حول ربط الإسلام بالإرهاب
د. إبراهيم علوش
حتى لو أمكن وجاز ربط الإسلام بالمقاومة، سواء من حيث قدرته التعبوية على الاستشهاد، أو من حيث مواجهة الهجمة الثقافية الإمبريالية في زمن العولمة، فلا يمكن أبداً ربط "الإرهاب" بالإسلام حتى من ناحية شكلية، وإليكم مثلاً هذه الوقائع:
1 - ما بين تموز / يوليو 1987 وشباط / فبراير 2000، قامت "منظمة نمور التاميل" بسيريلانكا بـ 168 عملية استشهادية، وهي منظمة غير إسلامية بالتأكيد وقواعدها ليست من المسلمين، ولكنها اغتالت راجيف غاندي في أيار / مايو 1991 والرئيس السيريلانكي عام 1993، وبمحاولة اغتيال الرئيس السيريلانكي في 12/ 1999، وغيرها الكثير من العمليات، وتقوم بهذه العمليات شعبة الفهود السود في المنظمة التي يحمل كل عضو من أعضائها حبة سم ليتناولها إذا أوشك أن يعتقل، لكي لا يفشي بأسرار المنظمة!
2 - ما بين 30/6/1996 و5/7/1999، قام "حزب العمال الكردستاني" بحوالي 15 هجوم استشهادي ناجح، بالإضافة إلى ست محاولات فاشلة، وهو تنظيم يتبنى الماركسية كما نعلم.
3 - وتكثر الأمثلة، ولكن يبرز بينها مثالا "الجيش الجمهوري الايرلندي" والمنظمات المتفرعة عنه، و"منظمة إيتا" الباسكية في إسبانيا، وكان الانفصاليون الباسكيون قد قاموا بتفجيرات في مدينة برشلونة الإسبانية عام 1987 أودت بحياة 21 مدني إسباني وجرحت 40 على سبيل المثال.
وتصر أمريكا وإعلامها، بالرغم من ذلك، على ربط "الإرهاب" بالعرب والمسلمين.!!
ورب قائلٍ أن المجموعات المذكورة أعلاه لا تنشط خارج حدود بلادها، ولكن لو افترضنا صحة ذلك، فإن "حزب الله" و"حماس" و"الجهاد" و"الجبهة الشعبية" وغيرها لا تنشط خارج فلسطين أو محيطها المباشر أيضاً، بيد أن ذلك لم يمنع أمريكا من استهدافها بشكل خاص كجزء من حربها المزعومة على "الإرهاب"، والأصح قد يكون أن المجموعات المذكورة في الأمثلة الثلاثة أعلاه لا تؤثر على المصالح الأمريكية-الصهيونية، ومصالح النخب المعولمة، بنفس الدرجة التي تؤثر عليها المجموعات العربية والإسلامية الموسومة بالإرهاب!
ولتوضيح هذه النقطة بالذات، حول العلاقة ما بين المفهوم الأمريكي لما يسمى "الإرهاب"، من جهة، والمصالح الإمبريالية، من جهة أخرى، نسوق مثال الكاتب "توماس فريدمان"، المقرب من دوائر صنع القرار الأمريكي، حين دعا وزارة الخارجية الأمريكية إلى وضع قائمة سوداء تشمل أولئك الذين يدلون "بتصريحات سياسية خاطئة"، تضم ليس فقط أولئك الذين يحرضون على "العنف" (اقرأ: المقاومة)، بل كل من يجرؤ على القول أن أمريكا وسياساتها سبب ظاهرة "الإرهاب" الحالي، فـ"فريدمان" يقول أن هؤلاء "الاعتذاريين" أقل سوءاً بدرجة واحدة فقط من "الإرهابيين" أنفسهم!، إذن، المشكلة عند أمريكا هي معارضة مصالحها وسياساتها! وهو ما يوضح تماماً ما تقصده بـ"الإرهاب"، ولا شك أن مثل تلك القوائم السوداء التي اقترحها "فريدمان" موجودة على أية حال، ولو لم يعلن عنها.
إذن "الحرب على الإرهاب" هي الإرهاب، والمقاومة المشروعة هي المعنى الحقيقي لـ"مكافحة الإرهاب" إذ أضحى في زمن اختلال ميزان العلاقات الدولية والعولمة المحور الأساسي للسياستين الداخلية والخارجية الأمريكية، هذا عندما لا تتغطى السياسات الأمريكية بقناع حقوق الإنسان الذي يفتقد أيضاً إلى تعريف موحدٍ عالمياً.
أما المقاومة المشروعة، حتى نميزها عن الإرهاب، فتتمتع بثلاث صفات أساسية:
أولاً: أنها تأتي نتيجة لممارسات عدوانية أو ظالمة أسبق وأعمق وأشمل بكثير.
ثانياً: أنها تتمتع بتأييد شعبي كبير، فهي ليست من عمل جماعات معزولة سياسياً، وتدل تجارب الشعوب أن كل الحركات المسلحة التي لا تنمو إلى جانبها حركة سياسية شعبية، أو التي لا تتميع بقواعد شعبية معتبرة، تمنى بالفشل بالنهاية.
ثالثاً: أنها تستخدم وسائل غير تقليدية في القتال، لأن ميزان القوى التقليدي يميل ضدها، وكل من يطالبها، لذلك، بالالتزام بقواعد الاشتباك التي يضعها العدو، يطالبها عملياً بالتخلي عن أهم أوراقها.
بالتالي، حتى لو افترضنا وجود أخطاء في ممارسات بعض قوى المقاومة تتسم بالعشوائية وردة الفعل، فلا يصح تسميتها إرهاباً، لأن الإرهاب هو ما سبب تلك الممارسات، حتى لو كانت خاطئة.
وفوق الرافدين، ها هي أمريكا تهوي كطائرة نفذ وقودها نحو عقدة فيتنام جديدة ستكون لها انعكاساتٌ عظيمة على العلاقات الدولية والوضع العربي لا تقل أهمية عن انعكاسات عقدة فيتنام السابقة! وحين يحدث هذا، ستكون المقاومة العراقية قد دفعت بلحمها بلاء الإرهاب الشرير المدعوم من الإمبريالية الأمريكية عن كل شعوب الأرض، وهكذا تكون مقاومة الإرهاب!
http://www.freearabvoice.org/arabi/maqalat/7awlRabtAlIslamBelIrhab.htm
Free Arab Voice
الصوت العربي الحر
Arab Nationalist Blog
مدونة القومي العربي
http://arab-nationalist.blogspot.com/