في الذكرى الخامسة لغزو العراق: الانتصار للمقاومة والهزيمة للغزاة

ماهر زيد الزبيدي

لا نريد أن نخوض بما حل بالعراق شعبنا وأرضا تاريخا وحضارة وقيما نتيجة الغزو والاحتلال الأمريكي البريطاني الصهيوني الفارسي الغادر، وإنما نريد الخوض بمؤشرات النصر التي أصبحت واضحة وضوح الشمس بأن العراق المبتلى بكل هذه النوائب وجراحه النازفة أن يهزم الوحش الإمبريالي ويجعله يفكر بالانسحاب عن أرضه الطاهرة يجر أذيال الخيبة والخسران.

فالمأزق الأمريكي ومشروعه الإمبراطوري الغاطس في وحل الهزيمة وكذلك مأزق عملاءه في وطننا وربما في كل العالم زاد من فرص النصر واقتراب موعده، فبعد أن ساعد العملاء والخونة بائعي الشرف والضمير ممن أسموا أنفسهم بـ"معارضة" وكذلك جيرانه المتربصين بالعراق ونظامه الوطني الشرعي بعد أن مثلت إيران الحقد والغدر السند الأهم لهذا الغزو، وبعد أن تحولت هذه المعارضة أداة رخيصة بيد الأمريكان والصهيونية وإيران، لكان الغزو واجه أكثر صعوبة وأكثر تكلفة، ولفكرت دولة الشر (العظمى) وقادتها القتلة المجرمون ألف مرة قبل الإقدام على هذا العمل البربري الهمجي، بمساعدة "قوات بدر" العميلة وكل ميليشيات العملاء والجواسيس المتربصين بالعراق وأهله، بالدخول مع القوات الغازية المحتلة والعبث بالبلاد وتدمير وسرقة كل شيء، بعد أن دخلت بغداد بأقل من شهر على بدء العدوان بدأت المقاومة العراقية الباسلة حربها على الاحتلال بكل ما لديها من قوة وعنفوان ووصلت إلى مرحلة لا يستطيع معها المجرم بوش المخبول أن يفرّق بين حقيقة مشروعه وانتصاره المزعوم.

إن عملاء الاحتلال بالعراق يتحملون المسوؤلية الأكبر عن هذه الحرب وكل مآسيها التي أصابت شعبنا الجريح بعد أن روّج هؤلاء الذين أتوا خلف دبابات المحتل ومارسوا القتل والاغتيال والتهجير والسرقة وغسيل الأموال والفساد المالي والأخلاقي، وبعد أن أقدموا على الاغتيالات سواء بالإعدام الوحشي لقادة العراق الوطنيين وعلى رأسهم شهيد العصر قائدنا ورمزنا المجاهد صدام حسين رحمه الله، أو بفرق الموت التي تشكل القوة الرئيسية للجيش الحالي و"مغاوير الداخلية" و"فيلق القدس" و"اطلاعات" الإيراني الذين يزرعون الموت والخراب وهتك الأعراض وتدنيس شرف الماجدات العراقيات في سلوك متعمد يستهدف النسيج الاجتماعي والقيمي لشعبنا العظيم، وكما يحصل اليوم وحصل على يد المجرم الطائفي "غانم القريشي" في ديالى الصمود والعز وزمر مقتدى الرذيلة والجهل، و"قوات بدر" قوات الغدر والخيانة.

اليوم وبعد اتضاح زيف ذرائع بوش وعصبته التي سيقت لتبرير الحرب والعدوان على العراق نجد أن الرأي العام الدولي انفض من حول الإدارة الأمريكية مما يشكل هزيمة أمريكية أخلاقية، الأمر الذي يحقق النصر وإلحاق الهزيمة بالغزاة الأمريكان وعملاءهم الأنجاس.

لقد قدم عراقنا العظيم خيرة أبناءه وقادته دفاعا عن أرض العراق والأمة العربية، مطلوب اليوم من كل البلدان العربية من حكامها ومن جماهيرها تقديم كل الإمكانات والدعم للمقاومة العراقية الممثل الشرعي للعراق، ومقاطعة عملاء الاحتلال وحكومتهم المنصبة في العراق بعد أن أعد العراقيين العدة لمقاومة ضاربة وطويلة أكدت مؤشراتها منذ البداية على استمراريتها إلى أن يتم طرد المحتل ويتحرر العراق، ويعود الوطن لكل العراقيين بلا طائفية ولا تعصب، يعود بوجهه العربي الإسلامي الأصيل.

ففي الذكرى الخامسة للعدوان الأمريكي الهمجي على عراقنا العظيم، يتمسك العراقيون بهويتهم العربية ويدافعون عن وطن شامخ وأبي غير قابل للقسمة، يهتف أبناءه الصابرين المخلصين العراق باق.. والاحتلال إلى زوال بعد أن أصبحت الصورة واضحة وفقا للمعطيات التالية:

1 - تساقطت رموز الحرب وصقورها في سياق الفشل الذي لحق بالغزو وأهدافه واتساع وازدياد الرفض للإدارة الأمريكية المجرمة والدعوة للانسحاب من العراق.

