أعلى مراتب "العواء"

شوقي مسلماني - كاتب وشاعر من سيدني - استراليا

1 - عواء ثقافة

"مثقّف" .. راح يعوي: "عَوْ عَوْ". 

وسأله جاره في الساعة المتأخِّرة من الليل لو يكفّ عمّا هو فيه، فله طفل.. وكلّما يستيقظ مذعوراً. 

وثارت ثائرة "المثقّف"، فالجار يريد أن "يكمّمه"!.

وثارت ثائرة "مثقّفين".. ووقّعوا على عريضة تدين الجار، وتتوعّد بتمزيق لحم كلّ من تسوّله نفسه أن يعترض على "العواء"!.

 

2 - ما بين السطور

كُتِبَ الكثير عن ثقافة "الواوا" تحقيراً للمستوى الذي انحطّت إليه الأغنية العربيّة في "عصر الإنفتاح".. أمّا شرارة ثقافة "الواوا" فهي أغنية "الواوا" ذاتها التي تؤدّيها الفنّانة الجميلة والمتملّكة.

إنّما "الواوا" بحاجة لمسبِّب فطنَ له أيضاً "مثقّفون" باتوا يُعرَفون باسم مثقّفي "عَوْ عَوْ".. ولا يُخفى أنّ ناباً لمن يعوي فتكتمل أضلاع.. فما أن يكون خطّ "عَوْ" حتى يحضر خطّ "ناب".. وحين يحضر خطّ "ناب" سرعان ما يحضر خطّ "واوا".

وهكذا.. فلبنان ابتدع ثقافة "الواوا" ثمّ ابتدع ثقافة "عَوْ عَوْ".. وهما ثقافتان معجزتان. ومعروف أنّ القدّيس لا يُطوَّب حتى تكون له لا أقلّ من ثلاث معجزات، فلو نبتهل إلى الله لكي يلهم لبنان فيصنع المعجزة الثالثة.. فيستحق، وهو الذي له "مجد"، لقب "القدّيس"، فلا نُعطى "مجده" بعد وحسب بل أيضاً "قداسته"!.

 

3 - عَوْ عَوْ

"حزب التيوس" هو حزب عريق في سيدني.. والرئيس عادة هو الذي يحتفظ بالقرنين الهائلي الحجم، وبما أنّ الحزب ليس الموضوع - قال - فلن أخوض في التفاصيل، ولكن على منواله أدعو إلى تأسيس حزب "عَوْ عَوْ".

وبعد أخذ وردّ أعترف أنّ الحزب واقعاً قد تأسّس وانضم "مثقّفون".. وجميعهم للصدفة حتى الآن من أركان "لبنان أوّلاً".. وبعضهم ميوله "كول" وبعضهم ميوله "أشكول".. وهؤلاء جرى تعيينهم قادة لأنّهم بلغوا أعلى مراتب "العواء"، وهناك أعضاء واحد منهم يغمز من الشاعر الراحل ممدوح عدوان لأنّه علوي ويعتقد في آن أن الراحل عدوان هو الوحيد بين العلويين الذي عنده بعض ثقافة وبعض شعر.. ولمّا جرى تذكيره أنّ أدونيس كبير مثقّفي العرب وشعرائهم هو علوي "زمّ بوزه".. وواحد منهم متخصِّص بالتحريض الطائفي ويتوعّد من تسوّله نفسه "أن يلوي ذراع أهل بيروت" بالويل والثبور.. وأهل بيروت بالنسبة له هم من أبناء طائفته دون غيرها.. ثمّ بلا ملل يؤكِّد أنّه يساري "قحّ".. وواحد منهم لم يأبه لسقوط أكثر من خمسين شاباً بين قتيل وجريح يوم الأحد الدامي.. وفقط غضب لاحتراق الدواليب المسكينة.. وواحد منهم سخر من عشرين ألفاً من اللبنانيين والعرب الذين تظاهروا في سيدني إبّان حرب تمّوز ضدّ "إسرائيل" وأميركا مطالبينهما بوقف الحرب على لبنان.. وهؤلاء كما تلاحظون - أردف - متدرّجون في ثقافة "العواء".

ولمّا لم يأبه أحد لما يدعو إليه قال: "عَوْ عَوْ"!.

[email protected]