الجدل الأطلسي حول أفغانستان

زكريا شاهين

لم يتوقف الجدل الأطلسي حول مشاركة قوات "الناتو" في الحرب الدائرة في أفغانستان، خاصة بعد أن أبلغ رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر الرئيس الأميركي جورج بوش بعزم أوتاوا سحب بعثتها العسكرية من أفغانستان خلال العام المقبل، ما لم يرسل حلف شمال الأطلسي "ناتو" تعزيزات إضافية.

لكن أعضاء حلف "الناتو" الآخرين، وإن لم يعلنوا عدم رغبتهم في إرسال قوات جديدة إلى أفغانستان بشكل مباشر، إلا أنهم يتمنون لو يستطيعون أن يقولوا لبوش، ما قاله رئيس الوزراء الاسترالي.

كندا لديها 2500 جندي في مدينة قندهار جنوب البلاد، وتواجه حكومتها انتقادات داخلية متزايدة، في حين ترفض دول الحلف إرسال المزيد من القوات إلى الجزء الجنوبي الذي تتصاعد فيه أعمال العنف.

ومن المقرر أن تنتهي مهمة البعثة الكندية في فبراير/ شباط 2009، ويبدو أن الكنديين، هم الذين تحملوا الخسائر الأكبر في الأشهر الثلاثة الأخيرة، مما ولد ضغطا شعبيا لا يستطيع رئيس الوزراء تجاهله.

تقول الولايات المتحدة إنها ستضغط على الناتو لإرسال المزيد من القوات إلى جنوب أفغانستان، لكنها وبحسب وزارة الدفاع الأميركية، لن ترسل المزيد من القوات الأميركية إلى هناك.

أعضاء الناتو الآخرين يقولون إنهم يتفهمون طلب كندا، لكنهم يعدون بقوات إضافية يبدو أنها ستكون على الورق فحسب، فحلف الأطلسي يعترف بأنه في ورطة كبيرة، خاصة وانه لم يعد يختلف في ممارسات قواته عن ممارسات القوات الأمريكية المتهمة من قبل ليس المنظمات الحقوقية وحسب، وإنما من الرأي العالمي بشكل عام، وحتى داخل الدول المشاركة فى الحلف، بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

لقد سجل على الحلف، العديد من حالات قتل المدنيين، وسجل عليه ارتكاب المجازر الكبرى، ورغم أن بعض قادته وفى بعض الحالات، حاولوا تبرير ذلك بالقول إنهم يقصفون قوات عسكرية معادية تعمل وسط المدنيين، إلا نهم فى نفس الوقت، يقولون إن استخباراتهم العسكرية غير مجدية، لكن هذا العذر أو ذلك، لا يبرر ارتكاب جرائم الحرب من اجل عيون المخططات الأمريكية.

الأطلسيون يخشون فيما لو استمروا في هذه الحالة، فان حلفهم العسكري "الناتو" إلى زوال، وبالتالي، "يجاهدون" للخروج من هذه الورطة، لكنهم غير قادرين على ذلك، خاصة مع تعاظم الخسائر في صفوفهم، وتطوير المقاومين لوجودهم استخباراتيا وعتادا.

منذ نشرت كندا قواتها في أفغانستان عام 2002، قتل 78 جنديا كنديا إضافة إلى أحد دبلوماسييها.

وتشير نتائج استطلاعات أخيرة للرأي إلى أن 50 في المئة فقط من الكنديين يدعمون مهمة أفغانستان.

فضائح الناتو، لا يريد أصحابها أن تخرج للعلن، فقد دعت قيادة حلف شمال الأطلسي "ناتو" إلى وقف "الدعوات العلنية جدا" إلى إرسال التعزيزات لقوات التحالف في أفغانستان والعودة إلى "القنوات البعيدة عن الأضواء" المعهودة، وذلك ردا على الدعوات التي وجهها وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس إلى نظرائه الأوروبيين لتعزيز القدرات العسكرية فى الحرب ضد حركة طالبان.

يزعم الناطق باسم الحلف الأطلسي جيمس أباتوراي إن الدعوات العلنية "إذا أتت بنبرة اتهامية" فقد تغطى على الإنجازات المحرزة على الأرض"، وأوضح أن هذه الدعوات تعطى أيضا "فكرة خاطئة عن غياب التضامن" بين أعضاء الحلف كما أنها تزيد من التوتر السياسي في حالة أفغانستان التي تعد "تجربة مختلفة قليلا"، لكن بعض القيادات العسكرية للحلف، العاملة فئ أفغانستان، تستغرب من أن يتم الحديث عن انجازات غير موجودة.

أما إذا كانت الانجازات تتعلق بتشكيل حكومة موالية، فإن هذه الحكومة الغارقة في الفشل والفساد معا، لا يمكنها أن تصمد فيما لو فشل الناتو، وهو في طريقه إلى الفشل حتما.

الجدل الأطلسي، يلقى بظلاله المتوترة على الحلف، حيث لم يعد بالإمكان، تفادى ضرورة البحث عن مخرج لن يكون سوى بانسحاب القوات الغازية.