ماذا بقي؟ وماذا ينتظر العرب؟

السيد زهره - صحافي من البحرين

وقف ديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي بجوار السفاح "أولمرت" رئيس وزراء الكيان "الإسرائيلي"، وقال على مسمع ومرأى العرب والعالم كله إن أمريكا لا يمكن أبداً أبداً أن تفكر في ممارسة أي ضغط من أي نوع على "إسرائيل" لمطالبتها بأي شيء، وأن "إسرائيل" حرة في أن تتخذ أي قرارات تراها فيما يتعلق بأمنها.!

وفصل في هذا بالحديث عن "الإرهاب" الذي تواجهه "إسرائيل"، يقصد بالطبع ما تعتبره أمريكا "إرهاباً" فلسطينيناً وعربياً.! هل من جديد هنا؟.

العالم كله يعلم أن أمريكا لم تمارس في أي وقت أي ضغط على "إسرائيل" وأنها لا تفكر ولو للحظة في ممارسة أي ضغط عليها. فما هو الجديد الذي جعل تشيني يقول هذا الكلام؟.

الجديد أن تشيني حين وقف بجوار السفاح وقال هذا، كان قد عاد لتوه من زيارته "للسعودية"، وأثناء وجوده هناك أعلنت "السعودية" "أن العاهل السعودي في حديثه مع تشيني طالب الولايات المتحدة بأن تمارس ضغوطا على "إسرائيل" لإجبارها على تنفيذ الاتفاقيات التي وقعتها مع الفلسطينيين ولكي توقف الاستيطان".

إذن، ماذا يعني بالضبط الذي قاله تشيني في هذا السياق؟.

يعني بداية أنه بالنسبة إلى أمريكا، فإن "إسرائيل" مطلقة السراح لها أن تفعل ما تشاء تحت دعوى "حماية أمنها"، لها أن تقتل وأن تغتال وأن تدمر وتحرق وأي شيء آخر مثل هذا، ويصبح هذا كله جائزاً ومقبولاً من الولايات المتحدة، وهذا هو ما تفعله "إسرائيل"، كل المجازر التي ارتكبتها في غزة تمت تحت دعوى "الدفاع عن النفس" و"حماية الأمن".

ويعني ما قاله تشيني ثانياً، أن "إسرائيل" ليست ملزمة بأي شيء على الإطلاق وهي تفعل ذلك، أي أنها ليست ملزمة لا بأي اتفاقات ولا بتطبيق أي شيء تم الاتفاق عليه كـ"خريطة الطريق" مثلاً أو غيرها، طالما أنها قررت أن عدم الالتزام بتطبيق هذه الاتفاقات هو ضرورة لـ "حماية أمنها".

وأن يقول تشيني هذا الكلام بعد المطالبة "السعودية" بممارسة ضغوط أمريكية على "إسرائيل"، معناه أنه للعرب أن يطالبوا بأي شيء كما يشاءوون، لكن في النهاية هذه المطالبات ليست لها بالنسبة إلى أمريكا أي وزن ولا تلقي لها بالاً.

بعبارة أخرى، للعرب أن يطالبوا أمريكا بالتدخل لوقف الجرائم "الإسرائيلية"، ولهم أن يطالبوا بالضغط على "إسرائيل" وبضرورة إلزامها بتطبيق الاتفاقيات، لهم أن يطالبوا بهذا، ولكن في نهاية المطاف، المبدأ الأول والأخير الذي يحكم الموقف الأمريكي هو أن لـ"إسرائيل" إن تفعل أي شيء تريد، شاء العرب أم أبوا، هذه هو معنى ما قاله ديك تشيني.

إذن، ماذا بقي بعد ذلك من آمال يمكن أن يعلقها العرب على ما اسمي زورا وبهتانا بـ "عملية السلام"؟.

ماذا بقي من آمال يمكن أن يعلقها العرب على أي دور أمريكي، لا نقول محايدا ولا نزيها، وإنما حتى متفهما ولو للحد الأدنى من المطالب العربية؟.

بداهة، لم يبق أي شيء يمكن أن يراهن عليه العرب، وإذن ما الذي ينتظره العرب بالضبط؟، نعني أن الصورة أصبحت واضحة الآن، لا مفاوضات، ولا تسوية، ولا دولة فلسطينية ستقوم، ولا موقف لأمريكا بعيدا عن موقف "إسرائيل"، فإذا كان لدى العرب موقف آخر غير التعلق بأوهام عملية التسوية، فماذا ينتظرون كي يعلنوه؟.