علاء أبو دهيم والثأر لأطفال غزة ولشهداء فلسطين والأمة العربية
بقلم: م. سميح خلف
ينضم اسم علاء أبو دهيم إلى قائمة طويلة من الفرسان الذين وضعوا نقاط فاصلة لخلافيات في الساحة الفلسطينية، فهو امتداد لخيار أوحد فرضته طبيعة المأساة الفلسطينية، والمشكلة الفلسطينية، علاء أبو دهيم الذي أتت عمليته في المدرسة الدينية في القدس لتذكر كل من لا يريد أن يتذكر، وأخذته خيوط الأوهام إلى حيث لا يدري، فعلاء أبو دهيم هو واقع الشعب الفلسطيني الذي لم يجد خيارا له إلا التضحية والشهادة من أجل الله ومن اجل الوطن، ومن أجل دحر الاحتلال وكسر أنف هذا المحتل الصهيوني الذي خدعته عوامل القوة المزيفة التي يرتكز إليها وفي الحقيقة أنها قوة يمكن أن تزهق الأرواح ولكن لا تكسر إرادة وأنف الشعوب، هذا هو علاء أبو دهيم، لا يهمنا إلى أي فصيل ينتمى، إلى (أحرار الجليل) أم (حماس) أم( سرايا القدس) أو (كتائب الأقصى)، فلقد انحاز علاء أبو دهيم وبشكل مباشر إلى فلسطينيته أولا وبدافع الفلسطينية ذهب لكي يعبر عن شموخ شعبه وعن كبرياءه في تلك العملية الجريئة التي إن وصفت لا توصف إلا بأنها عملية لا يفعلها إلا شعب الجبارين الذي لا ترهبه آلة الحرب والتدمير والقتل الصهيوني.
لقد أرادت "إسرائيل" من عملية الشتاء الساخن والحرب المحرقة كما وصفها نائب وزير الدفاع الصهيوني بأنها "محرقة" للشعب الفلسطيني ولأطفال الشعب الفلسطيني، ولقد خاب ظنهم، وخابت أهدافهم من تلك العملية الفاشلة التي برروها بأنها المرحلة الأولى في طريق القتل الذي عانى منه الشعب الفلسطيني من هذا الاحتلال طوال أكثر من 60 عاما.
واعتقد العدو الصهيوني بأن غزة ستصرخ وتتمرد على واقع المقاومة وتقول يا وحدنا يا وحدنا!، ويرد من مشرق الوطن علاء أبو دهيم ليقول للشعب الفلسطيني في غزة لستم وحدكم، فكلنا فلسطينيون ولن تستطيع أدوات الشرذمة وآلياتها أن تفرق النسيج الفلسطيني والخلايا الفلسطينية التي لا تقبل الانقسام بل تقبل الانتشار المرتبط بالمعاناة والصمود من أجل كسر عنفوان هذا المستعمر النازي للأرض وللحقوق الفلسطينية.
أتى الرد لأطفال غزة مصوبا وبدقة إلى عمق البنية الفكرية للنظرية الصهيونية العالمية ومدرستها المتطرفة التي تخرج العنصريين والمغتصبين للأرض الفلسطينية، أتى الرد من بندقية علاء أبو دهيم ليقول لن يكون لكم بقاء على تلك الأرض ولن يكون بقاء بنيتكم الفكرية التي لم تسوق للعالم وللشعب الفلسطيني تلك الأرض ولن يكون بقاء بنيتكم الفكرية التي لم تسوق للعالم وللشعب الفلسطيني إلا الفوضى والقتل وعدم الاستقرار للمنطقة، وهكذا هي كانت نتائج الإرهاصات في عقل علاء أبو دهيم عندما حكم وأصدر النتائج على رواد وطلبة تلك المدرسة الحاقدة التي لا تعبر إلا عن الحقد التاريخي على العرب وعلى المسلمين.
من غزة إلى القدس طريق معبد بالشهداء، فعندما كانت الحمم الغاصبة تدك منازل غزة في جباليا وبيت حانون وتزهق أرواح الأطفال والنساء لم يقف الشعب الفلسطيني في الضفة مستسلما لإجراءات الأمن لسلطة رام الله، ولم يستسلم لقهر الاحتلال، فتحرك الشعب الفلسطيني في نابلس والخليل ومعقل سلطة رام الله ليتحرك لنصرة إخوته في غزة، وما استخدمته "إسرائيل" بغرور القوة التي مزقتها سواعد المقاتلين في شرق جباليا، كان لها مكمل، ومن الطبيعي أن يحدث ما حدث من علاء أبو دهيم، فالشعب الفلسطيني موحد برغم كل أدوات الإعلام الموجه التي تستخدمها النفوس الضعيفة من أجل أن تقول غزة يا وحدنا يا وحدنا!.
هذا المحتل الذي لن يفهم ولن يستطيع أن يفهم إلا لغة القوة، فـ"إسرائيل" لن تنعم بالأمن مادامت تأخذ من النظرية الصهيونية ركيزة لممارستها في المنطقة، ومازالت تبني مؤسساتها على العدوان والقتل للشعب الفلسطيني، وعلى الصهاينة أني يفهموا لغة ورموز علاء أبو دهيم ومن سبق من الشهداء، اللغة التي تقول ارحلوا عن هذه الأرض، فشعب الجبارين لن يقبل عنصر شاذ على أرضه، ولغة الرموز والتنفيذ تقول لكل من يتلاعب بخيارات الشعب الفلسطيني عليه أن يرحل.
"إٍسرائيل" التي تحمل السلطة الفلسطينية مسؤولية العملية، وكالعادة كما كانت تحمل أبو عمار مسؤولية العمليات الاستشهادية في الضفة مع فارق هام أن أبو عمار لم يسقط خيار البندقية بل كان داعما لها في عملية توازن ذكي بين تيار المقاومة وبين تيار الاستسلام، تقوم السلطة الفلسطينية باستنكار العملية ويقوم المندوب الليبي الذي هو على بعد من فلسطين يقدر بـ 3000 ميل يقوم بمنع الوصول إلى قرار يدين العملية، فوارق غريبة بين الموقفين، ليبيا التي تلتزم تاريخياً وقومياً بالأرض الفلسطينية، والقيادة التي تسمي نفسها ممثلاً للشعب الفلسطيني تستنكر مقاومة شعبها ضد الاحتلال في حين أن تلك السلطة لم تقدم وطنياً أي مقدمات أو نتائج لعملياتها التفاوضية والتنازلية مع العدو الصهيوني، بل يتخذ من مواقفها العدو الصهيوني ذرائع ومبررات لمواصلة التوسع في الاستيطان، وغطاء لكل عملياته في الضفة الغربية وقطاع غزة.
إذا علاء أو دهيم هو البطل الذي يقود ويعبر عن إرادة الشعب الفلسطيني في القدس الجريحة التي تتعرض للتهويد ومن خرجوا في الخليل ونابلس ورام الله دعما ومساندة ومؤازرة لشعبهم في غزة هم الأجدر بقيادة هذا الشعب في الضفة ولأنهم يعبرون عن الخيار الذي اتخذه علاء أبو دهيم عندما خطا أول خطوة لتنفيذ عمليته البطولية في المدرسة الدينية اليهودية الساعة التاسعة مساء من يوم الخميس الموافق 6/3/2008.