مستهل العام السادس من الاحتلال

بقلم: جاسم الرصيف *

حسنا! دخل الاحتلال عامه السادس في العراق على مقبرة فاق عديد شهدائها المليون سوّرت بخيام خمسة ملايين مهاجر ومهجّر، ولكن نبي الأكاذيب الـ (935) مازال يدعي (نصرا) لا وجود له، وحربا ضد طواحين هواء هو وحده من أوجدها لتطحن جيشه والشعب العراقي في مجرشة تجار الحروب، ومازال يتهم الإسلام من دون استثناء (بالتطرف والإرهاب) وهو سيد المتطرفين والإرهابيين على أكثر من دلالة وحقيقة، ولنكررها صريحة فصيحة، نحن العرب الذين ابتلانا الله بمجرمي الحروب هؤلاء، كما قالتها المنظمات الدولية ووسائل الإعلام الأجنبية، التي توافرت على حد أدنى من الحيادية ونقل الحقيقة، وهي توصّف الوضع قبل الاحتلال:

لم تكن هناك أسلحة تدمير شامل عراقية، جاءت أكذوبة دمرت العراق وألحقت بشعبه اكبر فاجعة إنسانية في مستهل هذا القرن، ولم تكن هناك علاقة بين نظام الحكم السابق والمنظمات الإسلامية: (متطرفة أو غير متطرفة)، كما تقسّمها بيوت (الحكمة) الأمريكية والأوروبية، متناسية وبمنتهى التطرف تطرفا تأريخياً لأديان أخرى، ولكن صار (التطرف الإسلامي) قطعة لبان يستطيب مضغها واجترارها المحافظون المتطرفون الأمريكان والأوروبيون في كل منبرية أكاذيب يتعاطونها ضد الإسلام والمسلمين بلا حياء.

ومع استحالة حصر (منجزات) نبي الأكاذيب الـ (935) للشعب العراقي، الذي كذب نقداً وعلناً أمام العالم كله على ادعاء أنه سيحوله بعد احتلاله إلى (نموذج للديمقراطية) على (خريطة الدم)، التي صدرت عن مشروع (الشرق الأوسط الكبير) لمنمنات طائفية وقومية عنصرية على أنقاض الدول التي انتخبت لهذا المصير في أحلام يقظة محافظي (بوش) المتطرفين دينياً وعرقياً، ومع تحول نظرية (الشرق الأوسط الكبير) إلى صغير ثم إلى لا شيء على صخور المقاومة العراقية العربية، يمكن أن نختار بعضا من مثابات الاحتلال المتطرف، ودونية تجار حروبه المحليين الذين غالوا في تطرفهم على جرائم حرب ضد الإنسانية قلّ نظيرها: * تناولت لجنة الصليب الأحمر الدولي، وهي ليست (إسلامية متطرفة، ولا بعثية صدامية، ولا قومجية شوفينية) الوضع خلال السنوات الخمس الماضية من الاحتلال فقالت: أن الشعب العراقي (يفتقر إلى ابسط مقومات الحياة: من مياه الشرب وخدمات صحية، وصرف صحي، والوضع يعد من بين الأسوأ في العالم). ولفتت اللجنة الانتباه إلى الوضعين الأمني والإنساني، وأشارت إلى: (تراجع العنف في بغداد الذي رافقه تزايد الهجمات خارج العاصمة ، خاصة في ديالى والموصل).

في أمريكا تعوّض شركات الكهرباء المواطنين في حالة انقطاع الطاقة فترة طويلة عن أي ضرر لحق بطعامهم المحفوظ في الثلاجات وأي ضرر آخر أكبر أو أصغر منه، وكذلك شركات المياه الملزمة بتقديم مياه صالحة للشرب، وهكذا الحال في كل الدول المتحضرة إلا في أراضي بلاد السوادين التي تحتلها قوات نبي الأكاذيب الـ (935) فهي لا تشرب ولا تتمتع بغير ضوء الشمس والقمر، ولا أمن ولا أمان لها مادامت لم تستسلم بعد لإرادة مهووسي التطرف غير الإسلامي المستورد خصيصا للعراقيين.

* (مادلين اولبرايت)، وزير الخارجية الأمريكية الأسبق، لم تكن متطرفة بنظر المحافظين الأمريكان والأوروبيين عندما قالت سنة (1991) في معرض أحاديثها العنصرية الكثيرة عن العراق: (ماذا نستطيع أن نفعل مع العراق غير تدمير عقوله التي لا تستطيع القنابل الذرية تدميرها؟ تدمير العقول العراقية أهم من ضرب القنابل).

