السيف والقلم

بقلم: غسان مصطفى الشامي / فلسطين المحتلة - غزة

السيف والقلم، رائعة من روائع العلامة ابن خلدون، هذا المفكر الإسلامي العربي، يَقف القلم عاجزاً عن الحديث عنه وعن فكره الكبير، فَقد وَضع تَصوراته للعالم منذ القدم، ووضع علماً كبيراً من خلال مُقدمته في كتاب "العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر"، لقد تَحدث عن الدور الكبير والدافعي والقيادي للقلم بجانب السيف ومَدى أهميته في الحِفاظ على الدَولة وتَقوية أركانها.

* يُدرك ابن خَلدون قُوة القَلم في الدِفاع عن شَرف الأمة والذَود عَن حِياضها والطريق المُعبد  للوقوف بوجه الظلم والصدح عليا بالحق المبين.

* إن للقلم دوره الكبير في الدفاع عن الوطن ووحدته، والوقوف في وجه المُؤامرات والمَكائد والدَسائس التَي تُحيط بالأمة والحُروب التي تُشن عَليها لوئد قيمها الأصيلة وأفكارها العظيمة ومبادئها العريقة، إن القلم يُرافق السَيف والسِلاح ويقف في مقدمة المَيدان ليُدافع عن الوطن والمُقدسات، وليكون حِبره مداداً لدماء الشهداء، بالقلم والفكر تحيا الأمة وتَسمو وترتقي، وفي سلم المجد يعلو شأنها وتعلو قيمها.

* إننا اليَوم بأشد الحَاجة إلى سُيوف المُفكرين المَاضية نَحو الحَق التَليد، وبحَاجة إلى عَقول الشَباب والرجال ليَدعموا بنيان هذه الأمة ورَكائزها وليَجابهوا بهذه السُيوف، الأبَاطيل والإدعاءات الصهيونية ويُنافحوا عَن الأمة وشرفها المنتهك، فالقَلم به تَحيا الشعوب والأمم وتبلغ سُلم المَجد العَريق، وهَاهم المُفكرون المُسلمون يُؤكدون مَدى أهمية القلم وقوته الكبيرة على الحفاظ على امن الدولة وحِماية أمنها.

* المفكرون وأصحاب الأقلام الطاهرة الشريفة، اليَوم هم أصحاب الحَسم في المَعارك والحُروب فهم جِنرالات الحرب المقبلة وقادتها ومحددو نتائجها، ويَقع عَليهم دَور كَبير وهَام في الدِفاع عن الأمة وحَضارتها".

إنَّ للمُفكر والمُثقف دوراً كبيراً في واقع النّاس ودنياهم، وصَاحب الدَور الرِيادي في إصلاح الوَاقع المهترئ الذي تَحياه الأمم والشُعوب، ويَلعب دَور هَام في الأزمات والملمَّات التي تقع على الأمَّة، وكيف يَكون صاحب الهمة العالية في إخراج الأمَّة من كُبوتها، وهمومها ومشاكلها.

ويَقول ابن خُلدون في الفصل الخامس والثلاثون في التفاوت بين مراتب السيف والقلم في الدول "اعلم أن السيف والقلم كلاهما آلة لصَاحب الدَولة يَستعين بها على أمر إلا أن الحَاجة في أول الدولة إلى السيف ما دام أهلها في تمهيد أمرهم أشد من الحاجة إلى القلم لأن القلم في تلك الحال خادم فقط منفذ للحكم السلطاني والسيف شريك في المعونة و كذلك في آخر الدولة حيث تضعف عصبيتهما كما ذكرناه ويقل أهلها بما ينالهم من الهرم الذي قذفناه فتحتاج الدولة إلى الاستظهار بأرباب السيوف وتقوى الحاجة إليهم في حماية الدولة والمدافعة عنها كما كان الشأن أول الأمر في تمهيدها فيكون للسيف مزية على القلم في الحالتين ويكون أرباب السيف حينئذ أوسع جاهاً وأكثر نعمة وأسنى إقطاعاً وأما في وسط الدولة فيستغني صاحبها بعض الشيء عن السيف لأنه قد تمهد أمره ولم يبقى همه إلا في تحصيل ثَمرات الملك من الجباية والضبط ومباهاة الدول وتنفيذ الأحكام والقلم هو المعين له في ذلك فتعظم الحاجة إلى تصريفه وتكون السيوف مهملة في مضاجع أعمالها إلا إذا أنابت نائبة أو دعيت إلى سد فرجة ومما سوى ذلك فلا حاجة إليها فتكون أرباب الأقلام في هذه الحاجة أوسع جاهاً وأعلى رتبة وأعظم نعمةً وثروةً وأقرب من السلطان مجلساً وأكثر إليه تردداً وفي خلواته نجياً لأنه حينئذ آلته التي بها يستظهر على تحصيل ثمرات ملكه والنظر إلى أعطافه وتثقيف أطرافه والمباهاة بأحواله ويكون الوزراء حينئذ وأهل السيوف مستغنى عنهم مبعدين عن باطن السلطان حذرين على أنفسهم من بوادره.

إلى الملتقى..

27-2-2008

[email protected]