من مواطن إلى من يهمه الأمـر
جمال مذكور
يا سيدي
العلم خلا كل شيئا ممكنا.. ما دمت الأسباب في الإمكان
والجهل خلا كل مقهور جبان.. يستلذ العيش في دنيا الهوان
ما الذي بيقى من العلماء إن هم.. هللوا أو صفقوا لثقافة الإذعان
بالله قلي ما الجريمة إن تكن.. تنهى عن الإلحاد والنكران
بالله قل لي ما الجريمة إن تكن.. لا ترتضي أن يُعبد السجان
يا سيدي:
بالكاد أمسكُ ها هُنا قلماً ودفترْ / ليس من كأسٍ ولا امرأة ٍ أضاجُعها فأسْكرْ
ليس عندي مثلكمْ قصرٌ وسيفٌ / ليس عندي مثلكم ْ خيل ٌ وعسكرْ
مولاي
كم لغما زرعتم في طريقي!!! كلما فكرتُ أن أخطو أُفـَـجَّر!!!
هل أنا عـبد بلا روح وأنـتم من كبار القـوم في أيام قيـصر
كيف للإبـداع أن يمشـي إليكم إن يكن خـلاقه الأقـوى تكـسر
كل مســؤول إلـٌها قد غدى يقضي ويمضي كيفما يبغي ويَنـحر
إمـا أن أشـوى ذبيـحا أو أنـا إن جئتـكم أشـكو مظالمكم أُكـَّفر
هل شـعرتم بانــتصار حين جوعـتم صغاري إن نصر الله أكبر
هل ترى أطفالكم لعــبوا وبالـوا واستراحوا فوق ألماس ومرمـر
ليس من بيـت لدى طفلي َّ حتى ليس من أكل سوى زيـت وزعـتر
يا سيدي
بالله قلي ما الشروطُ لكي أكونَ مواطناً حسنَ السلوك بلا ركوع
أنا عاشق وطني وروحي تفتديه ونبضه يُصلي دمي بين الضلوع
لكـن من يتسـَّيفون يرونني سهماً طليقا ليس يمكنهُ الرجــوع
وبـُطونُ من يتسـيـَّفون لرخوةٌ وشعورُهمْ أنْ ليس تـَحميها الدروع
يا سيدي
تاريخنا تاريخُ ساقطةٍ تخبــِّئُ عُهرها وشذوذها من خلف باب
منذا يفـتش عن خَطايا أمـَّة مهزومةٍ صلاوتـها لا تستجابْ
أولا ترى ما دنـَّس الحـَّكام فـيها السماءُ والهواء والترابْ
علماؤها جُهَّالها وقـُضـاتـُها طغاتُـها وحسابُهم يوم الحـسابْ!!!
بالله يا مولاي هلا قلت لي وإلـى متى سنظل في وطن العذاب
يا سيدي
كم من مليكٍ قد توغـَّـل صاغراً في فرج غانيةٍ يصُبُّ ويشربُ
هو في اعتقاده أنه في عرشه فـتراهُ ينـْفرِج وحيـناً يغْـضـبُ
ويلفُ خصر الساقطات بساعد ومآثـر الحـُـكْم بـأخرى يكتبُ
يا سيدي
أرجوك لا تسألني عن تاريخنا ما دام صانِعُه صغيرٌ يلـعبُ
إن كسَّر الألعابَ غامرهُ السرورُ كأنما هو غالـب لا يغلـبُ
يا سيدي
ما نحن إلا كالدمى وحياتنا ما بين كـفـَّي عابـثٍ تتـقـَّلـبُ
يا سيدي
يتحدثون عن الشفافيةِ وعن مكافحة الفسادْ كحديث داعرة إلى قوادْ
يتعاهدان على الرجوع عن الزنا وهما يديران عفاريت المزادْ
يا سيدي
لا تطعـمُ الكتابة في أمة أمـــِّية، كتــَّابها
لا تَفــــتحُ الكتابةُ عن أمة مهزومةٍ أبوابـــَها:
لأمريكا ولا "لإسرائيلْ"
لكنها تصيب بالإسهالِ والرعاشِِ والسعالْ،
أشباه أشباه الرجالْ،
وتفــتحُ النوافذ المجهولة المصيرْ لألف جيلٍ قادمٍ كالمستحل،
من الفراتِ.. من ضفاف وادي النيلْ
من شوارع القدس العتيقهْ.. من مخيمٍ للاجئينْ
منْ كل ذرةٍ من عُلبة السردينِ* (غـــــَّزة)
سينبع الكلام مكتوبا على الهواء، فحاولوا يا سيدي أن تمسكوا الهواءْ!!!
* "علبة السردين اقتباس من إحدى قصائد العظيم نزار قباني"