مرابطين غزة من المغرب إلى فلسطين
بقلم: غسان مصطفى الشامي - فلسطين المحتلة
ما أصعبها من لحظات عندما يبتسم المرابطون من شد الحزن والألم على فراق الأحبة، وتَقف الدموع مُتحجرة عِند حدود العيون وداخل الجفون لا يراها احد، ولا يَسمع نحيبها بَشر، وتَعجز الكلمات الثقال والأفكار العجاب وتقف الأحرف مبهمة، عن وصف ما يدور في أذهان المرابطون وهم يحملون على أكتافهم أخاهم في الرباط ليواره الثرى إلى الجنان، وتتساءل أنفسهم في حيرة من أمرها من سيحملنا عند اللقاء وعند الثرى، بريق المجد يلمع في عيونهم، كالصقور على قمم الجبال، يتغنون بترانيم وألحان البندقية والثوار.
* ما أروع الحزن في عيون المرابطون وهم يُودعون رِفاق دربهم في الرباط ويعودون مُسرعين إلى ثُغور غزة الشماء، وتَسألهم، لتَجد أهازيج القُوة والحُرية في قلوبهم وتَرسم مَلامح وجوههم خَارطة القدس وحيفا، ها هم المُرابطون في غزة يلتحفون التراب في البرد والصقيع وتظلل عليهم غمامات النصر العظيم، وينشدون سيمفونية الصمود ويخطون واثقين بنصر الله المبين.
بشائر النصر للأمة بوابتها غزة الصامدة، غزة العصية على الانكسار، إنها حياة الأحرار في وجه الحصار، يمتد بنا التاريخ ويتجدد في كل يوم مع رباط أهل غزة فهم المرابطون على ثغور غزة الباسلة، والقابضون على الجمر الملتهب، والتاريخ يمتد بنا من المَغرب الإسلامي ودولة المُرابطين إلى أسطورة المُرابطين في غزة هاشم، وهي تَقف وَحدها في وَجه أعتى الترسانات العسكرية والعَالم كله يتفرج عليها، وحدها في المَيدان، تجابه الصواريخ والطائرات، فهي الأسطورة في زمن ضياع الأمة وسقوطها في مهاوي الردى.
ها هي غزة المُرابطة تَرسم أَسمى آيات النصر والعزة والخُلود للأمة العربية، فهي تجابه العدو بجيشها المقدام وسلاحه القوي، الإيمان والإرادة، هذه الإرادة جعلت من هذا الشعب رمزاً للثوريين والأحرار.. ها هي غَزة تَكتب التَاريخ من جديد، تَكتب المَجد والعز للأمة وهي تُسطر أَروع مَلامح البَطولة والفِداء وتُعيد للأُمة انتصاراتها ومَجدها التليد، ها هي غزة تُشعرنا بالنصر المُؤزر وتحرير الأوطان.
من غزة الصامدة نشم روائح الجهاد وعبق الحرية من دنس المحتلين الأوغاد، فهاهم أهلها المرابطون على أرضها يضربون المثل الأعلى في التحدي والصمود والكبرياء.
لقد اشتهر المرابطون في التاريخ بزهدهم وعبادتهم وقوتهم وحياتهم المثالية في رباطهم، فهم يتعاونون على قوتهم اليومي، ويقنعون بالقليل من الطعام ويرتدون الخشن من الثياب.
وهذا ما يحدث مع المرابطون على ثغور غزة، فتجد فيهم الهمة العالية، والعزيمة الجبارة، و الصفاء الروحي، فقد وهبوا الحياة كلها لله، مُشتاقون إلى الجِنان، يَقف المرابط في رباطه على ثغر من ثغور الإسلام يُدافع عن شرف الأمة الإسلامية وعن ديار المسلمين، وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها"، فهاهم مرابطو غزة يلقنون العدو الدروس والعبر، ويوقعون الخسائر الكبيرة بينهم، وعلى الجانب الآخر تشعر بالإحباط عندما تصدأ الأسلحة في المخازن العربية، ويَرقص الجنود في الحانات ويشربون الكاسات، والأنظمة والحكومات تَغط في سباتٍ عميق، هاهُم فرسان غزة بأسلحتهم البسيطة يُقارعون أعداء الله في الأرض، ها هو الطُفل الفلسطيني يَقف ويَصرخ في وَجه الجيش الذي لا يُقهر ويُحطم هذه الأسطورة التي تَخافها العَرب.
أما آن الأوان ليشاركنا الأخوة العرب في الرباط على ثغور غزة، أما آن الأوان للعرب أن ينهضوا من كبوتهم ويُسطروا أحرف من نُور ليواجهوا العدو، كفانا تقاعساً وكفاناً هزائم، ولنوحد الصفوف وننضم إلى المرابطين على ثرى فلسطين، ألم تحرك فيكم مشاهد القتل والدمار بحق شعب غزة ساكناً، إلى متى، إلى متى؟؟.
إن ما يَحدث في غزة يُمثل بشارات النَصر للأمة الإسلامية، ويحقق هزيمة كبرى للعدو الإسرائيلي، وهو الطريق والسبيل، لتحرير الأوطان من شر الأجناس، كرامات الشهداء تزين سماء غزة وتضيئها بالنور الساطع المبين، وعبق دماء الشهداء يَفوح في الشوارع وأزقة المخيم والأشلاء تتناثر على الجبال والسهول، إنهم الشهداء الأكرم منا جميعا، إنهم العزة والكرامة لهذه الأمة.
إلى الملتقى..