2 – اليوم المجرم بوش يغادر بالرفض والامتعاض بسبب سياسته الرعناء واقتصاده ينحدر، وإذا استمر بهذه السياسة الفاشلة وبعناده الأهوج فأنه سيجر اقتصاديات العالم معه إلى الانحدار قبل أن ينحدر هو إلى مزبلة التأريخ.

3 - باءت بالفشل كل أكاذيب أمريكا وعملاءها بـ(الديمقراطية) المزعومة و(العراق الجديد) من خلال ما يحصل اليوم من جرائم ضد أبناء شعبنا الصابر الصامد.

4 - لقد تم إسقاط المشروع الأمريكي-الإيراني-الصهيوني في العراق والمنطقة تماماً على أيدي رجال المقاومة العراقية المجاهدة بعد أن دمرته ومنعت انتشاره من أن يعم المنطقة والعالم.

5 - بدأ العملاء يعدون العدة للهرب إلى حيث أتوا بعد أن قتلوا وسرقوا ودمروا كل شيء في العراق وبعد انفضاح أمرهم وسلوكهم وخططهم السيئة.

6 - توحدت كل القوى العراقية والمثقفين العراقيين والعرب وكل الأحرار في العالم حول موقف إعلامي مقاوم واحد تجاه ما يجري على الأرض العراقية من قتل وتدمير، وانفراط عقد التحالف الطائفي المشبوه وبدأ العد التنازلي لسقوط "حكومة المالكي" العميلة رغم كل عمليات التجميل لإخفاء معالمها الشوهاء.

الغزو البربري استهدف البعث حزباً عربياً طليعياً، هو حزب الأمة، حزب الشعب، استهدفه فكراً وعقيدة وتنظيماً قبل كل شيء، ورغم ذلك بقي البعث صامداً شامخاً قاهراً أعداء الأمة بعد أن أركعهم وهزمهم وأفشل مشاريعهم بمقاومته المجاهدة التي يقودها اليوم شيخ الجهاد والمجاهدين المعتز بالله الرفيق عزة ابراهيم الدوري رعاه الله، تشاركه كل القوى الخيرة الرافضة للمحتل وعملاءه الأنجاس بعد أن تنكر الأوباش لكل الانجازات التي تحققت في العراق العظيم من قبل النظام الوطني الشرعي وفي كل مناحي الحياة الاقتصادية والسياسية والعلمية والزراعية والعسكرية والصناعية وغيرها.

أما في ظل الاحتلال فقد ساد الفقر والعوز والأمية وانتشار الأوبئة والمخدرات والجثث المجهولة الهوية والتهجير القسري وانقطاع الماء والكهرباء والأرزاق، وتفشي الفساد الإداري والمالي، وقصف دور المواطنين الآمنين بالطائرات البوشية وقتل الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ.

توقفت الحياة في كل شيء في (العراق الجديد) إلا في إعلام حكومة الاحتلال الكاذب وإعلاميوا الفتنة وبعض الإعلام الأمريكي المارق الذي يتحدث عن (دستور) مختلف عليه وبرلمان فاشل تافه و(ديمقراطية) أمريكية مزعومة، ديمقراطية الإبادة الجماعية للشعوب وما يسمونه (حكومة وحدة وطنية).

من كل ما تقدم فأن مواجهة الاحتلال الأمريكي البريطاني-الصهيوني-الإيراني للعراق تتطلب جهود وتضحيات كل القوى المناضلة من أبناء شعبنا الجريح، وساحة الصراع تتسع وتحتاج للجميع، وأن التحرير لا يأتي دون أن تتعزز المقاومة المسلحة، وتتسع لتشمل كافة أرجاء العراق لأنها السبيل المضمون للتحرير والتوحد، وهذا ما نشاهده اليوم من مقاومة شرسة لطلائع وعشائر الجنوب في عراقنا الصامد التي تتسابق مع طلائع المقاومة في الوسط والغرب والشمال، بعد أن أجبرت الإدارة الأمريكية على تعديل خططها والانتقال بسرعة من الحكم المباشر للعراق إلى إيجاد واجهة عراقية تابعة وعميلة تنفذ أهدافها وأغراضها التي استقدمت قواتها الضخمة وتابعيها عبر المحيطات من أجلها، بعد أن استعصى عليهم تحقيق أحلامهم المريضة، لقد أصبح العراق اليوم يشمخ عزاً وازدهاراً بمقاومته الجهادية، أصبح المواطن العراقي اليوم يأخذه الحنين لأيام النظام الوطني الشرعي، أيام الأمن والأمان والعدالة والكرامة والسيادة، يأخذه الحنين إلى أيام التآخي، أيام النخوة والغيرة والشيمة والتسامح، والتفافه حول حكومته وقيادته الوطنية الشرعية رغم الظروف الصعبة التي فرضتها الإدارة الأمريكية المجرمة وأذنابها من خلال الحصار الجائر والتلاعب بأسعار البترول بعد أن أوصلوه إلى ثماني دولارات للبرميل الواحد، والعدوان المستمر على شعبنا الأبي وما تحمله من جراءه، هذا الشعب الذي يرنوا اليوم إلى النصر والتحرير، هذا النصر الذي سيرسم مستقبل العراق الموحد بعيداً عن الطائفية والعرقية والمذهبية وهو آت وربما أقرب مما يتصوره البعض وإن غدا لناظره قريب.