وأسرانا يسجلون مواقف الشرف: ألم يحن وقت إنهاء صمت الشرفاء؟

صلاح المختار

مازالت المهزلة المسماة (محكمة)، والتي أنشأها الاحتلال في بغداد، ونصب عليها أعوان إيران والزمر الصهيونية في شمال العراق تدوس، بأحذية الجنود الأمريكيين وملالي قم وطهران، على كل المقدسات الإنسانية والعربية والإسلامية، في مسعى عرفه الجميع منذ بدء ما سمي (محاكمة) سيد شهداء العصر صدام حسين، وهو دفن عروبة العراق، بعد تدمير دولته الوطنية واغتيال خيرة أبناءه، والذين بلغ عددهم مليون ونصف المليون شهيد عراقي من مختلف الشرائح في خمس سنوات فقط، وهو رقم غير مسبوق في الوطن العربي وفاق بكثير عدد شهداء شعبنا الفلسطيني خلال نصف قرن! ومن المستحيل أن لا يرى حتى من دفن رأسه، كي لا يرى، إن هذه المهزلة بكافة فصولها تشكل إهانة للضمير الإنساني كله، ليس فقط لأنها لا تحترم أي قانون بل والأهم لأنها تتحدى، بخرق القانون، كل المنظمات (العابرة للحدود)، سواء كانت صحفية أو قانونية أو مدافعة عن حقوق الإنسان.. الخ! ومع ذلك فأننا لا نرى إلا الصمت المطبق من قبل كل هذه المنظمات العابرة للحدود والقارات، بما في ذلك منظمة الصليب الأحمر الدولية التي تمارس صمت الموتى على ما يجري لمئات الآلاف من أسرانا في سجون الاحتلال!

لقد وقعت الحادثة التالية في الفصل الأخير مما يسمى (محكمة)، فلقد طلب (القاضي) محمد العريبي من الأسرى المناضلين الرفيق علي حسن المجيد، عضو قيادة قطر العراق للحزب، والفريق الركن المقاتل سلطان احمد وزير الدفاع، والمناضل عبد الغني عبد الغفور، عضو قيادة الحزب ووزير الأوقاف والإعلام سابقاً، أن ينزعا عقال الرأس، بالنسبة للرفيقين المجيد وسلطان، والسدارة (وهي غطاء رأس عراقي تقليدي) بالنسبة للرفيق عبد الغفور، فرفض المجاهدون الثلاثة هذا الطلب بقوة وإباء، وانتفض المجاهد عبد الغني عبد الغفور واقفاً وقال للقاضي العريبي بقوة وكبرياء يعربي: إلى متى ستستمر هذه المهزلة الصفوية؟ إن العقال والسدارة من رموز العراق التقليدية فما الضير في ارتداءها؟ وهنا انفجر (القاضي) الصفوي بهستيريا شخص مريض وأخذ يهاجم الرفيق عبد الغني بكلام لا يليق بقاض، وطلب منه مغادره قاعة المحكمة، وبعد أن رفض المناضل عبد الغني المغادرة، قال القاضي للشرطة: اسحلوه، فهجم رجال "فيلق بدر" و"جيش المهدي"، الذين يلبسون ملابس الشرطة وانهالوا عليه ضرباً وهم يسحلونه أرضا، ويركلونه على مختلف أنحاء جسمه، وهو يصرخ الله اكبر، مما تسبب في رضوض وكدمات في مختلف أنحاء جسمه خصوصا في كتفه، وأخرج إلى مكان آخر وهناك واصلوا ضربة بقسوة ووضع في غرفة سجن انفرادي!

إن هذه الحادثة التي وثقت تؤكد ما قلناه من أن الاحتلال الأمريكي، بأدواته الإيرانية في العراق، يحاول منع الشعب العراقي حتى من ارتداء الأزياء الوطنية العراقية والعربية، وإلا ما أهمية هذا الأمر بالنسبة لقاض من المفترض أن يكون محايداً وحقيقي؟ ما الذي سيؤثر في مجرى المهزلة إذا لبس الأسرى ملابس عربية تقليدية؟ إنه الحقد على كل ما هو عربي وعراقي أصيل، إضافة للرغبة المتجذرة في الانتقام من كل أولئك الذين دافعوا عن عروبة العراق ومنعوا الجراد الغيران الصهيوني من دخول العراق، وبعده كل الخليج العربي والجزيرة العربية، أثناء قادسية صدام المجيدة.

