إلى سمير جعجع*: "وبالشكر تدوم النعم"!

سمير صباغ - لبنان

يتساءل سمير جعجع عن الضرر الذي تسببه بارجة أميركية في المياه الدولية في مكان ما بين لبنان وقبرص في سياق الصراع الكبير في "الشرق الأوسط"، متناسياً أن هذا الصراع الكبير تسببه الولايات المتحدة نفسها لتحقيق أهدافها السياسية والاقتصادية، ولغرض مشروعها الإمبراطوري، وهي التي تضع لبنان تحت رحمة تجاذبات بين محاور هو بغنى عنها. ويقول: "ينبغي أن نشكر الولايات المتحدة الأميركية على إرسالها البوارج الحربية، كونها تريد فرض نوع من التوازن والاستقرار في لبنان والمنطقة"!، ويتجاهل أيضاً - وهو الخبير بالحروب وبالقتل والترويع - بأنه ما من مرة جاءت الأساطيل في التاريخ إلا تهيئة لحرب ما، وما الحرب على العراق إلا مثال لذلك، كما يتجاهل أيضاً وأيضاً التزامن المريب بين مجيء البارجة "كول" وأخواتها من تلك القطع البحرية التي تنقل جنوداً ومدرعات برمائية، وبين العدوان "الإسرائيلي" الهمجي على شعب غزة، وكأن في الأمر مشروعاً واحداً يهدف إلى تصفية المقاومة في لبنان وغزة، وفي منع القمة من اتخاذ مواقف عربية تضامنية جادة.

ولكن الحسابات الأميركية الصهيونية لم تنطبق على البيدر، فصمود شعب غزة البطولي وتصديه للعدوان سد السبيل أمام شن عدوان واسع وشامل، وإلا لكان سمير جعجع يرى اليوم بأم عينيه أن مهمة البارجة "كول" ليست استعراضاً وتبختراً في عرض البحر.

اليوم يظهر سمير جعجع على حقيقته الكاملة التي لم تكن لتخفى على أحد إلا على الذين يسيرون على نهجه القديم الجديد، وهو الذي تحالف مع الشيطان، إلا مع العروبة النضالية المقاومة للصهيونية، ويصر على الظهور بمظهر ليس فقط من يفرض نفسه قوة أساسية في لبنان، بل كعادته مفرطاً في إنهاك سيادة بلده وحرية قرارها التي لا ينفك يتشدق بها في كل تصريح له،

من الضروري أن يذهب جعجع إلى واشنطن ليتباحث مع أركان الرئيس الأميركي بوش* في ما يجب عمله في لبنان والمنطقة، وهناك يستطيع أن يقدم الشكر، وربما تنظم له قمة مع الرئيس بوش فعندئذ تكون قمة بين رجلين:

* الأول محكوم في بلده معفي عنه، والثاني غير محكوم بعد في بلده، ولكنه محكوم من التاريخ، أما الحريصون على السيادة والاستقلال، فلن يقدموا الشكر أبداً لمن ينتهك سيادتهم.

مهما كانت تصريحات جعجع استفزازية، فالرد عليها هو بتعميق نهج المقاومة بكل أشكالها للمشروع الأميركي الصهيوني.