دعوة للتطبيع وإقامة العلاقات مع الكيان الصهيوني
بقلم: م. سميح خلف
على كل حال وفي هذا الواقع المؤلم أصبح من السهل تناول قضية التطبيع مع العدو الصهيوني والترويج لها، وأصبحت الممنوعات مباحات، ولكن العهر في هذه الدعوة أنها تستخف بعقل الشعب الفلسطيني والعربي، فكلما حاولت الأمة استنهاض نفسها ونفض ما عليها من ملوثات التطبيع والتمثيل والعلاقات، نجد من يدعو لذلك، وتحت مبرر أن إقامة العلاقات والتمثيل مع العدو الصهيوني لا يضر بالقضية الفلسطينية؟َ!!!.
هكذا هو حال الرئيس الفلسطيني الذي لم يعد لديه خطوط حمراء، فتارة يدعو لتجنيس الفلسطينيين والفرق شاسع بين التجنيس بأغراضه وأهدافه وبين الدعوة لتخفيف المعاناة عن الجاليات الفلسطينية في الشتات وخاصة في المنطقة العربية وفي أماكن اللجوء: وتارة أخرى من خلال المؤتمرات الدولية يعترف بعذابات اليهود وأحقيتهم في وطن أمن، وكأن الكرة الأرضية بما رحبت ضاقت في وجه هؤلاء القطعان الصهاينة المستجلبين من كل شوارع الزنا في أوروبا وغير أوروبا ليجدوا مكان في فلسطين وليشرد الشعب الفلسطيني مقابل الآمان والأمن لهؤلاء القطعان الصهاينة، والآن وفي موريتانيا التي تشهد شوارعها تظاهرات ودعوات لقطع علاقات النظام الموريتاني مع الكيان الصهيوني، يأتي الرئيس الفلسطيني ومن نواكشوط ليعلن ويشرع أن إقامة العلاقات مع العدو الصهيوني لا تضر بالقضية الفلسطينية، شيء غريب وعجيب ومذهل، يبدو أن الرئيس الفلسطيني نسي أو تناسى ما لحق بالشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية من ويلات وخسارة نتيجة هذه العلاقات والتطبيع، نسي أو ربما هو يتلذذ على صوت صرخات أطفال جباليا وغزة ودماء شهداء نابلس وطول كرم والخليل وكل بقعة من الأرض الفلسطينية في الضفة وغزة تقول غزة التي تقول يا وحدنا يا وحدنا وهي قطعة من الوطن العربي والشعب العربي نسي عندما قال أبو عمار في بيروت في الحصار الذي زاد عن 82 يوم "يا وحدنا يا وحدنا"، ولماذا قال أبو عمار يا وحدنا!!!!
الرئيس الفلسطيني يدعو وبشكل مباشر الدول العربية لإقامة علاقات مع إسرائيل في تكريس واضح لضرب فكرة القومية العربية والوحدة الإسلامية ووحدة المصير والشهداء من الأمة العربية الذين سقطوا في سيناء وبحر البقر ودير ياسين وكفر قاسم والجولان وأبو زعبل وحمام الشط والساحل الجزائري وقانا وشاتيلا ومذابح المسجد الأقصى نسي أن هناك 6 مليون لاجيء يعانون في أماكن اللجوء ويتحملون عمليات الذل المختلفة وليزيد الرئيس الفلسطيني في وضع مبررات إضافية لكل حاقد وعنصري وإقليمي. فكر إقليمي تعفني قطري يجعل من قضية فلسطين والشعب الفلسطيني عبارة عن ضحية لمخالب الاستيطان والاحتلال وفصل بين طموحات الشعب الفلسطيني والشعب العربي ومبرر قوي لكل من يريد أن يتملص من التزاماته القومية والأخلاقية تجاه القضية الفلسطينية وليذهب الشعب الفلسطيني للطوفان وليبقى أسير لإجراءات الحصار وأموال الرباعية.
