حان الوقت يا عبّاس!

د. إبراهيم حمّامي

سأتغاضى اليوم عن حقائق وثّقتها المراكز الحقوقية في تقاريرها وأكدها المراقبون وعدسات الكاميرات، واحتج ودفع بها عدد من المرشحين يوم انتخابات رئاسة السلطة في 09/01/2005، يوم تم تمديد الانتخابات دون مسبب ثلاث ساعات، يوم اعتُمد السجل الانتخابي والمدني بغير وجه حق، يوم سمح بالتصويت على الهوية، يوم نقلت الحافلات "المصوتين" من مركز لآخر، يوم مُسح الحبر الهندي الخاص عن أصابع "المصوتين"، يوم زورت إرادة الشعب الفلسطيني، سأتغاضى عن كل ذلك واعتبر أن عبّاس هذا قد فاز في انتخابات حرة نزيهة شريفة ديمقراطية، وبالتالي فهو رئيس شرعي لثلث الثلث من فلسطينيي الداخل.

مع هذا التغاضي والافتراض، ومع افتراض النوايا الحسنة التي كتبت عنها مطولاً في 07/04/2005 تحت عنوان "هل تكفي النوايا الحسنة؟"، ومع قراءة حقيقية للواقع الأليم والأداء الأكثر من سيء لمحمود عبّاس، وفشله في كل شيء من رئاسته للسلطة، إلى عدم سيطرته على حركته ورموزها، مروراً بالمفاوضات العبثية التي يعتنقها فكراً وعقيدة، إلى محاولات التبرير والخداع التي تصل حد الكذب البواح، وليس انتهاء بتجريم شعبه ومحاصرته، فإن الوقت قد حان أن يبحث عبّاس لنفسه عن مهمة أخرى قد ينجح فيها في أواخر عمره.

حاول الراحل عرفات قبله أن يصل لنتيجة من خلال التفاوض وعبر "سلام الشجعان"، وعندما أحس بفشل الرهان على الاحتلال والمفاوضات، وأيقن أن الوعود ما هي إلا مماطلات وخداع، وحاول أن يقف ولو متأخراً في وجه الخديعة الكبرى، كانت النتيجة أن حوصر وتمت تصفيته سياسياً وجسدياً من قبل أقرب المقربين إليه، والاحتلال اليوم هو هو لم يتغير ولم يتبدل، بل ازداد إجراماً ووحشية واستهزاء وإذلال لرموز تلك السلطة البالية، وهو ما أقره صائب عريقات مستنكراً "إذلال الرئيس".

هذا الإذلال وصل لمرحلة لا يمكن لمن بقي فيه ذرة شرف أو كرامة أن يقبل به، وبشكل يومي وعلى جرعات متصاعدة دون أي تقدير للمواقف المخلصة التي اتخذها عبّاس خلال فترة "رئاسته" وتمسكه بالشريك الذي يذبحه سياسياً، ويذبح شعبه جسدياًً، ولنراجع بعضاً من مواقف عبّاس تجاه الاحتلال، ومن ثم رد سلطات الاحتلال على صنيعه ووفائه.

عبّاس:

- مؤمن إيمان لا يتزعزع أن المفاوضات – حتى غير المثمرة - هي الخيار الاستراتيجي الوحيد.

- لا يتحرج من لقاء القتلة من قادة وجنرالات الاحتلال ولو بعد ساعات من جرائمهم كما فعل في العقبة بعد مجزرة شاطئ السودانية في غزة.

- لا يؤمن بأي شكل من أشكال المقاومة بما فيها القاء الحجارة وهي بنظره عبثية حقيرة إجرامية تجلب الويلات للشعب الفلسطيني.

- السبّاق لإدانة أي عمل مقاوم فلسطيني، معزياً "ضحاياه"، صامتاً صمت القبور على سقوط ضحايانا.

- متمسك لأبعد الحدود بشريكه "أولمرت" بعد شريكه السابق "شارون"، حتى وان اعتبروه كما عرفات قبله "غير ذي صلة".

- اسقط حق العودة للاجئين أكثر من مرة كما فعل في لقاءاته المتكررة مع صحف عديدة منها المصور المصرية في 03/12/2004، ومع الـ"بي بي سي" البريطانية في 02/01/2005، و"دير شبيغل" الألمانية في 21/02/2005 وفي 09/08/2005 أمام التشريعي.

