ممارسات بوش ليست استثناء!!
زكريا شاهين
لا يمكن أن يتغير "بوش"، لمجرد أن ولايته قاربت على الانتهاء، لم يتغير خلال ثماني سنوات كاملة، بالرغم من الإخفاقات المتكررة التي مني بها، وبالرغم من المأزق الذي وضع فيه من خلال سياسته وسياسة إدارته، الولايات المتحدة الأمريكية، والتي أصبح اسمها يشكل عنواناً وتوصيفاً لمدى الكره التي أصبحت تتمتع به بجدارة ليس من قبل الشعوب وحسب، وإنما من قبل كل من يعمل في الحقل الإنساني أو الحقوقي بشكل فردي أو جماعي.
الممارسات بالغة الوحشية، التي حفلت بها سنوات حكمه، ستظل وصمة عار على جبين أمريكا مهما حاول اللاحقون من المسؤولين الأمريكيين تخفيف هذا الأمر التي لم تفلح في تخفيفه أكثر من ثلاثة لجان شكلت لتجميل الوجه الأمريكي الذي هو قبيح بالأساس، لكن حسنات السيد "بوش"، أظهرته عارياً دون أية مساحيق إلى العلن، إلى درجة أن إحدى الولايات الأمريكية، أصدرت قراراً "غير ملزم" باعتقال بوش ونائبه "تشيني" بتهم ارتكاب جرائم حرب.
التعذيب، الذي شاهد العالم نماذجه في أبو غريب وغوانتانامو، لا يمكن أن تمحوه الأيام، وإذا كان الكونغرس الأمريكي الذى يشعر بفداحة ما قام به الرئيس الأمريكي وإدارته، يحاول تغيير واقع أن الإدارة الأمريكية لا تفهم إلا لغة القتل والجريمة، بمحاولته استصدار قانون يمنع التعذيب، أو يخفف من استخدام بعض الوسائل فيه، فأن الرئيس الأمريكي، الذي تعود وربما باستمتاع، أن يشاهد أشرطة الـ"فيديو"، التي تصله عن المعذبين في السجون الأمريكية، وفي بلدان أخرى وتحت إشراف أمريكي، لن يسمح بذلك، وقد فعلها فعلاً.!!
فقد استخدم "بوش" حق النقض "الفيتو" لعرقلة قانون يمنع وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي أي" من استخدام أساليب التعذيب مثل الإغراق الوهمي إلى جانب وسائل التعذيب الأخرى لانتزاع الاعترافات، معتبراً أن القانون سيعرقل عمل وكالة الاستخبارات المركزية عند استجواب من أسماهم "الإرهابيين الخطرين".
يقول "بوش" فئ خطابه الإذاعي الأسبوعي، "إن القانون سيلغي كل الإجراءات البديلة التي وضعناها من أجل استجواب مجموعة من أخطر وأعنف الإرهابيين على مستوى العالم".
ويضيف: "إن تنظيم القاعدة ما يزال عازماً على مهاجمة أمريكا مجدداً، ومع تواصل الخطر علينا أن نتأكد من أن أجهزة الاستخبارات تملك الأدوات الضرورية لوقف الإرهابيين"، وأن "أجهزة الاستخبارات لدينا تعتقد أنه لولا هذا البرنامج لنجح تنظيم القاعدة وحلفاؤه في شن هجوم آخر ضد الأراضي الأمريكية، كما ساعدنا في فهم تركيبة القاعدة وتمويلها واتصالاتها ولوجستياتها".
أن الرئيس الأمريكي يصنع الخوف باستمرار لدى الأمريكيين، وقد أجاد صنعه على مدى سنوات حكمه، ليستخدمه مبرراً لشن حروبه التي أطلقها باتجاه من أسماهم "محور الشر"، ولأن الآخرون يعرفون بأنه مخادع، فهم يعلنون ذلك على الملأ، لكنه مع استخدام حق النقض، يمنعهم من أي إجراء.
يقول رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ السناتور "غاي روكفلر" إن الفيتو سيقوض برامجنا للأمن القومي ومسؤولي الاستخبارات الذين ينفذونها"، مؤكداً أنه لم يسمع ما يشير إلى أن المعلومات التي تم الحصول عليها من خلال أساليب التحقيق حالت دون وقوع "هجوم إرهابي" وشيك.
ويتهم أعضاء في الكونغرس الرئيس "بوش"، بأنه قام بتشويه صورة السلطة الأخلاقية، وتعريض أفراد الهيئات العسكرية والدبلوماسية الأمريكية لخطر الخضوع لتحقيقات قاسية خارج البلاد، إذ يقول زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ وعضو الحزب الديمقراطي "هاري ريد": "تسبب الرئيس مرة أخرى في تشويه صورة القيادة الأخلاقية للأمة"، مقدماً قائمة بأسماء القادة العسكريين ومنهم القائد العسكري بالعراق الجنرال ديفيد بترايوس، والذين يؤمنون بأن التعذيب سلوك خاطئ ويخفق في الحصول على معلومات".
"فيتو بوش"، أدانته منظمات حقوقية مثل "هيومان رايتس ووتش" و"أمريكان سيفيل ليبرتيز"، وقالت "جنيفر داسكال" المحامية في "هيومان رايتس" إن "التاريخ سيسجل أن بوش هو رئيس التعذيب"، لكن هذه الإدانة لن تعني شيئاً، فقد سبقتها إدانات مشابهة لم تستطع أن تغير من ممارسة القتل وارتكاب الجرائم، لأن هذه الممارسة، محفورة في صلب التاريخ الأمريكي، ولعل "بوش"، لن يكون استثناء.