الإدارة الأمريكية والأزمة المفتوحة!!
زكريا شاهين
لا شك في أن المتتبع للحراك السياسي الأمريكي، سوف يلاحظ كثافة التوجه نحو المنطقة العربية، وعلى أعلى المستويات، بدءا من الرئيس الأمريكي، ثم جولات وزيرة الخارجية رايس، وأخيرا نائب الرئيس ديك تشيني في جولة جديدة، تذكر بالجولة التي سبقت غزو العراق، باعتبار أن حروب بوش، لا زالت احتمالاتها قائمة، بالرغم من الوهن الذي يعترى الإدارة الأمريكية حتى في حالة مؤسستها العسكرية.
مؤشرات ما يمكن إن تخبئه جولة تشيني، تمكن قراءتها من خلال زيادة التواجد العسكري في منطقة الخليج، وتوجه البوارج الحربية نحو لبنان، وإصرار إسرائيل على مواصلة نهجها الإجرامي ضد الفلسطينيين، ومحاولة الإدارة الأمريكية، إفشال مؤتمر القمة العربية في دمشق، ويتزامن كل ذلك، مع مرور خمس سنوات على غزو العراق.
الأزمة التي باتت مفتوحة بين السياسيين والعسكر الأمريكيين، والتي توجت أخيرا باستقالة قائد القوات الأمريكية في "الشرق الأوسط" الأدميرال وليام فالون، والتي وصفت بأنها بداية انتفاضة الجنرالات على خيارات بوش، لا تقف عند هذه الحدود، فالسياسيون الأمريكيون يعلمون حيثياتها، ومع ذلك، هم يصرون على المضي قدما في سياستهم التي وضعت الولايات المتحدة الأمريكية في مآزق متعددة، مآزق سياسية، وأخرى أخلاقية ومالية غير مسبوقة.
تعترف وزيرة الخارجية بمآزق حكومتها، حين تعترف بأن الجهود التي مارسها الاحتلال لتثبيت الأوضاع في العراق كان من الضروري أن تبدأ في وقت مبكر عما حدث بالفعل، كان ذلك أمام البرلمانيين الأمريكيين في الكونغرس، الذين اعتبروا بدورهم أن هذا التصريح هو إعلان عجز وتخبط.
الانقسامات الداخلية في الإدارة الأمريكية، تكشف عنها استقالة قائد عسكري بحجم فالون، وهو قائد العمليات العسكرية الأمريكية في "الشرق الأوسط" وآسيا الوسطى، التي تزامنت مع ارتفاع أعداد القتلى الأمريكيين وارتفاع كلفة الحرب بشكل خرافي.
تتصيد وسائل الإعلام التي كانت بالأمس، تغنى لاحتلال العراق، حالة الانقسام تلك، لتصف إحدى هذه الوسائل الحالة العراقية بعد احتلال السنوات الخمس بالقول: "إن مظاهر الاحتفال الذي شهدته السفارة البريطانية ببغداد في صيف 2003 بعيد سقوط بغداد لم تعد سوى ذكريات بعيدة.
يركز محررو الشأن العراقي في تلك الصحف، على أن غالبية الذين شاركوا في تلك الحرب أحيلوا إلى التقاعد وبعضهم لحقه الخزي والعار، في حين لم يتمكن البعض الآخر من الخروج من العراق أحياءً، وأيضا، لم يعد بإمكان أحد اليوم أن يتحدث عن نجاح في العراق ولا عن إمكانية عودة الحياة إلى طبيعتها في المستقبل المنظور.
يركزون أيضا وفى الذكرى الخامسة لغزو العراق، على الكلفة العالية لتلك الحرب، التي بلغت أكثر من مائتي مليار جنيه إسترليني "هذا في بريطانيا وحدها"، كما يركزون على أن بغداد تئن الآن فى وضعية مزرية لم تكن موجودة قبل احتلالها.
وتشير صحيفة الـ"تايمز" إلى أن ضحايا العراق، يشملون كذلك جيلاً من الزعماء السياسيين الغربيين مثل الرئيس الأمريكي جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، اللذين ستظل سمعتهما ملطخة بمغامرة غزو بلاد الرافدين.
لكن ما تكشفه تلك الوسائل الإعلامية يشير إلى أن الإدارة الأمريكية المغامرة، لا يستبعد منها أن تقوم بشن حرب جديدة، ربما تكون إيران أو سوريا هي المستهدفة فيها، فيما لو أخذنا بعين الاعتبار، تلك الأخبار التي ذكرت أن احد أسباب استقالة فالون، تتعلق بمعارضته للحرب ضد إيران، بالتزامن مع تسريب معلومات تقول إن خطة أمريكية تسمى "كش ملك" قد أعدت لشن ضربة عسكرية على إيران.