- ضرب مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية وإنهاء دورها الفعلي وتحويل لجنتها التنفيذية إلى ديكور يتماشى مع سياساته تحت أمانة سر ياسر عبد ربه.

- يقبل بكل القرارات من أي جهة ودون تحفظ أو تعديل كما صرح بنفسه في لقائه مع مجموعة منتقاة من الصحفيين قبل عدة أشهر.

- ومع القرارات قبل مبدأ تبادل الأراضي، وقبلها وقع وثيقة مع "يوسي بيلين" أنكر وجودها خمس سنوات قبل أن يعترف بها، تسقط القدس وحق العودة.

- الانقلاب على النظام السياسي الفلسطيني وتجاوز التشريعي وإصدار مراسيم لا أصل لها.

- المشاركة في التآمر على نتائج الانتخابات وحصار الشعب الفلسطيني كما ثبت في تقرير اللجنة التي شكلها برئاسة الطيب عبد الرحيم للنظر في أحداث العام الماضي والتي أوصت بوضوح بمحاصرة قطاع غزة، وأقرت بصرف ملايين الدولارات للانقضاض على تلك النتائج، وهو أيضاً ما أوضحه بالتفصيل تقرير صحيفة "فانيتي فير" الأمريكية، وما اعترف به عبّاس شخصياً في مؤتمره الأخير مع "رايس" عندما أعلن أنه لن يسمح برفع الحصار عن غزة إلا إذا توقفت الصواريخ.

- الانصياع التام ودون نحفظ لكل ما يؤمر به، حيث أغلق وعبر فياض أكثر من مائة جمعية خيرية، وحل لجان الزكاة في الضفة الغربية، وأوقف رواتب عشرات الآلاف من الموظفين، وجمع سلاح المقاومة، وأقر بيع الأراضي الفلسطينية للأجانب، وقمع الحريات في الضفة الغربية.

- يصر على دور للاحتلال على معبر رفح متمسكاً باتفاقية دحلان المهينة في 15/11/2005 التي انتهت.

- أعطى المبرر لذبح غزة بإصراره الكاذب على وجود تنظيم القاعدة في غزة.

- برر المذبحة في قطاع غزة بعد حدوثها في تصريحاته لراديو سوا بتاريخ 11/03/2008.

- طاف العالم قبل "مؤتمر أنابوليس" محرضاً على جزء من شعبه، ومروجاً للمؤتمر، ولم يتزحزح من مكانه وغزة تحترق بداية الشهر.

- يرفض أي حوار فلسطيني فلسطيني، و"يعلق" المفاوضات مع الاحتلال لأسبوع فقط لم يستطع بعدها البعد عن شركائه الملطخة أياديهم بدماء شعبنا.

كان هذا جزءءا يسيراً من مواقف عبّاس ونواياه الحسنة وإخلاصه لشركائه، ولكي تكتمل الصورة لنرصد بعضاً من رد الجميل لعبّاس من قبل الاحتلال الذي يمعن في إذلاله وإهانته:

- الاستيطان:

تضاعف مرات ومرات، ورغم الوعود والعهود بوقفه ما زالت الوحدات السكنية تبنى ووصل التحدي إلى عتبات منزل قريع في أبو ديس، حتى حينما رفعت السلطة شعار أن لا مفاوضات في ظل الاستيطان لم يكترث الاحتلال.

- القدس:

تهود ليل نهار وهي خارج المفاوضات، ورفض الاحتلال بعد "أنابوليس" إدراجها على طاولة التفاوض (..)، وسط إصرار على إبقائها كآخر بند يمكن الحديث عنه.

- الدولة الفلسطينية:

ورغم أنها حاجة أمنية للاحتلال بشكلها المطروح، اعتبرتها سلطات الاحتلال أمراً لن تسمح به كما صرحت بذلك وزيرة خارجيته قبل أيام، ويتم تمزيق الأراضي الفلسطينية بشكل لا يمكن معه قيام دولة.

- الأسرى:

تضاعف عددهم منذ استلام عبّاس منصبه، ويرفض الاحتلال إطلاق عدد معقول منهم كبادرة حسن نية، رغم أنه يستطيع اعتقال إضعافهم في ذات الأسبوع كما فعل بعد إطلاق سراح 100 أسير، قلص عددهم إلى 90 ثم 87!.

