على خطى التهويد!!
زكريا شاهين
لا يتوقف الكيان الصهيوني عن تنفيذ نواياه بشان "يهودية الدولة"، خاصة وأن كل الظروف مهيأة له، يساعده في ذلك، الشلل المستفحل في العلاقات الفلسطينية ـ- الفلسطينية.
تهويد مدينة القدس، يجرى على قدم وساق، من خلال الاستيلاء على المدينة القديمة تدريجيا، وتزنير الحرم القدسي الشريف بالمؤسسات اليهودية التي تزعم حقها في هدم المسجد الأقصى باعتبار أن الهيكل المزعوم هناك، وهم يحولون نواياهم إلى فعل، إذ انه يمكن القول الآن، أن ما أسفل المسجد، أصبح محمية صهيونية بالكامل.
أما ما يقع خارج أسوار المدينة المقدسة، فالزحف الاستيطاني لا يترك شبرا إلا واستولى عليه، وبالتزامن، تزداد القوانين التعسفية ضد أبناء القدس تعسفا لدفعهم إلى الرحيل.
في المقابل، لا يترك الفلسطينيون من سكان عام 48، إلا وتفرض عليهم القوانين الجديدة، والتي كان آخرها ما يشبه المقايضة، بحيث يفرض على فلسطينيي الداخل "الولاء للدولة وإدانة الإرهاب وأداء الخدمة المدنية" مقابل نيل الحقوق.
يأتي ذلك عبر وثيقة لما يسمى "المجلس الصهيوني في إسرائيل"، وهو هيئة تتبع "للهستدروت" الصهيونية العالمية والذي يناقش سياسة "إسرائيل" تجاه العرب في البلاد، وقد تضمنت الوثيقة أنه "على الجمهور العربي في "إسرائيل" أن يحافظ على الولاء الكامل للدولة، وإدانة الإرهاب الموجه ضد "إسرائيل" - المقصود هنا إدانة المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال - والقيام بواجباتهم عن طريق الخدمة المدنية"، مقابل تمتع الجمهور العربي بحكم ذاتي اجتماعي وميزانيات مناسبة لنسبة المواطنين العرب في البلاد.
الوثيقة ستأخذ طابعها التنفيذي، بعد عرضها على مؤسسات "الوكالة اليهودية" وأمام اللجنة التنفيذية الصهيونية، في الأشهر القريبة، وذلك بهدف بلورة سياسة المؤسسات الصهيونية بشأن العلاقة بين "إسرائيل" والأقلية العربية، من اجل تأكيد "يهودية الدولة".
المجلس الصهيوني المذكور، أقيم في العام 1970، كذراع تنفيذي مركزي "للهستدروت" الصهيونية العالمية في "إسرائيل"، وتسعى إلى تعزيز الأسس الصهيونية في المجتمع "الإسرائيلي".
والوثيقة، تأتي ردا على 4 وثائق عربية تطالب بتغيير الطابع اليهودي "للدولة"، ومنح حقوق جماعية للعرب في البلاد، والملاحظ هنا، أن هذه هي المرة الأولى التي تتناول فيها هيئة تابعة للحركة الصهيونية موضوع العرب في البلاد، وفي المقابل، تعمل، على الأقل، مجموعتان من الباحثين على صياغة وثائق أخرى بهذا الموضوع، بالإضافة إلى هيئات حكومية رسمية أخرى تتناول الموضوع نفسه، مما يعني، أن العمل على تكريس "يهودية الدولة"، قد وضع قيد التنفيذ الفعلي.
تطرح الوثيقة، التي لم تستكمل صياغتها حتى الآن، 13 نقطة للبحث بشأن العلاقة بين الدولة والجمهور العربي، ومن بينها وجوب تشجيع الشباب العربي على الانضمام إلى ما يسمى بـ"الخدمة المدنية"، الأمر الذي يعارضه العرب في البلاد جملة وتفصيلا.
وفي الوثيقة أيضا، أن "على العرب أن يكونوا مخلصين دون شروط للدولة، وأن يدينوا الإرهاب بالمفهوم الصهيوني له.
فلسطينيو الداخل، الذين يعيشون ما بين مطرقة التعسف الصهيوني، وسندان التشرذم الفلسطيني، يرون أن هذه الوثيقة، تحدد هدف المجلس الصهيوني بتعميق الجوهر الصهيوني لـ"دولة إسرائيل"، كما أنها تسعى إلى ضمان مصادرة ما تبقى من أراض عربية في النقب وتجميع سكان القرى غير المعترف بها في بلدات تجميعية بعيدة كل البعد عن طابع حياتهم وبعد أن تنزع علاقتهم ببلداتهم وبيوتهم وممتلكاتهم، إضافة إلى البدء في عملية فرض الخدمة المدنية وبعدها العسكرية على الشبان الفلسطينيين في الداخل، وإلا فهم غير موالين للدولة، وبالتالي، يصبح ما سيطبق عليهم من إجراءات عقابية كحرمانهم من الدراسة والعمل والتنقل إلى إشعار آخر قبل ترحيلهم بحسب ما يطرح من مخطط تبادل الأراضي في المفاوضات العبثية مشروعا.
الاحتلال الذي يلعب على التناقض الفلسطيني - الفلسطيني، يريد استمرار اللعب هكذا بنقل المسألة إلى الداخل، خاصة وأن هذا الداخل، محكوم بوجوده تحت ظل القوانين الصهيونية وليست له أية امتدادات خارجية.
كل هذا، يجرى والانشقاق الفلسطيني، يزداد انشقاقا، دون أي بارقة أمل لتجاوز ما يحدث، والانتباه إلى المخططات الصهيونية بشكل جدي.!!!