كولشان: نخلة عراقية قدميها متجذرة في ارض العراق ورأسها شامخ بعلو السماء

صلاح المختار

مرة أخرى تتعرض الكاتبة المناضلة كولشان البياتي للاضطهاد بسبب موقفها المشرف الرافض للاحتلال الأمريكي ودعمها للمقاومة الوطنية العراقية، فلقد سبق وأن اعتقلت من قبل قوات الاحتلال، ومع ذلك لم تتراجع أو تتزحزح قيد أنملة عن عراقيتها،

ولأنها نخلة عراقية فأن قدميها الموغلتين في عمق تربة العراق رفضتا التحرك من موقعها على الأرض المقدسة وترك العراق وهو يذبح من الوريد إلى الوريد على يدي أمريكا وإيران وتطوعت (ممرضة) تداوي جراح العراق، الذي  تحميه الأذرع السمر للمقاومين العراقيين البواسل، من غربان إيران الأشرار وضباع أمريكا الجياع للقتل.

ولأن الله يسكن في ضميرها ويتوسد جبينها، الوضاء كتوهج بندقية المقاتل العراقي، رفضت الخوف وقبله احتقرت أصحاب القلم الذين انقلبوا على ضميرهم حينما أيدوا الاحتلال.

اليوم تفصل كولشان من وظيفتها كصحفية محترفة وتفهم الصحافة على أنها رمز للشرف المتجسد في كلمة لا تمسح من دفاترنا القديمة، لأنها خيرت بين مسح ماضيها العراقي المشرف وبين الاستمرار في العمل مصدر رزقها الوحيد، فاختارت كعادتها الماضي المشرف، وهو الانغماس حتى شعر رأسها في حب عراق حر واحد يحكمه أبناءه، وليس نغول إيران أو ماسحي أحذية الأمريكان.

صغير ووضيع ذلك الذي تسبب في فصلها فرسم على جبينه عار خيانة الوطن وعار خيانة المهنة الصحفية، وهذا ليس بالغريب على جرذان الانتهازية فهم دوما يلعقون أحذية المحتل بينما هو يركلهم على قفاهم المعروضة أمامه!

كولشان تستحق دعم كل كاتب وصحفي وأكاديمي، بل كل مناهض للاحتلال، فهي لم تفصل لأن اسمها كولشان بل لأنها مقاومة بالقلم للاحتلال، لذلك لا مجال للصمت على ما جرى لها، فارفعوا أصواتكم، يا من انغرست أقدامكم في أعماق عراقنا العظيم وحافظتم على طهركم الوطني، ويا من بقيتم، أيها الأحرار العرب، تمسكون بجمرة عروبتكم في زمن صارت فيه مطاردة.

أدينوا من فصل كولشان من مصدر رزقها الوحيد، وخاطبوا لجان حقوق الإنسان العربية والنقابات المهنية، ومنها نقابات الصحفيين، لترفع صوتها ضد القتل عن طريق الحرمان من المهنة، وقد قالت العرب (قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق).

كولشان تصمت بخشوع من يجلس في محراب مقدس اسمه عراق المقاومة، وتأبى نفسها الطاهرة أن تتوسل أحدا، لكنها صرخت أمامنا، لتلفت انتباهنا لاضطهاد مورس ضدها، وسكتت، وحان دورنا لنتكلم عنها.

الصمت على اضطهاد كولشان هو براءة رسمية من إنسانيتنا ورجولتنا، ومن أنوثة ماجداتنا اللواتي فلقن فولاذ دبابات الاحتلال برقتهن، التي استمدت منها الريح والمياه قدرتها على نحت الصخور رغم الملمس الناعم والرقيق للماء والإحساس الهش بحركة الريح.

لا تصمتوا واجعلوا من قضية كولشان رمزا لازدواجية معايير من يقوم على منظمات حقوق الإنسان ومراسلون بلا حدود، فحينما كانت النظم الوطنية تحاسب صحفيا، ليس لأنه صحفي بل لأنه متعاون مع الأجنبي ضد وطنه، سواء كان أمريكيا أو غير ذلك، كانت هذه المنظمات تملأ الفضاء وكل خلاء بالزعيق والكذب والمبالغة، لكنها اليوم، ومئات الصحفيين العراقيين تغتالهم قوات الاحتلال أو "فرق الموت" الإيرانية ومع ذلك لا نرى نفس رد الفعل السابق! فهي إما تصمت كما الموتى، أو أنها تحتج برقة من يغازل سيده الذي يدس في جيبه مصروف الجيب!

[email protected]