المقاطعة الواجبة لمعرض باريس

السيد زهره - صحافي من البحرين

منذ نحو أسبوع ، قام ممثلون لـ 25 نقابة مهنية مصرية وعربية بمسيرة احتجاج إلى السفارة الفرنسية في القاهرة، وقدموا للسفير مذكرة احتجاج على اختيار "اسرائيل" كضيف شرف في معرض باريس للكتاب والاحتفاء بالذكرى الستين لقيامها. وبعد ذلك، أعلنت عديد من الدول العربية والإسلامية رسمياً مقاطعتها للمعرض. وهذا هو الموقف الصحيح الواجب، نعني أن كل الدول العربية والإسلامية بلا استثناء يجب أن تقاطع هذا المعرض.

هذا الاحتفاء الفرنسي بـ"اسرائيل" في هذا الوقت بالذات هو استفزاز ما بعده استفزاز للشعب الفلسطيني ولكل العرب والمسلمين واستهانة بمشاعرهم، في الوقت الذي تمارس فيه "اسرائيل" كل هذا الإرهاب وترتكب كل هذه المجازر بحق الشعب الفلسطيني، يأتي هذا الاحتفاء الفرنسي بمثابة تكريم للإرهاب الصهيوني وتشجيع له، وبمثابة تقديم دعم سياسي ومعنوي صريح لـ"اسرائيل"، الأمر هو بالضبط كما قال محمد سلماوي الأمين العام لاتحاد الكتاب والأدباء العرب: "إن استضافة "اسرائيل" في المعرض والاحتفاء بها تأتي كأنها مكافأة للمعتدي والمحتل على وحشيته غير المسبوقة وتحد للرأي العام في جميع أنحاء الوطن العربي في ضوء ما تمارسه "اسرائيل" في قطاع غزة من حصار وحشي غير أنساني واعتداءاتها المتكررة عليه".

ثم أن ذكرى قيام هذا الكيان "الاسرائيلي" هي ذكرى اغتصاب وطن عربي، وهي ذكرى تاريخ طويل من الإرهاب قامت به "اسرائيل"، وبه استمرت حتى اليوم.

واحتفاء فرنسا الحار بهذه الذكرى ليس له من معنى سوى أنه تأييد لكل ما ارتكبته "اسرائيل" من مجازر وما اغتصبته من حقوق.

الرئيس الفرنسي ساركوزي يحلو له أن يكرر مقولته الشهيرة بأن "اسرائيل" هي "الدولة المعجزة"، وهذا أمر يخصه شخصيا، هو حر في أن يعتبر كياناً إرهابياً مثل هذا مثله الأعلى و"النموذج الأمثل" بالنسبة إليه.

لكن أن تطلب فرنسا من الدول العربية والإسلامية المشاركة في معرض يحتفل بالكيان "الاسرائيلي" وبذكرى قيامه ويفتتحه رئيس هذا الكيان "شيمون بيريز" مع ساركوزي، فهذا قمة الاستفزاز والاحتقار لمشاعر ومصالح العرب والمسلمين، وأي استفزاز واحتقار أكبر من أنهم يريدون من الدول العربية والإسلامية أن تحتفل معهم بالكيان الإرهابي هذا؟.

حين تقرر فرنسا الاحتفاء بـ"اسرائيل" على هذا النحو الفج على الرغم من علمهم التام بما يمثله ذلك من إهانة للعرب والمسلمين ومن علمهم بما سوف يثيره ذلك حتما من رفض واستنكار، فليس لهذا إلا معنى واحد، معناه أنه إذا كان على فرنسا أن تختار بين "اسرائيل" وحدها من جانب وبين كل الدول العربية والإسلامية من جانب آخر، فإنها تختار "اسرائيل"، وهذا هو ما فعلته بالفعل.

 لكل هذا نقول إن المقاطعة العربية الإسلامية الشاملة لهذا المعرض هي أقل موقف يجب اتخاذه، نقول هو أقل موقف لأنه يجب عدم الاكتفاء بالمقاطعة فقطـ يجب أن يتلو ذلك خطوات أخرى، وعلى سبيل المثال بعد هذا الذي فعلته السلطات الفرنسية، لا ينبغي دعوة فرنسا لأي معرض أو مناسبة ثقافية في أي دولة عربية وإسلامية.

9/3/2008