سؤل أحد المسؤولين العرب لماذا تقيمون علاقات مع "إسرائيل" فأجاب "إن أصحاب القضية الفلسطينيين يقيمون علاقات بل سهرات مع "الإسرائيليين" فكيف تريد لنا أن نتخذ موقف والقيادة الفلسطينية في حوارات وتسامر مع القيادة الفلسطينية في تل أبيب وغير تل أبيب"، وقال أيضاً "أن الفلسطينيين لا يريدوا أن يحاربوا لقد عرضنا عليهم السلاح فقالوا لنا لا نريد أن نحارب".
هل أصاب هذا المسؤول في إجابته أم أخطأ من هنا نقول أن هذا المسؤول يبدو أن أغمض عينيه عن المقاومة وسلاحها وأغمض عينيه عن الشهداء ولم يرى في الساحة الفلسطينية إلا وجه الرئيس الفلسطيني وقريع وفياض ففي قاموس المسئولين لا وجود للشعوب وتضحياتها ولا وجود لخياراتها.
الشعب الفلسطيني الذي يقاوم ويقاتل حتى إعداد هذه المقالة وربما لآلاف المقالات بل ملايين يقاوم وسيبقى يقاوم، ولن يكون الرئيس الفلسطيني وتصريحاته حجة على الشعب الفلسطيني ولن تكون تصريحاته بل مرفوض أن تكون تصريحاته مبرراً لإقامة العلاقات مع "إسرائيل" والتطبيع معها فالصراع في قاموس الشعوب العربية والشعب الفلسطيني هو صراع وجود وليس صراع حدود.
نريد أن نذكر كيف تستمر "اسرائيل" في الاستيطان أليس من خروج الدول الموقعة معها من الصراع، لماذا يهدد المسجد الأقصى بالانهيار أليس من خروج تلك الدول من الصراع والتطبيع معها، لماذا "إسرائيل" تتعامل مع الواقع العربي كواقع متشرذم أليس من الحلول الانفرادية التي بدأت من عام 1977، لماذا حصار غزة ولماذا تلك الدول لا تستطيع فك الحصار عن الشعب العربي الفلسطيني في غزة أليس من واقع الاتفاقيات المبرمة مع العدو الصهيوني، لماذا أزمة دارفور في السودان أليس من واقع الاتفاقيات المبرمة مع "إسرائيل" ولماذا الهجمة على السودان أليس هذا من حالة التشرذم والانفصال القطري والإقليمي، لماذا غاب فكر الوحدة العربية والقومية العربية أليس ذلك من واقع الاحتواء للنظام الرسمي العربي من قبل البرنامج الأمريكي الصهيوني لماذا أرض الصومال أصبحت مرتع لقوات الغزو الاثيوبية المغذية صهيونياً أليس من واقع حالة الانقسام والانفصام العربي، لماذا احتلت جزر المغرب ولماذا احتلت جزر طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبو موسى في الخليج أليس من واقع الضعف للأمة العربية.
يبدو أن الرئيس الفلسطيني نسي ذلك أو تناسى فهبوا يا عرب ما دام كلام الرئيس الفلسطيني مسموع لديكم وأقيموا علاقات مع "إسرائيل" ولتذهب الأرض العربية الفلسطينية والمقدسات الإسلامية إلى الجحيم مادام الرئيس الفلسطيني أعطى صك التشريع والإفتاء في ذلك.
ولكن نريد أن نقول أن وضع المبررات لإقامة العلاقات مع إسرائيل تحت هذا الغطاء أو ذاك هو جريمة بل خيانة.
وسؤال هل حقا ً الرئيس الفلسطيني..؟
وأخيرا نعتذر لشباب ومثقفي وأكاديميي الوطن العربي الذين خرجوا تلبية لنداء شعب غزة نعتذر للشعب المصري في نجوع وقرى مصر ومن البحرين لمراكش ونقول لهم أنتم على صواب ولا تؤاخذونا على ما فعل.. منا.