في مواجهة نقص المناعة

زكريا شاهين

تشير الإحصاءات إلى أن عدد ضحايا الايدز انخفض في البلدان الغنية بفضل استخدام الأدوية المضادة له، لكنه تحول إلى وباء في العديد من البلدان الفقيرة.

وتقدر الأمم المتحدة أن الايدز سيقتل أكثر من ثلث الذكور البالغين في بعض أجزاء أفريقيا، وطبقا للأمم المتحدة فإن الايدز يتصدر الآن أسباب الموت في أفريقيا ويعتبر القاتل رقم واحد في القارة والرابع في بقية أنحاء العالم، وتشير إحصاءات المنظمة الدولية إلى أن 2.8 مليون شخص ماتوا بسبب المرض العام الماضي.

أرقام مرعبة، وتقارير سوداوية، إذ حين يقتل وباء الايدز أكثر من مليوني شخص كل عام في أفريقيا، فأن ذلك يعني أن المسالة لا تنتهي هنا، إذ يخلف هذا الموت وراءه ملايين أخرى من الأرامل والأطفال اليتامى، مصطحبا مع ذلك مشاكل جديدة.

يعيش في بلدان جنوب القارة الأفريقية ثلثا المصابين في العالم بفيروس "أتش آي في" الذي يسبب مرض الايدز، وقتل 11 مليون إفريقي منذ أن تم تشخيصه للمرة الأولى.

القارة الأفريقية تحتاج إلى مواجهة المرض وإلى مد يد العون إليها وحصولها على أدوية منخفضة الأثمان ليكون بإمكان جميع المصابين الحصول عليها، وإذا كانت البلدان الغنية وفرت علاجا لا يشفي المرض بالطبع ولكنه يخفف من تداعياته المختلفة، فأن الفقر في البلدان النامية، يشكل حاجزاً أمام وقف زحف الوباء أو معالجة ظواهره ولو بالحد الأدنى.

لكن إفريقيا ليست وحدها تحت رحمة هذا البلاء، وإن اتهمت ذات مرة بأنها المصدر الأول لها، إذ أثبتت دراسة جديدة، أن سلالة فيروس "أتش آي في" المسبب لمرض الايدز الشائعة في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا قد تبين أن مصدرها هايتي.

ويقول العلماء في دورية "Proceedings of the US National Academy of Sciences" إن هذه السلالة من الفيروس الفتاك انتقلت من هايتي إلى الولايات المتحدة في عام 1969 قبل أن يتوسع انتشارها، لتصل إلى أجزاء كبيرة من أمريكا الجنوبية وأستراليا واليابان.

ويحدد احد الباحثين في جامعة أريزونا، "بدأ الفيروس في الانتشار في هايتي عام 1966، وبعد ذلك بسنوات قليلة ظهرت سلالة من الفيروس انتشرت بعد ذلك بسرعة هائلة حول العالم في الوقت الذي بدأت فيه معرفة العالم بمرض الايدز".

ومنذ أن تم تشخيص المرض، بدأت الماكينة الصناعية بمحاولات صنع دواء له دون جدوى، وإذ استطاعت هذه الشركات، صنع دواء يحد من انتشاره ولا يلغيه، ويخفف من آلام أعراضه، فإن هذا الدواء، لم يكن في متناول المصابين، خاصة وأن الشركات المصنعة، غالبا ما تكون خارج إطار السيطرة الحكومية، إضافة إلى أن الدول الغنية، وبالرغم من تصريحات مسؤوليها التي تنادى بمحاربة الفقر، لا تلقي بالاً للدول الفقيرة إلا من خلال مصالحها التي تقول بنهب ثرواتها والسيطرة على مواردها.

ومع ذلك، تبين فشل إمكانية صناعة أدوية لوقف زحف المرض وانتشاره، ولهذا السبب، أوقفت شركات دولية لإنتاج الأدوية والعقاقير التجارب التي كانت تجريها على لقاح لمرض نقص المناعة المكتسب "الآيدز" كانت تعقد عليه الآمال في محاربة المرض، وإنها قررت التخلي عن برنامج تجربة اللقاح بعد أن ثبتت عدم فاعليته، حيث أنه لم يمنع الإصابة بعدوى مرض نقص المناعة المكتسب لدى بعض المتطوعين في برنامج الاختبار من المعرضين للإصابة كالمثليين والعاملين في تجارة الجنس.

فقد أصيب 24 من مجموعة مكونة من 741 متطوعا حقنوا باللقاح لاحقا بالمرض، بينما أصيب 21 من مجموعة أخرى مكونة من 762 متطوعا حقنوا بمادة محايدة.

فماذا يعني كل ذلك؟.

إنها خسارة الحرب على هذا الوباء، وهو ما يعني أن على الحكومات، وكذا الهيئات والمؤسسات المدنية، العمل على نشر التوعية للوقاية، بشكل جدي وعلمي وربما إجباري من خلال وضع التوعية كمادة مدرسية، لا تكون فقط من خلال الملصقات التحذيرية، أو انتظار الفرج من المجهول!!