إننا ندعو، وبشكل فوري منظمة الصليب الأحمر، وكل المنظمات المهتمة بحقوق البشر وحياتهم وكرامتهم، أن تمارس دورها القانوني في زيارة الأسرى للتعرف على أساليب التعذيب التي يتعرضون لها، خصوصا فحص المناضل الكبير عبد الغني عبد الغفور لرؤية آثار الاعتداء الصارخ عليه جسديا ومعنويا، كما ندعو كل ذوي الضمائر الحية، من الشخصيات والمنظمات المهنية والقانونية والإنسانية، خصوصا منظمة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، ورجال الإعلام العرب والأجانب إلى تسليط الضوء على هذا السلوك الإجرامي للقاضي تجاه أسرى لا حول لهم ولا قوة غير قوة الإيمان بالله وبالكرامة الإنسانية وحب العراق والأمة العربية.

والأكثر أهمية أننا، وبعد أن صمتنا طويلا، تقديرا لظروف التشرد والتهجير والقتل والأسر، نحث الكتاب العراقيين، الذين حسبوا على البعث والقوى الوطنية الأخرى قبل الغزو، ويمارسون صمت الموتى وتكسير أقلامهم منذ الغزو، لرفع أصواتهم والدفاع عن رفاقهم في الحزب وإخوتهم في الوطن، لأن هذا الصمت المريب لا يضعهم إلا في مكان واحد وهو الجبن والاستخذاء في زمن المحنة الأعظم بالنسبة للشعب العراقي.

إن التقاعس في فضح وإدانة هذه الجريمة الجديدة لا يدل إلا على وجود معايير مزدوجة لدى كل من أطلق على نفسه عابر القارات والحدود، ويجب أن نذكّر هنا بأن الصمت أو شبه الصمت الذي تمارسه هذه المنظمات والشخصيات هو الذي شجع المحكمة المهزلة على التمادي في إهانة واضطهاد الأسرى.

لنرفع أصواتنا الآن، وليس غدا بعد فوات الأوان، لفضح وإدانة هذه الجريمة.

تحية لأبطال الشعب العراقي ورموزه الكبيرة، وفي مقدمتهم شيخ الأسرى ورمز العز والتنكر للذات العراقي العربي الأصيل المجاهد طارق عزيز، عضو القيادتين القومية والقطرية للبعث واستأذنا في الإعلام والدبلوماسية.

تحية احترام وحب للمناضل الصامد والقابض على جرح الوطن بيديه علي حسن المجيد، عضو قيادة قطر العراق للبعث، البطل الشجاع ورجل المبادئ الراسخة العربي العراقي الثابت على حب العراق والأمة العربية.

تحية حب وتقدير عظيمين للرفيق العزيز (أبو عادل) عبد الغني عبد الغفور الذي اختار الشهادة حباً في الله والوطن وأكد بموقفه البطولي مرة أخرى وأخرى اليوم صدق إيمانه بالمبادئ ونقاوة بعثيته ورسوخ عروبته.

تحية حب واعتزاز للقائد الكبير المناضل الفريق الركن سلطان هاشم، وزير دفاع العراق الحر، الذي ابتدأ عظيما ووصل قمة الشرف وهو يختار المبادئ عظيما.

تحية نضالية واعتزاز بكل الأسرى الصامدين في سجون الاحتلال.

الله اكبر، العار للاحتلال الأمريكي – الإيراني للعراق.

الله اكبر، العار لكل من صمت ويصمت على مجازر العراق واضطهاد واهنة رموزه الوطنية والقومية.

الله اكبر، والخزي والعار لكل من خفض صوته، أو كتمه بعد الاحتلال، بعد أن كان عالياً يشق طبلات الآذان قبل الغزو!

عاشت المقاومة الوطنية العراقية المسلحة الممثل الشرعي والوحيد للشعب العراقي.

تحية حب ووفاء للرفيق المناضل عزة ابراهيم الدوري إمام المجاهدين وخليفة الشهيد صدام حسين، الذي يقود الجهاد والمجاهدين على طريق تحرير العراق من الاستعمارين.

عاشت فلسطين حرة عربية من النهر حتى البحر والموت للصهيونية.

النصر أو النصر ولا شيء غير النصر.

14/3/2008

[email protected]