من ثلاثية أطفال الحجارة
للشاعر الراحل نزار قباني
(1)
بهروا الدنيا
وما في يدهم إلا الحجاره..
وأضاؤوا كالقناديل،
وجاؤوا كالبشارة.
قاوموا..
وانفجروا..
واستشهدوا..
وبقينا دبباً قطبية
صفحت أجسادها ضد الحراره
(2)
قاتلوا عنا..
إلى أن قتلوا..
وبقينا في مقاهينا
كبصاق المحاره...
واحد..
يبحث منا عن تجارة
واحد..
يطلب ملياراً جديداً
وزواجاً ربيعاً..
ونهوداً صقلتهن الحضارة...
واحد..
يبحث في لندن عن قصر منيفٍ
واحد..
يعمل سمسار سلاحٍ..
يطلب في (البارات) ثاره..
واحد..
يبحث عن عرشٍ.. وجيشٍ..
وإمارة..
(3)
آه... يا جيل الخيانات..
ويا جيل العمولات..
ويا جيل النفايات..
ويا جيل الدعاره..
سوف يجتاحك - مهما أبطأ التاريخ -
أطفال الحجاره..
الغاضبون
يا تلاميذ غزة...
عَلِّمونا..
بعض ما عندكم
فنحن نسينا...
عَلِّمونا..
بأن نكون رجالاً
فلدينا الرجالُ..
صاروا عجينا..
عَلِّمونا..
كيف الحجارة تغدو
بين أيدي الأطفال،
ماساً ثميناً..
كيف تغدو
دراجة الطفل، لُغماً
وشريط الحرير..
يغدو كمينا..
كيف مصَّاصَةُ الحليب..
إذا ما اعتقلوها
تحوَّلت سِكّينا...
يا تلاميذ غزة
لا تبالوا..
بإذاعاتنا..
ولا تسمعونا..
إضربوا..
إضربوا..
بكل قواكم
واحزموا أمركم
ولا تسألونا..
نحن أهل الحساب..
والجمع..
والطرح..
فخوضوا حروبَكم
واتركونا..
إننا الهاربون
من خدمة الجيش،
فهاتوا حبالكم
واشنقونا...
نحن موتى..
لا يملكون ضريحاً
ويتامى..
لا يملكون عيونا
قد لزمنا حجورنا..
وطلبنا منكم
أن تقاتلوا التنينا..
قد صغرنا، أمامكم
ألف قرن..
وكبرتم
- خلال شهر - قرونا
يا تلاميذ غزة..
لا تعودوا..
لكتاباتنا.. ولا تقرأونا
نحن آباؤكم..
فلا تشبهونا..
نحن أصنامكم..
فلا تعبدونا..
نتعاطى
القات السياسي..
والقمع..
ونبني مقابرا..
وسجونا..
حررونا..
من عقدة الخوف فينا..
واطردوا
من رؤوسنا الأفيونا..
علمونا..
فن التشبث بالأرض،
ولا تتركوا..
المسيح حزينا..
يا أحباءنا الصغار..
سلاماً..
جعل الله يومكم
ياسمينا...
من شقوق الأرض الخراب
طلعتم
وزرعتم جراحنا
نسرينا..
هذه ثورة الدفاتر..
والحبر..
فكونوا على الشفاه
لحونا..
أمطرونا..
بطولة، وشموخا
واغسلونا من قبحنا
إغسلونا..
لا تخافوا موسى..
ولا سحر موسى..
واستعدوا
لتقطفوا الزيتونا
إن هذا العصر اليهودي
وهم..
سوف ينهار..
لو ملكنا اليقينا...
يا مجانين غزة..
ألفُ أهلا...
بالمجانين،
إن هم حررونا
إنَّ عصر العقل السياسي..
ولَّى من زمان...
فعلمونا الجنونا...