- الاعتداءات:

ولا نتحدث عن غزة التي يحرض عليها عبّاس ليل نهار ويساهم في حصارها، بل عن الضفة الغربية الخاضعة للسيادة الوهمية لعبّاس وسلطته، والتي لا تطلق منها صواريخ "كرتونية عبثية"، والتي تستباح كل يوم وليلة تحت مرأى ومسمع أجهزة القمع الفلسطينية بقيادة الطيراوي.

- اللاجئون:

رفض أي حديث عن حق العودة، وسن القوانين والتشريعات لمنعه، والإصرار على مبدأ "يهودية الدولة".

- الوعود والاتفاقات:

يٌضرب بها عرض الحائط، فلا حواجز ترفع، ولا جدار الفصل العنصري توقف البناء فيه، ولوحق واعتقل المطاردون الذين قاموا بتسليم أسلحتهم، وبقيت المعابر مغلقة كما هي، وخٌرقت اتفاقات التهدئة السابقة عامي 2003 و2005، وغيرها من الممارسات.

- الإذلال المتعمد لـ"شركاء السلام":

كما وصفه صائب عريقات، وكما تابعناه في توقيف قريع على الجسر قادماً من الأردن وتعرضه للتفتيش "الخشن" والذي يعني حسب فهمي تعريته، هذا وهو في طريقه للقاء ليفني في القدس المحتلة.

لا يمكن بحال حصر مواقف الطرفين، لكن بالتأكيد يمكن المقارنة بينهما، واثبات فشل عبّاس وسياساته، خاصة تلك التي وضعها في برنامجه الانتخابي، وتثبيت عجزه التام من فعل أي شيء، اللهم إلا اللقاءات والقبلات وبث التحريض والاتهامات، مقابل عربدة وعدوان للاحتلال بلغ من الصفاقة التباهي بالاغتيال بدم بارد قبل يومين في بيت لحم التي تخضع لسلطة عبّاس الوهمية.

قد يحاول البعض الإيحاء بأن ذلك بسبب ما قامت وتقوم به أطراف فلسطينية أخرى، أو بعد ما تسميه رموز أوسلو "الانقلاب"، لكن لنتذكر أن إذلال عبّاس ومن معه بدأ قبل، واستمر بعد الانتخابات التشريعية، وهو ما علقت عليه بعد أشهر من استلامه منصبه فقلت في حينها وبتاريخ 07/04/2005:

بداية الاقتباس:

وحتى لا يدعي من يدعي وكالعادة أن ما سبق هو مجافاة للحقيقة وادعاء بلا بينة أو مضمون، لنستعرض سوياً سلسلة الأحداث الأخيرة منذ "تفاهمات" شرم الشيخ، متغاضياً ومتجاوزاً الفوضى والزعرنات "الرسمية" في مناطق سلطة أوسلو، ومتغاضياً أيضاً عن قضايا وفضائح الفساد التي بدأت تطفو على السطح بملايينها التي نهبت وهرب أصحابها خارج البلاد، وعن كل التصريحات والتصريحات المضادة من أبطال أوسلو وضباطها المعزولون والمرقون، مركزاً على إجراءات الاحتلال التي يتفرج عليها أركان سلطة أوسلو مطالبين بالمزيد من الوقت، ربما لاستكمالها فرضاً للأمر الواقع، أو ثقة في الشريك الجديد ضمن سياسة النوايا الحسنة:

- لم تتوقف حملات المداهمات والاعتقالات وطالت حتى من أفرج عنهم ضمن الصفقة المعروفة بحجة نشاطهم "الإرهابي" ، وما زال الشهداء والجرحى يسقطون برصاص الاحتلال وآخرهم الجرحى بجراح خطيرة في بلدة سلفيت.

- تعرض أفراد شرطة أوسلو للضرب والإهانة يوم الثلاثاء 05/04/2005 في مدينة الخليل دون أن يحرك قادتهم من الضباط الأشاوس ساكناً وكأن الأمر لا يعنيهم.

