بوش الصادق

ماجدي البسيوني - نائب رئيس تحرير جريدة "العربي الناصري"

تدشن المقالات بطول الوطن العربي المنبطح وعرضه وكذا المعنيون بالشأن السياسي العالمي لإثبات أن "بوش" الابن قد حاز على درجة الكذاب الأول عالميا منذ 2002 وحتى اليوم بمناسب احتفاء واحتفال العالم بالذكرى الخامسة لاحتلال العراق عام 2003 للدرجة التي خرج علينا مركز دراسة "النزاهة العامة"Public Integrity بدراسة تؤكد أن الرئيس بوش كذب (259) كذبة و(231) تصريحا حول أسلحة الدمار الشامل العراقية وثمانية وعشرين كذبة حول ارتباط النظام العراقي "السابق" بـ"تنظيم القاعدة" وكولن باول (254) كذبة، منها (244) كذبة حول أسلحة الدمار الشامل العراقية، وعشرة كذبات حول العراق و"القاعدة"، وخلصت الدراسة إلى أن الرئيس الأمريكي وكبار موظفي إدارته أصدروا (935) تصريحا إعلاميا غير صحيح حول تهديد الأمن القومي الأمريكي، تمهيدا لاحتلال العراق.

هذا ما يخص "مستر بوش" وإدارته حول العراق فقط ولم يذكر لنا مركز النزاهة العامة الأمريكي أكاذيب "مستر بوش" الابن الخاصة بفلسطين وهى أيضا كثيرة لكنها لن تصل لمثل الرقم الفائت.

ما يقصده مركز النزاهة العامة لا يعنينا نحن العرب ولا طالبوا العدل والمساواة في أرجاء المعمورة من قريب أو بعيد، هو يعنى الشعب الأمريكي نعم، الذي يستوجب على بوش أن يطلعه بالحقيقة ولا يخفيها عليه ، فليفعل بوش الابن ما يريد وما يشاء بشرط اطلاع الشعب الأمريكي أو ليصمت لا أن يقول للشعب الأمريكي أنه قرر غزو العراق للقضاء على أسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها  صدام حسين ويقضى على التحالف الوثيق مابين "القاعدة" وصدام فإذا بالدليل أن صدام لا يمتلك أي سلاح نووي ولا توجد أدنى علاقة ما بينه ومابين بن لادن.

"بوش" الابن كاذب أشر هذه قضية تخص الشعب الأمريكي بامتياز لأنه أكد لهم بأن جيشه ذاهب إلى نزهة ولن يضار منها الشعب الأمريكي وأن التكلفة لن تزيد عن (50 مليارا) وأنه بهذه النزهة سيكبح جماح كل من تسول له نفسه بالهمس ولو سرا بالتحكم في ضخ البترول لأمريكا العظيمة أو رفع سعره ولو سنت واحد دون موافقة سيدة الكون.

هو كاذب لأن الشعب الأمريكي استيقظ بعد مرور السنوات التي بلغت (خمسة) في عين العدو ليكتشف أن التكلفة (16 مليار) دولار شهريا أي تعادل كلفة ميزانية الأمم المتحدة لعام كامل حتى باتت تلقب بـ"حرب الثلاثة تريليونات من الدولارات".

هو كاذب اشر بعد أن وجدوا أمامهم (‏4‏ آلاف قتيل و‏30‏ ألف جريح أمريكي) بل يؤكد الكاتب والصحفي  "براين هارينج" أن الإحصاءات الحقيقية تشير إلى سقوط أكثر من 12 ألف قتيل أمريكي وإصابة أكثر من 25 ألفًا آخرين، مشيرًا إلى أن هذه الأعداد مرشحة للزيادة في ظل تصاعد وتطور أساليب المقاومة العراقية.

هو كاذب لأن سعر البترول ارتفع لأضعاف أضعاف ما كان عليه في 2003، هذا ما يخص الشعب الأمريكي.

فإن كانت بريطانيا عزمت على إجراء تحقيق حول حرب العراق لتهدئة خواطر الذين عارضوا والذين أيدوا أيضاً، فلربما يحدث هذا في أمريكا، وتبقى الحقيقة لم يكن "بوش" الابن كاذب لأنه أوقع في العراق خلال سنوات الاحتلال الخمس "مليون قتيل، وأربعة ملايين مهجر، وثلاثة ملايين أرملة، وخمسة ملايين يتيم، ولا كما جاء في تقرر اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة العفو الدولية: أن العراق من بين المناطق الأكثر خطرا في العالم.

ولا هو كاذب لأن العراقيين بلا دولة ولا أمن ولا مؤسسات ولا وظائف ولا خدمات ويعانون الفقر والاستبداد والقلق والتشرد والموت المجاني حتى ولو أعادنا "بوش الابن "للعصر الحجري فهذا وعد أخذه "بوش الأب"على عاتقه وها هو الابن ينفذه.

ولهذا جاء حديث جورج بوش عن "انتصار استراتيجي" كبير في العراق بمناسبة الذكرى الخامسة للغزو الأمريكي يساير نفس المنطلقات التي سبق وأن أعلنها صراحة حين قال: "إن الله أمرني بالذهاب إلى أفغانستان فذهبت، وأمرني بالذهاب إلى العراق وفعلت" وبما أن هذه إرادة الله فلا بد من أن الحرب "نجحت"، ولا بد من أنه مقتنع بما فعله.

لكننا اليوم أمام جريمة حرب وإبادة كبرى جارية في العراق منذ عام 1990 ومرورا بعام 2003 وحتى يومنا هذا تحتم على كل مواطن عربي إعداد لائحة اتهام جلية في جريمة قتل الشعب العراقي، المؤكد أنها ستطول الرئيس الأمريكي الحالي والسابق والأسبق وإدارته كمجرمي حرب و"هيئة الأمم المتحده" وأمينها العام السابق والحالي كمباركة صامته على إبادة الشعب والوطن العراقي وكافة الأنظمة العربية..

يبقى أن نسأل من هم الكاذبون هنا في الوطن العربي، بالتأكيد كافة الملوك والأمراء والرؤساء اللذين أأتمروا بإشارة من كوندوليزا ومن على شاكلتها..؟

[email protected]