وقامت قوات الاحتلال سنة (2003) بضرب العراقيين الرافضين للاحتلال جميعا وبلا رحمة بالقنابل مع تدمير منهجي مرسوم لكل العقول العراقية التي نجح (5500) منها في الهروب من العراق إلى دول العالم بعد مجزرة اغتيالات طالت ما لا يقل عن ألفين منهم، جاء (80 %) منها موجها إلى حملة الشهادات العلمية العليا في جامعات بغداد والبصرة والموصل والمستنصرية، ممّن تعاونت الميليشيات الكردية والإيرانية مع كبار المسؤولين (العراقيين) في حكومات الاحتلال المتعاقبة على تصفيتهم بموجب قوائم أعدت في دهاليز الاحتلال.

* فضلا عما كشفه (راضي حمزة الراضي)، رئيس (هيئة النزاهة) في العراق، عن سرقات مالية كبرى تجاوزت الـ (18) مليار دولار، بتغطية علنية من (نوري المالكي) الذي منع التحقيق رسمياً فيما لا يقل عن (2750) قضية فساد كبرى في وزارات سيادية وغير سيادية، ومع أن (الراضي راضي) جامل الكونغرس الأمريكي وهو يشهد أمامه عن سرقات مالية تعد الأكبر في تأريخ البشرية مذ خلقها الله فلم يذكر لهم أن (بريمر) وحده لطش (4،1) مليار لأصحابه من تجار الحروب الأكراد سلمهم إياه نقداً محمولاً في ست طائرات، لا ينكرون الحصول عليها لحد الآن، عدا ما لطشه لنفسه، وما لطشه وزير الدفاع في حكومة (اياد علاوي) الهارب (حازم الشعلان) في (5،1) مليار دولار نقدا صرف منها ربع مليار لشراء خردة أسلحة من بولونيا (العظمى)، تشير معظم المصادر إلى أن مجموع ما تمت سرقته من أموال الشعب العراقي على أيادي تجار الحروب الحاليين المشاركين في العملية السياسية تحت إدارة الاحتلال بـ (80) مليار دولار.

القصور والفلل والمصانع، التي اشترتها نجوم (الديمقرطية العراقية) الجديدة في أمريكا وأوروبا ودول الجوار العربي وغير العربي، ليست حديث الشوارع والأزقة العراقية فحسب بل صارت من المواضيع الشهية في وسائل الإعلام الأوروبية والأمريكية في كل مكان، متطرفة وغير متطرفة، ولم يثبت لنا أي من هؤلاء لحد الآن حقيقة واحدة من أقوال وادعاءات أتباع نبي الأكاذيب الـ (935) عن الأموال التي (سرقها نظام صدام حسين) من الشعب العراقي.

* حسب (مانفريد نوفاك)، الخبير المختص في شؤون التعذيب، في الأمم المتحدة فإن أمريكا ترفض أن يقوم خبراء الأمم المتحدة المعنيون بالشؤون الإنسانية بزيارة السجون التي فتحتها قوات الاحتلال في مناطق شتى من شمال إلى جنوب العراق وخارجه للنظر بحال أسرى الحرب العراقيين المعتقلين على (الشبهة) منذ سنوات ومن دون محاكمة منذ سنين، الذين بلغ عديدهم (25) ألفاً حسب المصادر الأمريكية وأكثر من (150) ألفاً حسب المصادر الوطنية العراقية أغلبهم وبنسبة (95 %) من العرب السنة من سكنة المحافظات الخطرة في بغداد والأنبار والموصل وصلاح الدين وكركوك وديالى وبعض أطراف الحلة والبصرة.

واشنطن ردت تعقيباً على إعلان (مانفريد نوفاك) بقولها الذي يؤكد تطرفاً ضد العراقيين العرب لا مثيل له قط: (نظرا للنزاع المسلح الدائر في العراق فإن حقوق الإنسان غير قابلة للتطبيق)، وكأن الاحتلال هو مجرد (نزاع مسلح) بين عائلتين أو قبيلتين وليس احتلالاً أجنبياً سبّب كل ما يجري، وكأن حقوق الإنسان عند هؤلاء حقوق لا يستحقها الإنسان مادام عراقياً رافضاً للاحتلال.

فمن هو المتطرف ضد الإنسانية اليوم: أهو المحتل الذي اغتصب أرضاً وثروة شعبا بقوة الأكاذيب والسلاح أم الضحية العراقية؟!

* كاتب عراقي مقيم في أمريكا - نقلاً عن صحيفة (أخبار الخليج) البحرينية 26/3/2008

[email protected]