار
ولا سلام إلا على المؤمنين بحق هذه الأمة في الوحدة والتحرير.