إذا لم تتحرك.. تتدهور

زكريا شاهين

يبدو أن التعقيدات التي تحيط بالأزمة اللبنانية لا تسمح بإيجاد أي حل على المدى المنظور، بالرغم من كل الجهود التي يقال أنها تبذل على هذا الصعيد.

على صعيد الداخل اللبناني، تزداد الفجوة اتساعا بين الفرقاء، بحيث تحجب التفاؤل المفترض وفقا لما قيل بأن المبادرة العربية ربما تشكل قاعدة للحل، فيما لو أبدى الفرقاء أنفسهم تجاوبا معها، حيث يمكن حينها البحث عن قواسم مشتركة تضع ولو في حدها الأدنى، مفاتيح الحل في المكان الصحيح.

لكن جديد المفترض هذا يخالف التفكير به، ففي آخر تصريح للامين العام للجامعة العربية الأستاذ عمرو موسى، يقول إن مفاتيح حل الأزمة اللبنانية يقع خارج لبنان، بعد اكتشاف معادلة غريبة تقول بحسب رأيه، "نعمل على الإحاطة بالمشكلة اللبنانية خشية من أن تتدهور، فإذا لم تتحرك فلا بد أن تتدهور".

على خط الأزمة نفسها، تختلف مواقف اللاعبين كل على طريقته، فالخارجية المصرية وفى آخر إصداراتها المتعلقة بالأزمة اللبنانية، تطرح موقفا تؤكد فيه أن نجاح القمة العربية في دمشق مرتبط بانتخاب رئيس جديد للبنان، حيث يعرب وزير الخارجية المصرية أحمد أبو الغيط عن حرص مصر البالغ على إنهاء وتسوية الأزمة اللبنانية في أقرب وقت ممكن بدءا بانتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة لاسيما في ضوء الأهمية التي يكتسبها هذا الموضوع وارتباطه بنجاح القمة العربية المقبلة.

بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة يعرب مجددا عن قلقه لاستمرار الفراغ الدستوري في لبنان لعدم انتخاب رئيس للبلاد مؤكدا أن ذلك الأمر "غير مقبول".

باريس، تعلن أنها لا تزال تنتظر نجاح الأطراف اللبنانية في التوصل إلى اتفاق بشأن انتخاب رئيس للجمهورية في إطار الخطة العربية المطروحة في هذا الصدد، وعما إذا كانت الدبلوماسية الفرنسية ستستعيد المبادرة في لبنان بعد عدم نجاح جهود الجامعة العربية في التوصل إلى اتفاق بين اللبنانيين بشأن انتخاب رئيس للبنان وتأجيل جلسة البرلمان اللبناني المخصصة لذلك للمرة الـ15، تقول المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية باسكال اندرياني أن الخطة العربية لم تفشل، مشيرة إلى تصريحات الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، لدى مغادرته بيروت، والتي قال فيها انه لا يزال هناك أمل، بمعنى، أن فرنسا غسلت أيديها من التدخل في حل الأزمة بعد انتهاء التوكيل الأمريكي لها.

الموقف البريطاني، يأتي من خلال وصف وزير بريطاني "كيم هاولز وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط" الوضع في لبنان بالخطير، مستغلا هذا الأمر، ليكرر مزاعم "إسرائيل" بأن "حزب الله" أعاد تسليح نفسه وأقام مواقع حصينة شمال نهر الليطاني، ولا ندري ما العلاقة بين هذا الأمر، وبين انتخاب رئيس للجمهورية أو تشكيل حكومة وحدة وطنية تتخطى الأزمة.

ويضيف الوزير أنه "لا يعتزم زيارة دمشق في إطار الجهود التي تبذلها بلاده حول الأزمة السياسية في لبنان، منوها بأن "هناك الكثير من الناس صاروا محبطين جداً من التأخير المتتالي لانتخاب الرئيس الجديد وممّا يرونه تدخلاً في الشؤون الداخلية للبنان، وخاصة من قبل السوريين والإيرانيين ومن قيام "حزب الله" بإعادة تسليح نفسه بشكل كامل الآن".

إخفاق الجولة الأخيرة للامين العام للجامعة العربية عمرو موسى في بيروت كان محفزا دفعه للقول انه من الضروري وجود من يمثل لبنان في القمة العربية في دمشق، موضحا أنه تلقى تعهدات من المسؤولين السوريين بشأن دعوة لبنان.

النبرة المتشائمة لموسى، لم يستطع إخفاءها بتلك الجمل التفاؤلية كقوله أنه لا تزال هناك إمكانات وأبواب لا بد من فتحها في الأزمة اللبنانية، وأهمها العربية والإقليمية، إذ يضيف "أننا دفعنا زعماء لبنان إلى آخر ما يمكن أن يقوموا به"، وأن "ما تم التوصل إليه هو بعض التحريك وليس الحل".

لكن الأخطر من ذلك كله، ما تردد عبر التسريبات الدبلوماسية التي تقول إن إدارة بوش، غير مهتمة بحل الأزمة اللبنانية، بقدر ما هي مهتمة بتشجيع "إسرائيل" على شن حرب ضد لبنان، والاهم، الانتصار فيها!!.