- باعتراف محافظ الخليل عريف الجعبري رُُشت مساحات شاسعة ممتدة من منطقة يطا حتى بئر السبع جنوباً وحتى عين الجدي شرقاً بمواد سامة تستخدم في قتل الجرذان أدت لنفوق أعداد من الماشية ولتهديد الآبار الجوفية وبالتالي حياة المواطنين.

- تسعى سلطات الاحتلال لإقامة مكب للنفايات في بطن جبل وسط عدة تجمعات سكانية فلسطينية لا تبعد عنه المنازل السكنية سوى 500 إلى 1500 متر ولا يفصله عن أربع أبار جوفية تزود سكان مدينة نابلس وقرى دير شرف وبيت ايبا وقوصين وزواتا والناقورة باحتياجاتهم من مياه الشرب سوى كيلومتر واحد على أبعد تقدير، وقد أوكلت الأشغال إلى شركة "بارون انداستريال بارك" التي ستجمع هذه النفايات أولا في موقع "هاداريم" ثم تنقلها إلى محجر أبو شوشة.

- لم تتوقف عمليات مصادرة الأراضي ليعلن الجعبري أن 54% من أراضي الخليل أصبحت الآن مصادرة، وليكشف المكتب الوطني للدفاع عن الأرض و مقاومة الاستيطان عن أنّ مساحة الأراضي التي تمت مصادرتها أو وضع اليد عليها أو الاستيلاء عليها من قِبَل المستوطنين في شهري شباط و آذار 2005 بلغت حوالي 93132.5 دونماً رغم ما أعلن عنه من تفاهمات مع السلطة الفلسطينية في شرم الشيخ.

- أعادت سلطات الاحتلال الحواجز التي أبعدتها لأمتار محدودة حول أريحا وطولكرم ولم تنفذ إنسحابات أخرى ولو شكلية.

- استمرت سلطات الاحتلال في سياسة هدم المنازل لتقرر مؤخراً هدم 90 منزلاً تضم أكثر من 150 عائلة فلسطينية في منطقة البستان ببلدة سلوان في القدس المحتلة الأمر الذي سيؤدي إلى تشريد أكثر من 800 فلسطيني.

- خلال الشهرين الأخيرين ومنذ شرم الشيخ اتخذت سلطات الاحتلال وبشكل رسمي سلسلة قرارات عديدة لتثبيت الاستيطان و مصادرة المزيد من أراضي المواطنين الفلسطينيين لصالح الجدار الفاصل أو ضمّها لأراضي ما وراء الخط الأخضر ، و من هذه القرارات التي صدرت خلال شهري شباط و آذار لهذا العام ما يلي:

1 - إقرار مخطّط بناء 400 وحدة سكنية بجوار "قبة راحيل" / مسجد بلال بن رباح في مدينة بيت لحم من الأسبوع الثاني من شباط.

2 - قرار رئيس حكومة الاحتلال بالمصادقة على المسار الجديد لجدار الفصل في مقطعٍ جنوب و شرق مدينة القدس المحتلة (جوار قبة راحيل و مستوطنة معاليه أدوميم).

3 - الإعلان عن مخطّط "دائرة أراضي (إسرائيل)" لبناء 6391 وحدة سكنية استيطانية في مستوطنات رئيسية في الضفة الغربية، وهذا يزيد 3.5 مرة عن الوحدات المسوقة في عام 2004 و 5.5 مرة عن تلك التي سوّقت عام 2003م.

4 - قرار تعديل مسار الجدار الفاصل جنوبي الضفة الغربية ، الأمر الذي سيؤدّي إلى ضمّ 9.5 % من أراضي الضفة إلى الدولة العبرية (بما في ذلك 2 % من مساحة الضفة في محيط مدينة القدس المحتلة) مع ملاحظة أنّ مساحة 1.2 % من المساحة التي سيلحقها الجدار بمستوطنة "معاليه أدوميم" ستكون بمثابة عازلٍ شماليّ للمدينة من شمال الضفة.

5 - قرار بتوسيع مستوطنة "معاليه أدوميم" على شكل إصبعٍ يمتدّ جنوباً على مسافة 13كم في عمق الضفة الغربية، و إضافة 3500 وحدة سكنية جديدة إليها، وذلك في إطار مخطّط الربط بين "معاليه أدوميم" والقدس المحتلة، وسيتمّ البناء على مرحلتين وعلى مساحة 12 ألف هكتار.

