مفارقات أكثر من ساخرة

زكريا شاهين

من المفارقات التي يمكن وصفها بأنها أكثر من ساخرة، أن يجري وزير الدفاع الصهيوني "ايهود باراك" مداولات حول ما إذا كان بالإمكان، وفقا للقانون الدولي، استهداف مصادر إطلاق النار والصواريخ في حال كانت في مناطق مأهولة بالسكان في قطاع غزة.

يشارك في هذه المداولات "وزير القضاء دانيال فريدمان" و"المستشار القضائي للحكومة مناحيم مزوز" و"المدعي العام العسكري أفيحاي مندلبليت" والمستشار القضائي لوزارة الدفاع وموظفون كبار في وزارة الخارجية.

استعراض إعلامي يؤكد أن الكيان الصهيوني لم يستطع تبرير كل هذا القتل، بالرغم من تغاضي المجتمع الدولي عن جرائمه وفشله لأكثر من مرة في تمرير قرار بإدانة ما يفعل.

ما تناقلته الأنباء حول تواطؤ دولي مع الكيان الصهيوني، وفشل الحراك السياسي لوقف المجازر "الإسرائيلية"، يؤكد أن مسألة المفاوضات واللقاءات التي يهلل لها، ليست سوى كذبة كبرى، كما يؤكد على أن الولايات المتحدة على وجه التحديد، والتي دخلت مرحلة الجمود السياسي باعتبارها في فترة الانتخابات الرئاسية، كانت على رأس المتواطئين مع الكيان الصهيوني وعدوانه على قطاع غزة، فالولايات المتحدة الأمريكية وبحسب ما تم تداوله من أخبار، كانت على علم بالعملية العسكرية، بل أنها كانت تشجع قيام الصهاينة بها.

فقد نقل عن مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الأمريكية وبحسب موقع "المنار المقدسي"، أن الولايات المتحدة كانت على علم بالعملية العسكرية "الإسرائيلية" على قطاع غزة التي أسمتها "إسرائيل" بـ"الشتاء الساخن"، قبل بدئها وشنها، الموقع يؤكد أيضاً، أن وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس دعت "ايهود اولمرت" خلال لقائهما في العاصمة اليابانية، إلى تنفيذ مجازر عشوائية ضد الفلسطينيين في غزة بشكل غير مسبوق لتخويفهم وترهيبهم وأن يترافق ذلك مع تدفق الغذاء والدواء إلى القطاع، بحيث يكون متزامنا مع العملية العسكرية للتخفيف من الضغط السياسي العالمي على "إسرائيل" والولايات المتحدة.

رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بدوره، أكد للوزيرة الأمريكية "أن العملية العسكرية لن تكون واسعة وإنما محدودة" هدفها، تخويف الفلسطينيين في القطاع وإرسال رسالة إلى (حماس) مفادها أن اللعب بالنار ليس في صالحها، وأن تتوقف عن التفكير بتقليد "حزب الله" في استهداف "المناطق الإسرائيلية".

رايس أكدت لـ"اولمرت" دعم أمريكا في كل ما تقوم به مع عدم إطالة مدة العملية العسكرية وغيرها في المستقبل حتى لا تكون هناك انتقادات وضغوطات قد تحرج الولايات المتحدة والدول المعتدلة في المنطقة، فرد عليها رئيس الوزراء "الإسرائيلي": بأن "العملية العسكرية ستنتهي قبل وصولك إلى القدس".!!

العملية التي اعتمدت القصف الجوى الجبان، ولم تجرؤ على الدخول في مواجهة برية لم تركز عليها وسائل الإعلام، بالرغم من حدوثها المحدود، وتكبد الصهاينة للخسائر فيها، هذه العملية، استهدفت المدنيين الذين يريد وزير الدفاع الصهيوني دراسة وضعهم القانوني، وهل يصلحون للقتل آم لا.

أكثر من ثمانين شهيدا فلسطينيا معظمهم من المدنيين، ودمار طال كل شيء، بيوتا ومقرات ومتاجر وورش، وما زال وزير الدفاع "الإسرائيلي" يريد دراسة إن كان ذلك مشرع قانونيا.

أليس هذا الذي يمكن وصفه بأنه أكثر مما يوصف بالسخرية؟.

5/3/2008