ما هي الحكمة بالضبط؟

السيد زهره - صحافي من البحرين

قرأنا أخبارا مفادها أن سوريا تعتزم، أو تفكر في دعوة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد إلى حضور القمة العربية في دمشق وإلقاء كلمة فيها!.

وبصراحة، إن صحت هذه الأخبار، فلسنا نرى لهذه الدعوة أي مبرر أو داع، كما لا نرى لها أي فائدة من وجهة نظر المصلحة العربية.

بداية، نعلم جميعا أن القمة العربية نفسها هي على كف عفريت، وأن مشاكل كثيرة تحيط بانعقادها، فحتى هذه اللحظة، لا نعرف كيف سيكون حال القمة؟.. من سيحضر ومن لن يحضر؟.. وهل سيكون بمقدورها أن تحقق شيئا إيجابياً حقا لمعالجة القضايا والأزمات العربية المتفجرة أم لا؟ والأمر الذي ليس خافيا على أحد أن كثيرين من القادة العرب لن يكونوا مرتاحين أبدا لحضور نجاد، فلماذا إذن، تضاف مسألة خلافية جديدة مثل هذه إلى قائمة الخلافات والمشاكل الكثيرة التي تواجه القمة؟.

الأهم من هذا أنه من ناحية المصالح والقضايا العربية، لا نرى أن هناك أي فائدة إيجابية ترجى من دعوة نجاد، بل العكس هو الصحيح، مع كل تمنياتنا بأن تكون العلاقات العربية الإيرانية في نهاية المطاف جيدة وأن تمضي على أسس وقواعد سليمة، إلا أنه في الوقت الحاضر بين الدول العربية وإيران مشاكل كثيرة معقدة لم تحل.

بعبارة أدق، لدينا في الوطن العربي، على المستويات الرسمية والشعبية أيضا، تحفظات شديدة، وانتقادات حادة لكثير من المواقف والسياسات الإيرانية الفعلية، هذه التحفظات والانتقادات العربية معروفة ومعلنة تفصيلا، ألا يكفي هنا مثلا ما تفعله إيران في العراق؟.. ألا يكفي إصرارها بكل السبل حتى هذه اللحظة على فرض سيطرتها ونفوذها الكاملين في العراق والسيطرة على مقدراته، وهو الأمر الذي لا يمكن إلا أن يكون على حساب عروبة العراق وعلى حساب المصالح العربية؟. ودعوة الرئيس الإيراني إلى قمة دمشق في ظل هذه الأوضاع، سيكون من شأنها أن تعطي انطباعاً خاطئاً عن حال العلاقات العربية الإيرانية ليس مفيدا لأحد.

من شأن هذه الدعوة أن تعطي الانطباع بأن العلاقات العربية الإيرانية هي على ما يرام ومن أحسن ما يكون، وأنه ليست هناك مشاكل، وليس هناك ما يقلقنا نحن كعرب من المواقف والسياسات الإيرانية، وليس هذا صحيحا كما قلنا ولا هو مفيد. هذا هو ما حدث بالضبط عندما تمت دعوة الرئيس نجاد إلى حضور قمة مجلس التعاون الأخيرة في الدوحة، استخدمت إيران هذه الدعوة للترويج على نطاق واسع بأنه لا توجد مشكلة في العلاقات مع دول المنطقة، وبأن مجلس التعاون يؤيد مواقفها وسياساتها.

وبصراحة أكبر، فإن حضور نجاد إلى القمة العربية سوف يعطي الانطباع بأن الدول العربية قد قبلت بالأمر الواقع الإيراني في العراق، وأيضاً بالنوايا الإيرانية المعلنة بالهيمنة في المنطقة، وهذا ليس صحيحا.

وإذن، من جميع هذه الأوجه، فإنه إذا كان هناك تفكير فعلاً في دعوة نجاد، فإن النصيحة المخلصة للمسؤولين السوريين هي: اصرفوا النظر عن هذه الدعوة، فلسنا نرى من ورائها فائدة، بل أن ضررها أكثر من نفعها.