العراق في صحافة الغرب
زكريا شاهين
لأول مرة منذ غزو العراق، يتفق الإعلام الغربي على أن هذا الغزو، شكل كارثة ليس على الولايات المتحدة وحسب، وإنما على كل الدول التي شاركت فيه.
بمناسبة دخول احتلال العراق عامه الخامس، تنشر العديد من الصحف الغربية، نقلا عن خبراء عسكريين تقارير عن حالة التخبط والتشوش التي تسود داخل وزارة الدفاع الأمريكية فيما يتعلق بالتعامل مع الوضع في بلاد الرافدين، وذلك في ظل انقسام متنام داخل المستويات العليا من القيادات العسكرية الأمريكية بخصوص الاستراتيجية التي ستتبع هناك، ومسألة تخفيض القوات، والإجهاد الكبير الذي يعاني منه الجنود الأمريكيون، فيما تتحدث أخرى عن القتل في العراق.
وإذا كان الجنرال باتريوس، القائد العسكري لقوات الغزو يرى أن إبقاء قوات أمريكية كبيرة داخل العراق ضروري، معتقداً أن الانسحاب السريع سيعرض ما يزعم أنها مكاسب أمنية للخطر، فأن النقيض من ذلك، ما يراه قادة أمريكيون كبار في داخل "البنتاغون" من أن الخدمة العسكرية للجنود الأمريكيين في جولات طويلة، واستمرار الإبقاء على مستويات القوات في معدل كبير سيجعل سلاح مشاة البحرية في حالة تدهور متفاقمة، والرئيس الأمريكي، يتخبط بين الاتجاهين، لكنه يعلن في نفس الوقت، أن سياسته في اتجاه العراق، لن تتغير حتى انتهاء ولايته.
تشير صحيفة "لوس امغلوس"، إلى أن النزاع بخصوص الاستراتيجية التي ينتظر إتباعها في العراق خلال العام السادس من الاحتلال ازداد عمقًا بإعلان العميد وليام فالون، الذي عمل كقائد للقوات الأمريكية في "الشرق الأوسط " - عن تقاعده، خاصة أن فالون كان يدعم الانسحاب السريع من العراق.
صحيفة "لوموند" الفرنسية تركز على جانب آخر، إذ تقول: إنه بعد خمس سنوات على بداية حرب العراق لا أحد يعرف عدد العراقيين الذين قتلوا نتيجة أعمال العنف في هذا الصراع، فالولايات المتحدة تحصى عدد الضحايا في صفوفها لكن الضحايا العراقيين ما يزالون محل تقديرات متناقضة، فهم يقولون إن قتلاهم الآن حوالي أربعة آلاف، أما العراقيون فحسب الدراسات المختلفة يتراوح عدد قتلاهم بين مائة ألف ومليون ومائتي ألف وذلك منذ العام 2003، فما هو الحجم الحقيقي للقتلى في العراق؟".
صحيفة "الغارديان" البريطانية تحاول الإجابة عن هذا السؤال تحت عنوان "ما هو الحجم الحقيقي للقتلى في العراق؟" مع إعطاء تفسير لسبب إضفاء الأمريكيين الضبابية على هذا الموضوع فتقول: إن دأب الأمريكيين خلال حرب فيتنام على إعطاء أعداد القتلى بين الثوار الفيتناميين كان القصد منه إقناع الشعب الأمريكي بأن النصر كان قريبا، لكن إحصاء القتلى كان له أثر عكسي، إذ أعطى مبررات إضافية لدعاة وقف الحرب، لذلك، فإن تجربة الأمريكيين بفيتنام جعلتهم يديرون الحرب في العراق بطريقة مغايرة تماما، فقد أوقفت وزارة الصحة العراقية التصريح بعدد القتلى العراقيين الذين يصلون المشرحة، وذلك بأمر من الحكومة العراقية المدعومة أمريكيا.
احتدمت حرب الأرقام، فتولى جهاز بريطاني مستقل IBC إحصاء عدد القتلى العراقيين، والتحقيق الذي أورده IBC يؤكد أن الأمريكيين قتلوا من المدنيين العراقيين أربعة أضعاف ما قتله منهم المسلحون، وهذا في الوقت الذي ركزت فيه وسائل الإعلام على العمليات المسلحة دون غيرها.
المجلة العلمية البريطانية "ذى لانسيت" تقول في تقرير لها بالخصوص، أن عدد القتلى من العراقيين يمثل 2.5 في المئة من سكان العراق، مما يعني، خمسمائة قتيل عراقي يوميا منذ بداية عملية "حرية العراق".
دراسة أخرى أعدها معهد الاستطلاعات البريطاني ORB خلال صيف العام 2007 تؤكد أن نسبة القتل فى العراق ضخمة للغاية وأن الحصيلة قد تكون أكبر مما أعلن عنه حتى الآن، وبحسب المعهد فإن 16 في المئة من العراقيين يقولون إنهم فقدوا أحد أعضاء عائلاتهم نتيجة أعمال العنف منذ العام 2003، ويؤكد 5 في المئة من هؤلاء أنهم فقدوا شخصين من أسرهم، وهذا يعني أن حوالي مليون شخص من أصل 26 مليون عراقي قد قتلوا خلال أربع سنوات.