عندما وأخواتها لجاد الحاج
كتب شوقي مسلماني / سيدني - استراليا
مجموعة
"عندما وأخواتها" للشاعر اللبناني جاد الحاج هي رسم مختلف بالكلمات لأحلام لا تعرف
الوصول، وألم ليل طويل، وخطّة أخيرة اندفاعاً نحو الجميل الباقي القليل.
وفي المجموعة قصائد حبّ هي موقف كما دائماً هي كلّ قصائد الحبّ، وخصوصاً إذا السماء واطئة والأرض يباب، ومن الحبّ في المجموعة ترحال باتّجاه مدن بعيدة باردة في عالم يحترف الخسائر، والانكسار تحديداً أخلاقيّاً، ولذلك السدود هي كثيرة، والموت كثير: فوضى، جوع، عنصريّة، دعوات إلى القتل بالمجّان، والفوضى عامّة، والجوع وباء، والعنصريّة، والتفاوت بين الأبيض والأسود، وإعادة إنتاج المُنتَج الدموي، كل ذلك يلحظه الشاعر الحاج بالمرارة ذاتها.
هنا قصيدة من المجموعة تحت عنوان: "عاشق أمستردام"
حين أبطأتْ خطاكِ
ونحن نمشي في وميضِ الوجد
على حافةِ القناة
جلدتُ الرصيفَ بالرجاء
وأسرعتُ فكدتُ أصيحُ
وصوتي إبرة عالقة في بؤبؤ العين
كدتُ أقول كم أحبّكِ
كدتُ أحدِّثُكِ عن مدينة تُسرق فيها السماء
تحت زخّاتِ المطر
يأتزرُ ماؤها بالماء
وخلف الشرفات الناعسة ينمو الصبّار
في ضوءِ الدموع
كانتِ المراكبُ عمياناً سكارى
وكان وجهي هائماً على وجهِك
وبي وهْم مَنْ يقتفي التيه صادحاً بالغناء
وكدتُ أحيا لو لم تغادري القطار
خلتُ عينيكِ تومضان في الواجهة
حيث اشترينا خاتمَ العهد
خلتهما موجتين إلى مياه عيني
وحلّ المساء
وأشعلتْ مطفئاتُ الشهوةِ مصابيحهنّ
لآدم الأوّل والأخير
واحدة نقرتْ زجاجَها
ولوّحتْ مثلما يلوِّحُ الغرقى
قالتْ: جئتُ في البحر من باراغواي
مع أختي الصغيرة
تعالَ قالتْ
وأوقدتْ شموعاً لمصلوب وسط صور قدّيسين
تزركشوا بالخرز والريش
وارتمحوا السنابل لحراسة السماء
تعال في آخر الليل أنتَ وأنا وأختي
هل تحبّ؟
لا تخفْ
قالتْ بائعةُ الزنبق
إنْ لم تفتحْ بابَها نقرع الباب المجاور
أو نركن الباقة على النافذة
مَنْ يُرسِل باقة لامرأة توارتْ
مَنْ يمشي على جمرِ خطاه
مَنْ ينتحل حبّاً عابراً
كيف يفلتْ مِنْ قبضةِ الوحشة
لا تطفئي المصباحَ يا ريح الشمال
لا تلمسي الستارة المسدلة في الغرفة
العاليةِ قرب السطوح
شربتُ الفضاء والنُورَ الشاحبَ
وزخّاتِ المطر
وقلتُ
للموت:
خذني.