- الجدار الفاصل مستمر في التهام أراضي الضفة الغربية لتكون الصورة النهائية لتأثير بناء الجدار على أراضي الضفة الغربية كما يلي:

- أراضٍ ستقع غربي الجدار : 419 كم2 ، ما يعادل 7.4 % من مساحة الضفة الغربية.

- أراضٍ معزولة في جيب مستوطنة "أريئيل" : 169 كم2، ما يعادل 2.1 % من مساحة الضفة الغربية.

- كتلٌ استيطانية شرقي الجدار محاطة بجدرانٍ عازلة وأسيجة : 1613 كم2 ، ما يعادل 28.5 % من مساحة الضفة الغربية.

ويكون بذلك المجموع النهائيّ للمساحات المصادرة والمأخوذة من مساحة الضفة الغربيّة: 2604 كم2، ما يعادل 46 % من مساحة الضفة الغربية.

- الاستمرار في سياسة الإذلال على المعابر وإضافة ما سميت بغرفة الموت الإشعاعية، ومرة أخرى دون اعتراض أو احتجاج من قبل سلطة أوسلو ورئيسها.

كل ما سبق هو الجزء الذي عُرف من ممارسات الاحتلال وما خفي أعظم، والمحصلة صفعات متتالية لسياسات عبّاس ذات النوايا الحسنة!-

انتهى الاقتباس

 

إذن وبالحقائق الدامغة لم يتغير شيء بعد ثلاث سنوات من عهد عبّاس المأساوي، قبل وبعد أحداث غزة، بدون حجج واهية، إلا الاستمرار في الفشل والعجز الذي أوصلهم لوضع الألعوبة والوكيل الحصري للمحتل، وها هو أحد جنرالات الاحتلال يمعن في توصيف ذلك، ليقول "الجنرال جادي شماني"، قائد قوات الاحتلال في الضفة الغربية: إن "أبو مازن" يواصل السيطرة على الضفة الغربية بفضل الجيش "الإسرائيلي"، مشدداً على أنه لولا الغطاء الذي يوفره الجيش الإسرائيلي لسيطرت حماس على الضفة في غضون ساعات!

عبّاس فقد كل المقومات، وفقد أهليته ليقود الشعب البطل، وللتذكير فقد سبق وقدمت دعوى قضائية لإسقاط الأهلية عنه في شهر ديسمبر/كانون الأول 2006، موضحاً الأسباب، والتي تزداد مع مرور كل يوم سبباً آخر، في ظل فشله وعجزه ومن معه.

آن الأوان أن يقر عبّاس ومن معهم بأن دورهم انتهى، وبأنهم وبعد أن سلموا كل شيء وتآمروا على شعبهم لم يحصدوا غير المهانة والإذلال، وأن المفاوضات لم ولن تجلب لشعبنا حق من حقوقه، لأن الاحتلال ببساطة يعتبر أن "الفلسطيني الجيد هو الفلسطيني الميت"، وعلى من يدعي غير ذلك أن يعرض لنا انجازات المفاوضات، لا أن يصر بعض الصبية أن الهدف "تلبيس" الاحتلال المفاوضات كانجاز عظيم.

هل يمتلك عبّاس الجرأة والكرامة والشرف ليتخذ قراره بإعلان الفشل والتنحي؟ أم يصر على السير لآخر الطريق المسدود؟ ربما! وفي كلتا الحالتين سيكون درساً وعبرة لمن يقف في وجه شعبه ويضع يده في يد قاتله وجلاده، وربما وعلى مبدأ كما تدين تدان، يشرب من ذات الكأس السياسية التي سقاها لخلفه يوم فٌصّل منصب رئيس الوزراء على مقاسه، وعبر رئيس للوزراء عينه فأدار له ظهره، وبدأ يسحب صلاحياته الواحدة تلو الأخرى، وعقد اللقاءات المنفردة دون رئيسه، وإصدار القرارات دون العودة له، رافضاً تغيير أي وزير في حكومته، سبحان الله ما أشبه اليوم بالبارحة، وما أشبه تصرفات فياض مع عبّاس اليوم بتصرفات عبّاس مع عرفات بالأمس.

انتهت اللعبة وحان الوقت يا عبّاس، فاتخذ قرارك، ان كنت تملك من أمرك شيئا..

[email protected]

14/03/2008